صبرا غزة العزة، صبرا فلسطين، أرض الأنبياء ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صبرا رغم الألم والمعاناة، صبرا رغم التجويع والتقتيل والتحقير، فأهلك صدقوا ما عاهدوا الله عليه ونصروه فأعزهم واصطفاهم وجعلهم في الطليعة يقاومون أعداء الله الصهاينة، قتلةالأنبياء، الذين يتباهون بمجازرهم البطولية في حق النساء والأطفال، أملا في تطهير عرقي واجتثاث لنسل هذه الأرض المباركة، لأنهم يعون جيدا الدور المهم الذي تلعبه النساء في تغيير الواقع والتصدي لمكائدهم ودسائسهم؛ فهن تربين على تحمل المسؤوليات العظام بروح الإخلاص لله والخوف منه، فلم يدعن في أنفسهن قوة إلا ضاعفنها، فأصبحت همتهن تتجاوز الأفق الضيق المحدود المرتبط بمشاكل الحضيض اليومية والاهتمام بالشأن الخاص المفروض عليهن، لتتطلع لاقتحام مجالات جهاد البناء والتغيير حاملة مع الحاملين والحاملات رسالة الإسلام وكلمته إلى العالم، بأن الحق سينتصر وأن الباطل مهما طال فهو إلى زوال، وخير دليل ما يحدث في العالم من وعي بالقضية الفلسطينية، ومن تنديد وثورة على الوحشية النازية الصهيونية. فهنيئا لكل الغزاويات، هنيئا لهن نجاحهن بجدارة في صناعة رجال المقاومة الأبطال الذين قهروا الغاصب المحتل وآلموه في عقر داره، وأروه بسالة المجاهدين الأشاوس، أحفاد صلاح الدين الذين غيروا التاريخ وأحيوا الأمة بدمائهم. هذه الأمة التي قال فيها تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران، 110]. فخيريتنا كأمة إسلامية مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الواجب الذي تشوه معناه مع قرون الانحطاط في ضمير المسلمين، وتقلص إلى أمور هامشية متروكة فيها المبادرة لبعض ذوي الغيرة في بعض المواقف والأحيان. أنتم يا أهل غزة أعدتم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معناه الحقيقي، ومن جميل المعروف الذي قمتم به؛ بعث روح الأمل في هذه الشعوب المكلومة المقهورة، فانتفضت ضد ظلم الصهاينة، وضد كل أخرس عن الحق، لأن الصمت يعد منكرا يجب تتبع جذوره التي نبتت في أرض الجاهلية وتفرعت في أراضينا، واقتلاع شجرته من أصلها.
أما جهادكم ضد المنكر المتمثل في مقاومة الاحتلال الغاشم وفضح هشاشته ونسف أسطورته، رغم عدته وعتاده، فيثمن معروفكم، ويجعلكم قدرا من قدر الله للحفاظ على خيرية هذه الأمة، ويقيم الحجة على كل خانع متقاعس يُفعل به ولا يَفعل. فقد نجحتم في اختباركم بصمودكم الأسطوري رغم الخذلان من جهة والتواطؤ وازدواجية المعايير من جهة أخرى. ويبقى التساؤل حول نتيجة اختبار كل واحد يعايش هذا التكالب. يقول الله عز وجل: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا [النساء، 75]. ينصر الله من يبذل الجهد ويعد القوة ويقدم على التنفيذ مع التوكل عليه والخشوع الدائم بين يديه. ويلزم الأمة بنصرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من ظلم جبابرة القرى وطغاتها.
صبرا أهل غزة فقد أضفتم إلى عقد تاريخكم المجيد لؤلؤة نصر عظيم، يوضح جليا لكل مطبع مع المغضوب عليهم أنما هو ساذج واهم، إن انتظر أن يأتيه خير من قوم لا وفاء لهم بالعهود والمواثيق، وأنها مسألة وقت وتدور عليه الدائرة.
صبرا غزة فتباشير الصبح قد بدأت بالبزوغ، وإن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب.