بقلم: مصطفى العلام
منذ حوالي 75 سنة، والشعب الفلسطيني يعيش تحت نار احتلال الكيان الصهيوني لأرضه، وهو بالمناسبة أقدم وأفظع احتلال شهده التاريخ البشري في العالم بأسره، على اعتبار أن الغرب وعلى رأسه بريطانيا كانا وراء زرع هذا الكيان العنصري في أرض فلسطين السليبة، واستمرا في تقديم الحماية والدعم له ليتمادى في جرائم القتل والتهجير والاعتقال والتنكيل والاستيطان والتهويد وهدم البيوت وتدنيس المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية و… كما أن بعض الحكام العرب خانوا الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك، وعقدوا اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال الصهيوني هدفها تصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بالأمر الواقع وكسب بعض المكاسب الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية. وأمام هذا الوضع تُرك الشعب الفلسطيني لوحده يواجه اعتداءات الاحتلال الصهيوني على أمل أن يستسلم ويعترف بالأمر الواقع، ولكن هيهات هيهات لشعب فريد لا مثيل له.
فقد استطاع الشعب الفلسطيني الوقوف في وجه المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى احتلال جميع أرض فلسطين وطرد السكان الأصليين، وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم. والخلاصة هي أننا أمام شعب مقاوم بالفطرة وفريد في مقاومته، نستطيع أن نتمثل كل ذلك من خلال صور ومواقف نعرضها كما يلي:
ـ شعب غزة المقاوم: هذا الشعب محاصر برا وبحرا وجوا، وهدمت البنية التحتية من خلال العديد من الحروب الظالمة منذ سنة 2006م، ومنع من كل أدوات ووسائل التصنيع أو الاستثمار أو البناء أو التطور، وتحصى في القطاع أيضا أنفاس الخارجين منه والداخلين إليه سواء من جانب الاحتلال أو من جانب النظام المصري… وكل ذلك أملا في ثورة شعب يتوق إلى الحرية والعيش الكريم ضد المقاومة الباسلة التي فرضت معادلة توازن للرعب مع جيش الاحتلال على الرغم من قلة الإمكانيات. لكن هذا الشعب الأبي لا يزيده كل ما سبق ذكره إلا إيمانا بقضيته وتمسكا بمقاومته ويقينا في وعد الله بنصره.
ـ سكان القدس المحتلة الشجعان: يعيش أهلنا في القدس المحتلة أنواعا أخرى من جرائم الاحتلال الصهيوني تتمثل في التهويد وهدم البيوت واقتحامات المسجد الأقصى وسحب الهوية المقدسية وطرد السكان الأصليين والاستيلاء بالكامل على أراضي عائلات فلسطينية… وكل ذلك أملا في مغادرة المقدسيين لأرضهم وممتلكاتهم لتصبح مدينة القدس ـ كما يحلم الصهاينة ـ عاصمة أبدية لدولة الاحتلال الصهيوني الغاشم. لكن خاب سعي الاحتلال الصهيوني لأن المقدسيين ينتمون إلى شعب فلسطين العظيم والفريد من نوعه، وخير مثال على ذلك هو ما قام به الشهيد ‘خيري علقم’ في العملية الأخيرة في القدس المحتلة، وهو وأسرته يعلمون علم اليقين أن البيت سَيُهْدَم وَتُسْحَب هويتهم المقدسية… لكن كل إجراءات الاحتلال لا تزيد المقدسيين إلا تشبتا بأرضهم وبالقدس عاصمة لدولة فلسطين بعد طرد الاحتلال منها، ونسأل الله جلت قدرته أن يجعلها عاصمة للخلافة الثانية الموعودة كما نصت على ذلك بعض الأحاديث الشريفة.
ـ سكان الضفة الغربية الأبطال: أما سكان الضفة الغربية فليسوا استثناء حيث إنهم يَتَصَدَّون لجرائم الاحتلال المتمثلة في الحصار وهدم البيوت والاستيلاء عليها وعلى الأراضي والاستيطان الظالم وتدنيس المقابر… ورغم كل هذه الجرائم فإن سكان الضفة الغربية يحتضنون المقاومة في نابلس وجنين. وهم بذلك يضربون لنا المثل الواضح واليقين المطلق في أن الصراع مع الاحتلال الصهيوني لن تحسمه إلا المعركة الأخيرة مع اليهود الغاصبين للأرض حيث يُنْطِقُ الله الشجر والحجر إلا الغرقد كما جاء في الحديث الشريف.
ـ أطفال فلسطين الرجال: وهنا أستحضر صورتين لأطفال فلسطين انتشرتا في وسائل التواصل الاجتماعي عبر العالم. الصورة الأولى لطفل فلسطيني صغير يقف أمام جنود صهاينة وهو يحمل العلم الفلسطيني ويرشق الجنود بالحجارة، والصورة الثانية لفتى فلسطيني عمره ثلاث عشرة سنة يواجه نيران الاحتلال الصهيوني الغاشم في عملية يهابها الكبار. فرغم جرائم الحرب التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون حيث يحرمون من حقهم في التعليم وتقصف مدارسهم وتهدم فصول الدراسة فوق رؤوسهم، ويعتقلون في الطرقات ويزج بهم في السجون… وكل ذلك فيه مخالفة صريحة للمواثيق الدولية ومبادئ الإنسانية. ورغم كل هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في حق الأطفال الفلسطينيين الأبرياء فإنهم يمثلون لنا وللعالم أجمع صور فريدة لأطفال ينتمون لشعب فريد، ويفتحون لنا بذلك باب الأمل في أن نصر الله قريب وأن الاحتلال الصهيوني إلى زوال بإذن الله.
ـ نساء فلسطين أمهات الشهداء: ونختم بنساء فلسطين أمهات الشهداء في غزة والقدس والضفة الغربية وأمهات الأطفال الرجال، فلولاهن ما كان شعب فلسطين فريدا من نوعه. وصورة عظمة نساء فلسطين أمهات الشهداء واضحة وضوح الشمس في أحد الفيديوهات المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي لأمهات من فلسطين يقدمن أنفسهن وهن مبتسمات فرحات بتقديم شهداء من أبنائهن للدفاع عن أرض فلسطين الأبية، بل إن كل واحدة منهن أصبحت تعرف باسم ابنها الشهيد وليس باسمها المعروف. ونساء فلسطين أمهات الشهداء يؤكدن بهذا الفعل على أنهن يلدن جيل التحرير الكامل لأرض فلسطين السليبة.
شعب فلسطين العظيم: فبعد أن دفنا رؤوسنا في الرمال لما فعله حكامنا من عقد اتفاقيات تطبيع مذلة مع الكيان الصهيوني المحتل، ها أنتم ترفعون رؤوسنا من جديد أمام شعوب العالم.
فلكم منا تحية تعظيم وإجلال ومحبة لكل شعب فلسطين الأبي، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو القدس أو الشتات. فوالله لن يخذلكم الله أبدا، فامضوا لما أمركم الله به فلن يضركم تخاذل المتخاذلين أو تطبيع المطبعين، فأنتم الطائفة المنصورة بإذن الله كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي قائِمَةً بأَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، أوْ خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ علَى النَّاسِ.) صحيح مسلم، رقم: 1037.