أما الأستاذ عبد الإله بلقزيز فقد هاله الإنتاج الغزير والمتنوع والعميق للأستاذ ياسين، وقال: “هذه الغزارة في الإنتاج واكبها اهتمام منه بمختلف القضايا والتحديات الفكرية والسياسية: المزمنة والطارئة، الأمر الذي جعل من نصوصه كتابة حيّة متواصلة مع أسئلة جمهوره السياسي العريض لا مجرّد تعاليم سياسية محنَّطة.
وإذ يلحظ القارئ في نصوص عبد السلام ياسين عمقاً وجاذبية نادرتين، تكشفان عن موسوعية معرفية حقيقية: أصولية وحديثة، يستطيع أن يفهم تلك الكاريزما التي حاطت بشخصيته لدى مريديه، والتي لا يمكن ردُّها فقط إلى التضحيات التي قدَّمها (السجن مرتين، الإقامة الجبرية منذ عشر سنوات)، لأن كثيرين قدموا أضعاف تلك التضحيات دون أن تكون لهم قامة ياسين في وعي جمهورهم، ولا أن يكسبوا الاعتراف من خصومهم نظير الذي كسبه ياسين من خصومه: في السلطة وفي المجتمع” 1.
وعن منهجية التفكير والكتابة عند الأستاذ ياسين يقول بلقزيز: “تطغى في كتابات عبد السلام ياسين مسحة راديكالية حَدِّية عزَّت لها الأشباه لدى أكثر المفكرين والسياسيين غلوّاً في الوطن العربي، ومن مختلف المشارب والاتجاهات! وهي راديكالية ذات قاعدة عَقدية، وليست محض خيار سياسي. فنصوصه تميل إلى تحكيم الثوابت والمبادئ، وعدم المساومة عليها تحت أي ظرف، باعتبارها أصولا شرعية غير قابلة للتقليب والتكييف. ولا يعني ذلك، بحال، أنه لا يطأ أرض السياسة وفلسفة الواقع والممكن، بل هو منغمس فيها أشدّ الانغماس، ويتقن جيّداً إدارة شؤونها: من بناء نموذج نادر للتنظيم (المنهاج النبوي) إلى فتح الحوار مع الحداثيين (حوار مع الفضلاء الديمقراطيين)، غير أنه يخوض في بحر السياسة مسترشداً ببوصلة عقدية لا يحيد عن إشارات توجيهها.” 2
ويختم بشهادته في حق الثروة العلمية التي تركها الرجل بقوله: “مكَّن ياسين الحركة الإسلامية من مورد فكري وإيديولوجي لم يوفّر أحد من السياسيين المغاربة مثيلا له. بل نحن لا نتزيّد حين نقول بأن ما أنتجه من نصوص يمثل مادة مرجعية لكافة الحركات الإسلامية العربية لو أمكنها الاطلاع عليها” 3. ولعل هذه المرجعية بهذا العمق وهذه السعة هي ما تقصده السلطة بحصارها منذ 1974م إلى اليوم، وبمختلف الوسائل والأساليب.