صوتك أقوى مما تتخيل.. إنه مقاومة.. فلا تصمت

Cover Image for صوتك أقوى مما تتخيل.. إنه مقاومة.. فلا تصمت
نشر بتاريخ

هل تنفع القوافل؟ هل تجدي المسيرات؟ وماذا تفعل الوقفات؟ هكذا لا يكف البعض عن التساؤل في نَفَس يائس أو لهجة متخاذلة، وربما تحت تأثير حملات التثبيط المنظمة التي تريد أن تطفئ جذوة النصرة، وأن تقطع خيوط الارتباط بين الأمة والإنسانية وجراحهما.

لكن الحقيقة – لمن أراد أن يبصر – أن كل قافلة إنسانية، وكل وقفة احتجاج، وكل مسيرة غضب، وكل اعتصام صمود… هي أدوات نضال حقيقية، ووسائل مقاومة شعبية، وخطوط تماس في معركة الوعي والصمود.

إن العدو الصهيوني وداعميه يخشون الكلمة الحرة كما يخشون البندقية، ويحسبون ألف حساب لصوت الشعوب حين يعلو، وللغضب الجماهيري حين يفيض، لأنهم يعلمون أن هذه الأمواج المتتالية من التفاعل الشعبي إن تُركت تتراكم وتنتظم، ستصنع زلزالا يُسقط شرعيتهم الزائفة، ويحرك الأرض من تحت أقدامهم وأقدام حماتهم والمتواطئين معهم.

وما يخيفهم أكثر أن يروا الشعوب وهي تخرج دون إذن، وتقول: “لا” رغم الصمت الرسمي، وترفع علم فلسطين رغم الحظر، وتهتف لغزة رغم أنف التطبيع… لأن ذلك يعني أن أنهم فشلوا في عزل غزة، وفي فصل الأمة والإنسانية عن قضية فلسطين العادلة، وفي إخماد جذوة الأمل في زوال الاحتلال.

وليس هذا التأثير محصورا في الجغرافيا العربية والإسلامية، بل يتسع صداه ليبلغ قلب الغرب نفسه، حيث تشهد عواصمه منذ أشهر أكبر انتفاضة ضميرٍ شهدتها العقود الأخيرة، من جامعات أمريكا إلى شوارع لندن وباريس وبرلين… مسيرات لا تنقطع، ومظاهرات لا تهدأ، تضع غزة في قلب المشهد، وتُسقط أسطورة الصهيونية المدللة في الغرب والمتسترة وراء أسطوانة المظلومية في الإعلام المنحاز المضلل.

وها هي سفينة “مادلين”، نموذج حي على ذلك، سفينة صغيرة لا تقل سوى 12 متضامنا غربيا، بلا سلاح، ولا إعلام كبير، فقط بحقيبة إنسانية وقلب نابض… لكنها وحدها أربكت الاحتلال، وأشعلت الإعلام، وجعلت من حصار غزة الحديث الأول في نشرات الأخبار، بل وأعادت رسم خطوط التفاعل في الرأي العام الغربي.

والأيام القادمة، مع قرصنة “مادلين” واختطاف ركابها، ستشهد انفجارا أكبر في الشارع الغربي، وسترتد الصورة عليهم: لا كـ”دولة” تواجه الإرهاب كما كانوا يضللون، بل كعصابة تخطف الأبرياء.

وما ذلك إلا ثمرة تراكم هذه الوقفات والقوافل والمسيرات، التي كسرت الجدار الحديدي للعزلة، ونسفت الجدار النفسي للصمت الغربي.

وفوق كل هذا، فإن هذه الأشكال النضالية ترسل رسالة لا تقدر بثمن إلى أهلنا في غزة والمقاومة الباسلة: أنكم لستم وحدكم. وأن خلفكم أمة تكافح، وقلوبا تخفق، وأصواتا تهتف، وأقداما تسير في الشوارع من أجلكم.

وما أعظم هذا الأثر في زمن الحصار والتواطؤ والتخاذل! فلا يثبطنكم المرجفون، ولا يُخذّلنّكم العاجزون، فالمعركة معركة وعي وصمود، ومن لم يملك السلاح، فليملك الصوت والموقف، والميدان هو أيضا سلاح.