بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه
عام هرج أم عام هجر
توطئة: “العبادة في الهرج كهجرة إلي” 1 قالها مَن لا ينطق عن الهوى “إن هو إلا وحي يوحى” قالها مَن يعلم عِلم يقين أن سيأتي زمان يُقتل فيه المرء عمدا، حِسّا ومَعنى، روحا ومَبنى؛ زمنٍ تكون فيه العبادة قبضا على الجمر، زمنٍ تتداعى فيه أُمَمُ الشرّ على أُمّةِ الخير.
فبشِّر مَن آثر الجهاد على القعود عِبادة، وآثر التهجّد والتبتّل على بنت الوسادة، وآثر الصّوم على التّخم والشّره جِلادة، وآثر الحلال على الحرام والشُّبه جُهده واجتهاده، وآثر حبّ الله الباقي والآخرة الباقية على حبّ الدّنيا الفانية سعادة؛ بشِّرهُ بالحديث الذي وطّأنا به لهذه القصيدة:
عام هَرْجٍ أم عام هَجْر
عام هرجٍ أم عام هجر بدأنا
قال من لم يفقه من الدين متنا
هجّروا أقواما نساء وطفلا
دمّروا أوطانا نفوسا وسُكْنى
نكّلوا بالشعب المهيض جناحا
هرجُهم قتل الناس حِسّا ومَعنى
هرجهم طغيانٌ غَشومٌ مُبير
كلُّ قطر في حكمه صار سجنا
هرجهم للأقصى بأقسى احتلال
غَصَب الأغلى واستباح وأفنى
أَسَر الأحرار النجوم اللآلي
باتهام الإرهاب زورا وظنا
هرجهم تكميمٌ وإسكاتُ صوت
كي يرى ما يخزي ويُسدل جفنا
لا يُدين العدوان جهرا لجبن
بل يُدين الإصلاح بالكِذبِ وهنا
وهْوَ دِرع للعَضّ والجَبر حصنٌ
بصفات الإنماء زعما يُكَنّى
هرجهم جهرٌ بالفواحش عهرا
مِنْ هوى خَبٍّ منهُ بالله عُذنا
برلمانات حُوِّلت ساح سرك
والشغوف المخدوع زكّى وأثنى
مهرجاناتُ السخفِ تُلهى البرايا
عن هُدَاهم والنذل غنى ليُغْنى
رغم ما عاشت في البوار شُعوب
لم تزل للظُلاّم عونا وحصنا
هرجهم أقذارٌ وأقدار ربي
ترتجي إحساناً يلي العدلَ منا
هجرنا علم والعلوم غِزارٌ
جلّ علمٌ بالله أصلا وأُكلا
هجرنا نور والضلال ظلام
فاستَنِر بالمبعوث واجعله خلاَّ
هجرنا إقدام ورشد اقتحام
خاب مَن ظنّ الأمن جبنا وبخلا
من أراد الدنيا وأخرى هوانٍ
مات مغبونا وارتضى العيش ذُلا
هجرُنا أعوام ستأتي بخير
قومةُ الأقصى كانتِ البَدْءَ فألا
قلةٌ لكن هجرهم كان حلا
ومتى كان الحلُّ في الخطب مُملى؟!
هجرنا شمس أو كبدرٍ منير
ناصحٍ وضاحٍ عِيانا تجلّى
هجرنا هجر المصطفى دار شرك
للتي سُرَّتْ بالمهاجر جذلى
طيبة أنعِم بالحبيبة حضنا
أهلُها غَنَّوا للمؤيد: “أَهلا”
مثلٌ في الإيثار يضرب دوما
حبهم للمختار شعشع بذلا
فضّلوا الأصحاب الكرام عليهم
خيّروهم دارا ومالا وأهلا
صل يا رحمان البرايا على مَن
فاق أخيار الخَلْقِ خُلْقا وفضلا
أحمد الهادي مَن لِهجرٍ دعانا
ونهانا عن فتنة الهرج قتلا
مَن أطاع المعبود في الهرج وافى
هجرةً معْ طه وَتُّوِّج فحلا
صَلِّ، سَلِّم، بارك وعُدَّ مِئاتٍ
فَبِها نجوى العبد تُقْبَل سُؤْلا
أَكْثِرَنْ فالمحروم مَن لم يزنها
هائِما بالأوفى جمالا وكَيْلا
[1] رواه مسلم في صحيحه عن معقل بن يسار- رضي الله عنه، دار الجيل بيروت 8/208. مِن معاني الهرج: القتل والفتن واضطراب الأمور.
[2] المعنى: الأسير والمعذب.
[3] تدنى: الخسيس، الذليل يتدنى حتى يحصل على ما يريد، تدنأ وأسَفَّ..
[4] الطغام: أراذل القوم.
[5] القين هو العبد.
[6] الغفل: من لا برجى خيره ولا يُخشى شره.
[7] النكس: الجبان.
[8] قوله تعالى: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار).
[9] الفسل: الأحمق.
[2] المعنى: الأسير والمعذب.
[3] تدنى: الخسيس، الذليل يتدنى حتى يحصل على ما يريد، تدنأ وأسَفَّ..
[4] الطغام: أراذل القوم.
[5] القين هو العبد.
[6] الغفل: من لا برجى خيره ولا يُخشى شره.
[7] النكس: الجبان.
[8] قوله تعالى: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار).
[9] الفسل: الأحمق.