شهيد جديد يسقط في المغرب وبالضبط في مدينة الحسيمة، عروس المتوسط المغربية كما يسميها الكثيرون، وفاجعة جديدة تهتز لهولها الجبال الراسيات، إنها حادثة طحن المواطن المغربي “محسن فكري” في شاحنة للأزبال بعد مصادرة أسماكه، بطريقة مروعة وصادمة لكل المغاربة وكل الفضلاء، لتنطلق شرارة الاحتجاج في كل مدن المغرب تضامنا مع محسن ومي فتيحة وأحمد أعراب… وكل ضحايا الوطن.
فاجعة الحسيمة ليست هي الأولى في نوعها ولن تكون الأخيرة في وطن كثرت جراح فقرائه ومستضعفيه وآلامهم، فما زالت الذاكرة تحتفظ بصور “مي فتيحة” شهيدة القنيطرة التي أحرقت نفسها بعد أن هضمت أبسط حقوقها، دون أن ننسى التلميذ “أحمد أعراب” الذي وجد في حبل الانتحار خير مخلص من واقع بئيس، وشهداء حركة 20 فبراير بمدينة الحسيمة، وشهيد الحركة بمدينة آسفي “كمال عماري”… فلا نكاد نضمد جرحا حتى يفتح نزيف آخر أشد ألما منه، ليكون الضحية هو الوطن أولا وأخيرا.
ما وقع لـ”محسن فكري” صورة معبرة عن واقع الفساد والتسلط والظلم الذي يكتوي بلظاه المواطن البسيط، المهضوم الحقوق، المنزوع الكرامة غصبا، كما أنه تجل طبيعي لاستمرار سياسة القمع والإرهاب التي تمارسها الأجهزة الأمنية في حق المواطنين البسطاء.
ما وقع لـ”محسن فكري” جواب بليغ عن مكانة وقيمة الإنسان المغربي داخل هذا الوطن، ورسالة واضحة لكل من سولت له نفسه أن يطالب بحقه في العيش الكريم في أبسط تجلياته، كما أنه دليل واضح على استمرار سياسة المخزن القائمة على الاستبداد والفساد والتفقير والتجهيل والحرمان من أبسط حقوق العيش الكريم.
ما وقع لـ”محسن فكري” جرح غائر، وجريمة نكراء، وإهانة للوطن المفروض فيه حماية جميع مواطنيه ومعاملتهم بكامل الاحترام والمواساة، دون تمييز أو انحياز لجهة دون أخرى.
ما وقع لـ”محسن فكري” رسالة لكل من يصرخ هنا وهناك، ويطبل هنا وهناك، بمغرب الحقوق والحريات، وبأن “العام زين” ، مضمونها بأن الوضع كما كان بل ازداد قتامة وسوءا وتدهورا.
ما وقع لـ”الشهيد محسن فكري” فعل إجرامي وسلوك مرفوض، يستوجب العقاب والقصاص من مرتكبيه ومنفذيه، فعل لا يكفي فيه الوعود من طرف المسؤولين بفتح تحقيق عميق، لأن كل المغاربة يعلمون مصير التحقيقات التي فتحت والتي لم تغلق لحدود الساعة، فهل سيكون مصير ملف الشهيد محسن فكري، مشابها لملف مي فتيحة وكمال عماري؟
ما وقع لـ”محسن فكري” دعوة لجميع الشرفاء والفضلاء والعقلاء من أجل الاتحاد حماية لشباب ونساء وشيوخ هذا الوطن من المفسدين والمجرمين والسفهاء، فما ضاع كثير وما بقي حتما سيضيع إن لم يضع بعضنا يده في يد بعض حماية للوطن وحبا فيه.
رحم الله محسن فكري شهيد الوطن، ورحم الله جميع الشهداء الذين قضوا نحبهم مطالبين بوطن العدل والكرامة والحرية، وطن لجميع المغاربة على حد سواء.