خصت الأستاذة السعدية الجغلالي الحلقة الثانية من برنامجها الخاص حول رمضان، والذي تبثه قناة الشاهد الإلكترونية، لعبادة “قيام الليل”، وكيف نستثمر ليالي هذا الشهر الكريم في تثبيت هذه السنة العظيمة. فيما يلي نص كلمتها:
بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات وتحصل النعم، الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لا يعلم.
والصلاة والسلام على الرسول المعلم والنبي الأكرم.
أحبائي في الله، فرصة ثانية من فرص رمضان الثمينة وهي قيام الليل.
نعم هي فرصة لنستثمرها في تثبيت هذه السنة الفاضلة، لا يستوي عند الله تعالى من يقوم الليل ويتضرع إلى ربه، ومن يمضي الليالي بالسهر والعبث والملاهي، قال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
رمضان فرصة لنناجي رب العالمين آناء الليل مدركين بذلك أوقات الاستجابة، ففي الليل ساعات لإجابة الدعاء، إذ يتنزل الله عز وجل في الثلث الأخير من الليل ليستجيب الدعاء ويفرج عن المكروب، ألا نستحيي من ربنا عز وجل وهو ينادينا: هل من داع فأستجيب له، هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له.
رمضان فرصة لنعوّد أنفسنا على هذه العبادة وعلى هذه الطاعة لأنها من أعظم الطاعات عند الله وأكثرها قربة من الله سبحانه وتعالى.
وهي سبب أيضا من أسباب دخول الجنة، ففي الحديث الشريف: “أطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصَلّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام”.
رمضان فرصة لنتقرب من الله عز وجل، ولنيل المقام المحمود والمنزلة الرفيعة بقيام الليل، يقول الله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا.
رمضان فرصة لنجتهد في تحصيل الخشوع في صلواتنا، لأن صلاة الليل زيادة في الخشوع والتدبر فهي من أفضل الصلوات بعد الصلاة المفروضة وأعظمها أجرا، وما شهر رمضان إلا فرصة لتثبيتها.
رمضان فرصة لندخل في زمرة المتقين بهذه السنة الفاضلة، سنة قيام الليل، يقول الحق عز وجل في كتابه الكريم: كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. أي كانوا كما قال الحسن البصري رحمه الله لا ينامون من الليل إلا قليلا، يقضون جل ليلهم في العبادة، يكابدون الليل في القيام والركوع والسجود.
رمضان فرصة لنقتدي بالحبيب صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة، فنكون من الشاكرين لله جل وعلا، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فيرق لحاله قلب أمنا عائشة رضي الله عنها، فكانت تقول له: يا رسول الله، هون على نفسك، لقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيرد عليها صلى الله عليه وسلم بقوله: “أفلا أكون عبدا شكورا”.
أحبائي، البِدار البِدار إلى قيام الليل، والحَذار الحذار من أن نضيع هذه الفرصة الثمينة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.