منذ أن خيم ليل الاحتلال على فلسطين سنة 1984، والشعب الفلسطيني يتجرع الويلات والمعاناة التي لم يسلم منها أبناء الشعب من مختلف الحيثيات والمشارب ما بين قتيل أو معتقل أو مشرد.
وللتحسيس بهذه المعاناة ولتعريف العالم بحقيقة الصهاينة وعدوانيتهم، يخلد الشعب الفلسطيني ومعه كل الأحرار ذكرى الأسير الفلسطيني التي تصادف 17 أبريل من كل سنة انطلاقا من سنة 1974 تاريخ إطلاق سراح أول أسير فلسطيني من قبل قوات الاحتلال، وهو الأسير محمود بكر حجازي، في أول صفقة تبادل للأسرى مع سلطات الاحتلال، وذلك لتسليط الضوء على معاناة هذه الشريحة التي باتت تشكل أغلبية داخل السجون الإسرائيلية وتعتمدها كوسيلة لردع المقاومة والأصوات الفلسطينية الحرة.
تحتجز دولة الاحتلال الأسرى الفلسطينيين في 21 سجنا ومعتقلا تنتشر في مختلف أنحاء فلسطين سواء في الأراضي المحتلة سنة 1984 أو سنة 1967، وهذه السجون والمعتقلات هي: نفحة، وبئر السبع، وأنصار 3 وعوفر، وعسقلان، وكفاريونا، وشطة، وعتليت، والدامون، والمسكوبية، والصرفند، والجملة، والرملة، وأيالون، ونيتسان، ونفي تريستا، ومستشفى سجن الرملة، وهشارون، وهداريم، وتلموند، وأوهلي كيدار، وحوارة، ومجدو.
منذ انطلاق الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين تجرع أكثر من 800 ألف فلسطيني مرارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية، أي ما يقارب 25 % من إجمالي عدد السكان القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وفيما يلي جرد للأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية حسب أحدث معطيات نادي الأسير الفلسطيني:
– تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلية نحو عشرة آلاف أسير فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
– عدد المعتقلين الإداريين نحو 560 أسيرا، اثنان منهم أمضيا ما يزيد على أربع سنوات ونصف السنة. ويتم الاعتقال الإداري وفقا للأمر رقم 1229 لسنة 1988 وفقا للقانون الإسرائيلي، ويخول هذا الأمر القائد العسكري في الضفة الغربية بحبس فلسطيني لفترة أقصاها ستة شهور، قابلة للتجديد دون سقف محدد.
– عدد المعتقلين الأطفال 389 طفلا يتوزعون على عدة سجون، تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاما، من بينهم أكثر من 54 طفلا لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة عاماً. و139 أسيرا طفلا صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدد متفاوتة.
– مع بداية العام 2009 تزايدت الهجمة على الأطفال ما بين سن 12 و18 حيث بلغ عددهم 400 أسير، أفرج عن غالبيتهم.
– منذ انطلاق الانتفاضة الأولى اعتقلت قوات الاحتلال ما يقارب 10 آلاف امرأة فلسطينية، وقد عوملت جميع المعتقلات معاملة قاسية، في أماكن لا تليق بهن، بالإضافة لتعرضهن لمعاملة مهينة لا تمت للإنسانية بصلة، من تفتيشات استفزازية وشتائم تحط من الكرامة، واقتحامات للغرف دون سابق إنذار، ومصادرة الأغراض الخاصة.
لقد باتت قضية الأسرى الفلسطينيين من القضايا العربية الراهنة والملحة التي تقض مضاجع الأمم والشعوب والحكومات وتؤرق ضمائرهم، وتستمد القضية أهميتها انطلاقا من الظروف التي يكتوي بلظاها السجناء في ظل صمت مقيت وتواطئ مفضوح لمنظمات وهيئات حقوق الإنسان، والازدياد الملحوظ للمعاناة والوفيات داخل السجون الإسرائيلية التي عرفت في الآونة الأخيرة والتي من أهمها:
– استمرار ظاهرة الاعتقال الجائر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني الأبي من طرف الكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يتورع عن اعتقال حتى الأطفال الصغار.
– اتساع دائرة الانتهاكات الصارخة لحقوق الأسرى، من خلال أساليب التعذيب المختلفة الجسدية والنفسية التي يمارسها الاحتلال في حق الأسرى والأسيرات من مختلف الأعمار والتي تتنافى واتفاقيات حقوق الأسرى والمعتقلين.
– ارتفاع عدد الحالات المرضية بين الأسرى يوميا وفي كافة السجون والمعتقلات نتيجة الإهمال الطبي المتعمد للأسرى، فقد وصل عدد الأسرى المرضى إلى أكثر من 1100 أسير يعانون من أمراض مختلفة ومزمنة من مثل أمراض الكلى، والسرطان، السكر، والقلب، والشلل، وفقد البصر، وقد أدى الإهمال الطبي في كثير من الحالات إلى استشهاد بعض الأسرى المرضى.
– ارتفاع الحركة الاحتجاجية التي يقوم بها الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية من أجل انتزاع الحقوق ورفض الاعتقال، والتي كان آخرها معركة الأمعاء الخاوية التي انطلقت سنة 2011 من أجل إنهاء العزل الانفرادي وإعادة التعليم الجامعي ووقف سياسة تكبيل الأسرى خلال الزيارات، ووقف سياسة العقوبات الجماعية مثل الحرمان من زيارات الأهل.
– استمرار الصمت تجاه قضية الأسرى والأسيرات من طرف المؤسسات الدولية التي تدعي حمايتها لحقوق الانسان والسجناء، ناهيك عن الصمت العربي الرسمي الذي يشجع الكيان الصهيوني على الاستمرار في فتكه بالشعب الفلسطيني.
هؤلاء إذن هم الأسرى الفلسطينيون الذين اكتظت بهم السجون الإسرائيلية فذاقوا ويلات العذاب هم وعائلاتهم، وهم يواجهون بطش الجلاد الصهيوني وقسوة سجونه، فارتقى منهم المئات من الشهداء وهم يدافعون عن عزتهم وكرامتهم وحريتهم.
وختاما أقول: من الضروري التذكير بأن هذه السطور غير كافية للتحسيس بهذه القضية التي تعد من أهم القضايا المرتبطة بتبعات الاحتلال الغاصب الظالم، الذي يكتوي بلظاه الشعب الفلسطيني الأبي الذي أعطى للإنسانية دروسا في التحمل والصبر على الأذى في سبيل أن تبقى القضية الفلسطينية حية في النفوس والقلوب، لكن حسبي أن أسلط الضوء على قضية قد تختفي في ظل تنوع وتعدد واجهات التنكيل التي ينهجها الصهاينة من تقتيل وتشريد واستيطان وتهويد وحصار.. لأقول لمن يقرأ كلماتي هذه إن هناك أسرى فلسطينيين ولهم ذكرى تسمى بذكرى الأسير الفلسطيني.