رمضان نسائم ورسائل.. ندوة عن مقاصد الصوم تخللتها مشاركات شعرية وفنية وقراءات

Cover Image for رمضان نسائم ورسائل.. ندوة عن مقاصد الصوم تخللتها مشاركات شعرية وفنية وقراءات
نشر بتاريخ

بثت قناة الشاهد الإلكترونية ندوة في موضوع “رمضان نسائم ورسائل” من تنظيم الهيئة العامة للتربية والدعوة لجماعة العدل والإحسان، في إطار بسط مقاصد الصوم، والتحفيز للتعرض لنفحات الشهر الفضيل، بمشاركة الدكتور محمد الزاوي عضو الهيئة العامة للتربية والدعوة لجماعة العدل والإحسان، والدكتور حسن إزرال عضو لجنة التربية والنصيحة وأستاذ جامعي. وقد تخلل هذه الندوة، التي أدارتها الأستاذة إلهام گميح، مشاركة شعرية للأستاذ الداعية والشاعر منير ركراكي، ومشاركة فنية للفنان عبد المغيث المجناوي، فضلا عن قراءات قرآنية للقارئين محمد بهلافي الذي افتتح بصوته، وسعيد علامة الذي ختم فقراتها.

واعتبر الدكتور حسن إزرال في كلمته أن القرآن الكريم يحدد مقاصد الصوم من خلال الآية الكريمة شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآن، موضحا أن الله قد كتت الصيام على عباده، في هذا الشهر الذي هو شهر التقوى، والهدف هو تحقيق معنى وهو التقوى.

هذه التقوى يقول المتحدث، جاءت في الأحاديث التي يفسرها قول سيدنا على كرم الله وجهه: “التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل”. معتبرا أن هذه المعاني يحققها الشهر الكريم.

فالمعنى الأول الذي يتبادر من هذا المعني، هو الخوف من الله عز وجل، فحينما يصوم الإنسان الصيام المطلوب والمشروع الذي جاء به المقصد الأول من الآية الكريمة، فيجب أن نفهم أن هذا الكتْب من الله عز وجل، وهذا الفرْض كان سابقا على الأنبياء والرسل، وكُتب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبَيَّن القرآن أن غاية طلب الصوم هي التقوى، فكيف نصبح متقين نخاف من الله عز وجل؟ يقول إزرال متسائلا.

وتابع: هذا الخوف يحققه رمضان لأنك حينما تصوم تكون في علاقة بينك وبين ربك، لا يرى أحد صومك إلا هو، فهو بذلك سر من الأسرار بينك وبين ربك، ومن خلال هذا المعنى يتحقق هذا الخوف والعمل لله دون النظر إلى الناس، وهذا لا يتحقق إلا في شعيرة الصوم، وإذا كانت معظم الأعمال ظاهرة، فإن أعمال الصوم باطنة لأنها قلبية، ولهذا لا بد من تجديد النية في هذا الأمر.

ويرى إزرال أن تعريف الناس بهذه المقاصد ابتداء؛ يساعد على الإقبال على الله وعلى فهم ما يريده منا الدين، لأن الدين إسلام وإيمان وإحسان، والناس في الصوم على مراتب من تلك المراتب، وعلينا أن نرجع إلى الصيام بمقام الإيمان والإحسان، وهذه التقوى مطلوبة وإذا لم تتحقق يكون صيامنا ناقصا أو منقوصا، وعلينا تدارك الأمر بهذا المعنى.

أما الدكتور محمد الزاوي، فقد انطلق من سؤال “كيف نجعل من رمضان فرصة للتقرب إلى الله عز وجل؟” ليوضح أن الله تعالى يتعرض إلى عباده بنفحات في أيام دهرهم ومواسم الخير، معتبرا أن الأيام والأعمال تشر بشرف الزمان وشرف المكان والأحوال.

وأشار إلى أن من الأزمنة المباركة شهر رمضان المبارك، الذي جعله الله تعالى فرصة للمؤمن لكي يترقى في مدارج القرب عنده سبحانه وتعالى.

وإذا استحضرنا هذه الآية الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أيَّاماً مَعْدُودَات. يقول الزاوي، فإننا نلحظ كيف أن الله تعالى يتودد إلى عباده أولا بالنداء والخطاب يَا أيُّهَا الذِينَ آمَنوا، ثم يحفزهم ويستنهض هممهم بذكر أيّامٍ معدُودَات، ولم يقل شهرا تخفيفا وتسهيلا، ويختمها بالمقصد الشرعي ولعلكم تتقون، أي رجاء التقوى.

فشهر رمضان يقول المتحدث، هو شهر يتضاعف فيه الثواب وتتضاعف فيه الأعمال، بل هو شهر يكسب فيه المؤمن بفضل الله أعمارا مديدة، وأياما عديدة، وذكر في ذلك ليلة القدر التي خير من ألف شهر، موضحا أن المؤمن لا بد أن يتعرض لهذه النفحات، ولا بد أن يستحضر أن هذا الشهر فرصة له كي يعقد العزم على التوبة إلى الله عز وجل وتكون له فرصة، كما يقول لبعض السلف، “إن الله عز وجل جعل رمضان مضمار سباق إلى طاعته” كما يقول الإمام حسن البصري.

وذكر الزاوي أن عددا من الأحاديث التي تتحدث عن فضل رمضان وفضل الصيام كثير جدا، موضحا أن القصد من تشريع العبادات هو أن يكون المؤمن والمسلم عبدا لله سبحانه وتعالى، ولا شك أن كل عبادة من هذه العبادات، تحقق لنا مقصدا ساميا من مقاصد هذه العبودية، إلا أن الله عز وجل اختص رمضان بهذا الاستثناء “إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”، فهي إضافة تشريف وتكريم لهذا الشهر المبارك، حتى قال أهل اللغة؛ سبب تسمية هذا الشهر بهذا الاسم هو من أصل “رمض” أي احترق، فيقول أهل الله عز وجل؛ “إذن المعنى من رمضان أنه فرصة لارتماض القلب من حر الشوق إلى الله عز وجل، ومن ارتماض الذنوب من حر التوبة إلى الله تعالى”. يقول الزاوي ثم يضيف: وكل هذه المعاني الدقيقة الرقيقة والمقاصد السامية، لا بد للمؤمن أن يستحضرها، ولا بد له أن تحفزه إلى أن يرقى وأن يكون صومه صوما كاملا لله سبحانه وتعالى.

وقد شارك الأستاذ الداعية منير ركراكي بشعر عن غايات الصيام ومقاصده ألقاها نيابة عنه الأستاذ سعيد مولاي التاج، جاء فيها:

أتانا شهر طهر واغتنام           فمرحى سيدي طاب المقام

طهارتنا متاب من أثام             وغنم كله في كل عام

تطهر يا أخي من الحرام          من النظرات من سم السهام

وحالقة تؤدي للطوام              لغل وانفصام وانتقام

جراحات الحسام لها التئام       ولا يلتام ما جرح لكلام

تراويح ووتر من قيام               بناصية التذلل والقيام

لنغدو بعد فجر في صيام       إلى الليل المسربل بالظلام …

وعرفت هذه الندوة فضلا عن المشاركة الشعرية للأستاذ منير ركراكي؛ مشاركة فنية بصوت عذب، للفنان عبد المغيث المجناوي، كما استمع المتابعون في النهاية إلى كلمة للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في شريط تحدث فيه عن شهر رمضان والتلازم بينه وبين القرآن الكريم. تلته قراءة قرآنية خاشعة مباركة للقارئ سعيد علامة كانت مسك ختام لفقرات هذه الندوة.