من الأحاديث النبوية الشريفة التي يتوق أي فرد منا أن يكون ممن تصدق فيهم؛ حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وكلنا يغبط ذلك الشاب والشابة اللذين نشآ في طاعة الله.
أبناؤنا وبناتنا اليوم يحتاجون إلى التربية بالنموذج الذي يذكرهم بالله تعالى ويكون ملهما ومعينا لهم لينشأوا على طاعته سبحانه.
ومن الشخصيات التي تستحق أن تكون نموذجا لبناتنا خاصة؛ سيدتنا أسماء بنت الصديق أبي بكر، شقيقة الحبيبة اللبيبة أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها. هي شابة من زمن النبوة، من أوائل من آمنوا برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كيف لا وقد تربت في كنف الصديق أبي بكر، بايعت سيدنا رسول الله على الإيمان والتقوى، ورثت من أبيها بلاغته ومروءته والكثير من شمائله الزكية.
مواقفها كثيرة في خدمة دين الله تعالى جعلتها من أجل وأكثر النساء رسوخا في أذهان المسلمين، وقد قُرِن اسمها رضي الله عنها بهجرة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان لها نصيب كبير في نجاح تلك الرحلة من مكة إلى المدينة، بل من دائرة الظلم والباطل، إلى باحة النور والحق.
قدمت الشابة الصغيرة خلال هذه التجربة، صورا جميلة من العطاء والصدق والتفاني في المهمات الموكولة إليها عبر:
– تحملها المسؤولية في غياب والدها الصديق رضي الله عنه، إذ كانت كبرى إخوتها، فلعبت دور الراعي في بيته رغم صغر سنها، وقامت بالمحافظة على السير العادي للحياة داخل المسكن، بل حتى على خصوصيته، بإيهام جدها أبي قحافة عندما جاء ملقيا لومه على ولده الصديق أن ترك الصغار بلا معيل، فقامت بحنكة وسرعة بديهة بحيلة وضع الأحجار في كيس وغطته بقماش، ليتحسسه الجد الذي كان فاقدا لبصره ويظن أن به مالا فيسكن روعه، والحقيقة أن الصديق رضي الله عنه لم يترك لا قليلا ولا كثيرا في بيته.
– وقوفها شامخة كالجبل في وجه صناديد قريش، الذين أتوا سائلين عن الصديق ووجهته، فلم يهلها صراخ أبي جهل أو ترهيبه لها، وحتى لطمه إياها، إذ قامت بإخفاء سر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم واتجاه رحلته.
– بذلها وخدمتها، حيث أعطت الشابة في سبيل تلك الهجرة كل استطاعتها من تسخير للوقت وتجهيز للطعام وإعداد للسقاء، ووهب حتى لنطاقها الخاص لربط الزاد.. فكافأها المولى عز وجل برباطين في الجنة، فكان تتويجا لمجهودها وجهادها ووساما لها من فوق سبع سماوات.
فلتكن ذات النطاقين وغيرها من النماذج محفزا لنا ولشبابنا وشاباتنا على تسخير الجهد والوقت والقوة في كل ما يمكن أن يفيد دعوتنا، من علم نافع يصاحبه عمل متقن، وكذا تفان في خدمة دين الله تعالى بصدق وعلو همة.