“سي عبد الله”.. الرجل الطيب

Cover Image for “سي عبد الله”.. الرجل الطيب
نشر بتاريخ

يَغُصُّ دكّانه المتواضع بطلبة وطالبات المعهد الذي يقابله..

– “سي عبد الله مسمن وأتاي”.

– “سي عبد الله تعال عفاك قيّد الحساب”.

– “سي عبد الله انسيتني ولاّ؟”…

وهو يدور بخفة ونشاط بينهم، يُلبّي طلباتهم في بهجة تكاد تشرق من عينيه الصافيتين، وقلبه الوضيء يلهج بالدعاء الطيب لهم، كأنهم فلذات أكباده جميعا.

سبحان الله! كيف ينتقل العمل المُضني إلى عطاء خالص، حين تتخلله المحبة الصادقة.

سي عبد الله.. كاسمه تماما؛ إنسان متواضع في خلق نبيل، يُجسّد تمام العبودية لله عز وجل.

تلك العبودية التي ترفعك من سفح الدوابية المُغرقة في المادية التافهة.. إلى سنا الرّفعة والعزة والكرامة الإنسانية..

أيحسب الإنسان أنه يكون كامل الإنسانية إن سجد لغيره سبحانه وتعالى وأشرك به ما علم وما لم يعلم من مخلوقات وأهواء وأشياء وأشخاص، وهلم جرا؟!

أو يظن هذا المخلوق الذي شرّفه خالقه وأسجد ملائكته له وعظّم قدره عنده وسخر له كل ما خلق، أنه يفوز ويتحقق كمال وجوده وينال سعادته وهو منصرف عمّن خلقه كليّا أو جزئيا؟!

طامة الإنسان الكبرى أنه يبتغي السعادة في غير محلّها..

يدور ويدور حول نفسه وتفاهاتها وعبثيتها ويغفل بشكل أو بآخر أنه ما وُجد عبثا وإنما خُلق لغاية وهدف ومطلب..

متى استيقظت جوارحه وتنبهت حواسه وتفتحت عينا قلبه.. اهتدى إلى حقيقة من هو، وماذا يريد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وكيف يتناغم مع باقي خلق الله، وكيف يحقق سعادته المرجوّة ويبلغ ذروة السنام الوجودي..

حين يتحقق ذلك، فإن الخير يتدفق منه بلا حدود ويصبح العطاء لازمة له، ويصبح الحبّ أسمى أخلاقه..

لله درّ سي عبد الله.. كيف وجدت الطيبة إلى قلبه السبيل، فأينع وجاد بكل ما أكرمه الله به من خيرات خبيئة فيه!