سر الوجود ومعنى العبودية

Cover Image for سر الوجود ومعنى العبودية
نشر بتاريخ

من أنا ومن أين وإلى أين ولماذا ؟

أسئلة ملحة لاشك راودت أذهاننا مرات عديدة، سألناها من حولنا في الصغر وربما واجهناها في الكبر، ونرجو الله ألا يكون منا من يصم الآذان عن سماع الحقيقة مشاركا في مؤامرة الصمت الفظيعة. والهدف من هذا الموضوع أن نعيد، من جديد، طرح هذه الأسئلة المشروعة المعقولة على أنفسنا متعاونين فيما بيننا لنجد الأجوبة السديدة الموفقة. ذلك أن سؤال الغاية من الخلق سؤال مصيري حري بكل عاقل لبيب أن لا يستكبر عن طرحه، ولا يمل من تكراره، عسى أن يفتح له الرزاق العليم فيدرك سر الوجود ويفقه معنى العبودية. و لا ريب أننا نتفق على أن الإجابات المقنعة هي مضمون خطاب رب العالمين للبشر، اصطفى لتبليغها رسلا كراما بررة، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، تعاقبوا على ترسيخ معنى التوحيد لله عز وجل. يقول الله عز من قائل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة 1

الإنسان ذلك المخلوق المكرم

كلنا ذاك الإنسان المبتلى الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ونعمه وكرمه على باقي المخلوقات بأن جعله مستخلفا في الأرض ليعمرها بالخير، وتلك هي الأمانة العظيمة التي حملها الإنسان بعد ما أبت السماوات والأرض ذلك.

هذا المخلوق الضعيف العجول الذي لم يكن سوى نطفة من مني تُمنى، ولن يصير إلا جثة هامدة في القبر تُطوى. هذا الكائن البشري ذي الأصل الترابي بعثه الله في الأرض وضرب له موعدا، هو يوم الحشر، لن يخلفه ليجزى الجزاء الأوفى.

ربنا جل وعلا خلق الإنسان من تراب ونفخ فيه من روحه حتى تزكو الروح وتسمو إلى أن ترجع إلى الرب نفسا مطمئنة راضية مرضية. ولكل إنسان أن يختار أي النهايات يرضى.

العبودية سر وجود الإنسان

يقول الله تعالى ملخصا سر خلق الإنسان وإنشاء الوجود:وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون 2 الله تعالى أوجد الوجود وهو غني عن كل موجود، لكنه سبحانه جعل العبادة أسمى وظائف خلقه، حيث وصف بها سبحانه ملائكته وأنبياءه، و نعت بها الصفوة من خلقه. يقول عز من قائل :إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين 3 فمن لم يكن من عباده كاد أن يكون من الغاوين نسأل الله العفو والعافية.

كيف أكون عبدا/أمَةً لله ؟

العبودية المقصودة هنا عبادة المحبة لله سبحانه وتعالى مع الخضوع والذل له عز وجل، وفيها يقول ابن تيمية رحمه اللهالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. فالصلاة والزكاة والصيام والحج، وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل وأمثال ذلك من العبادة) 4 أقوال وأعمال باطنة وظاهرة هي شعب للإيمان مختلفة تتضافر لتجعل لوجود الإنسان معنى يسعد به في الدنيا، ويلقى اللهَ عز وجل راضيا عليه في الآخرة.


[1] سورة النحل الآية 36
[2] الذاريات الآية56
[3] الحجر الآية42
[4] كتاب العبودية