عبد السلام ياسين عَلَمٌ بارز من أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة ومُفكّر متميّزٌ؛ الربانية والصدق والعلم والتواضع والشجاعة خصال أنعمه الله عليه بها ليكون منظرا لمشروع تجديدي تغييري وكاتبا له. منظماً إياه على منهاج النبوة على غير منوال من سبقوه من المنَظِّرين للعمل الإسلامي.
عبد السلام ياسين عُمْق رجُلٍ نادر يكتُب من دوَاة قلْبه ورُوحه، وبمِداد همِّه ودمِه، ليذُوب مع رسالته وقضيته مُستمدّاً من القرآن الكريم أصول بناء شخصيته إرادة وقلبا وعقلا. وبعدها تشييد مشروع مُنقذ للأمة يحمل آمال بنائها علما وعملا وجهادا. ولسان حاله يقول:
ألا من مسعف حولي
على أمر أحاوله
تيتم بيننا العدل
وكل الناس خاذله
هلموا ننكر الظلم
ننازله نقاتله
عبد السلام ياسين يتفرغ للكتابة بالليل وفي الثلث الأخير منه، لتكون كتاباته بذلك قياما وعبادة وتقربا من الله في الأوقات التي ينزل فيها جل جلاله إلى السماء الدنيا. يجيب المضطر إذا دعاه ويعطي مَن سأله، فكيف لا يكون من الموفقين المؤيدين المسددين؟
عبد السلام ياسين؛ غزارةُ عِلم كتابةً ومشافهةً ورجاحةَ فِكر وسيولة قلم ونصاعة رؤية، ليس كاتبا عاديا من أجل الترف الفكري أو إثبات اسمه، بل هو أكبر من ذلك وأجل، هو صاحب نظرية في التغيير، تغيير الإنسان قبل تغيير الأوطان بتوفيق من الله، لتربية أجيال من حملة المشروع، إفهاما للعقول وإسْماعا للفِطرة، إنها كتابات ذاكِرة مُذكّرَة من ذاكِرٍ مذكِّر، قائِمة شاهِدة من قائم شاهدٍ.
عبد السلام ياسين إمامٌ مجدِّدٌ حرِصَ على تطوير فكْرِه وتحْصِينه من التّحجُّر والانْغلاق قائلا: «ما كان قصدي ولا ينبغي أن يكون قصدي أن أقف حجر عثرة أمام أي كان، الآن وبعد الآن، فأمنعه من التفكير الحر في ما فيه مصلحة الناس، في ما فيه مصلحة المسلمين فرادى وجماعة. ليس لهذا العبد إلا تبسيط المنهاج، وتوصيل الفهم للناس. وعلى الناس – في زماني وبعد زماني، في هذه الجماعة وفي غيرها – أن ينتقدوا، وأن يحللوا، وأن يردوا، وأن يأخذوا، وأن يطوروا، وأن يحوروا، فذلك ما أريده» 1.
عبد السلام ياسين لم يكن رحمه الله مُقلدا لمن سبقه أو من عاصره، ولا مُستلهما من فيلسوف أو مفكر واحد فقط. بل إن التوفيق الإلهي ألهمه فهما غير مورث عن عصور ما بعد الانكسار التاريخي. جعله متفردا فيما نظر له في كتبه ومصنفاته. فاسترشد بمدرسة القرآن والنبوة بنصوصهما. وبسيرة الصحابة رضوان الله عليهم. واستثمر قراءته الفاحِصة لتراث اجتهاد علماء الأمة، وللنظريات والمشاريع الفكرية والسياسية الأجنبية. ليكتب في نظرية المنهاج النبوي بمجالاتها المتعددة. دون أن يحصر نفسه فقط في مجال تخصصه؛ التربية والتعليم، حين ألف في بداية سنوات الستينيات كتبا تعليمية وبيداغوجية، ومنها “كيف أكتب إنشاء” و”مذكرات في التربية” و”النصوص التربوية”، بل وبعد يقظته الروحية وفي بداية سنوات السبعينيات شرع في التأليف العلمي والدعوي بدءا من كتابي «الإسلام بين الدعوة والدولة» و«الإسلام غدا» الذين وضعا أسس مشروعه التنويري ثم كتاب «المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا»، الذي استلهم منه الكتابة في اتجاه يجمع بين الفكر والتنظير وتنظيم العمل الإسلامي، فكتب عن السياسة والاقتصاد وألف في الفقه الإسلامي، وفي الفكر الإنساني وفلاسفة الغرب، وفي مسير التاريخ الإسلامي من النبوة مرورا بالانكسار التاريخي ووصولا إلى الاستعمار وما صنعه من نخب مغربة.
عبد السلام ياسين لم يكن في كتاباته واصِفاً أو سارداً لما مضى أو مُحللا لما يجري، وإنما كان مُنَظِّراً لغد الإسلام مستشرفا مستقبل الخلافة الثانية على منهاج النبوة، مثلما كان قائل كلمة الحق مهما كلفه الثمن، وناصحا للملوك وولاة الأمور وأئمة المسلمين وعامتهم، وقد خلف في ذلك رسائل مهمة تشهد له بالصدق والشجاعة والأمانة.
عبد السلام ياسين لم يكتف في الكتابة بالنص فقط، بل نظم أيضا شعرا جميلا عذبا مؤثرا لما تضمنه من تذكير بالله والآخرة والمصير واستنهاض الهمم والإرادات للسير في سبيل الإحسان، هدف نظمه تنبيه نفس راقدة على وسادة الغفلة إلى لحظة موت تنتظره، فجاء شعره في منظومات ودواوين عنونها بشذرات وقطوف والمنظومة الوعظية.
وجاءت كتب ومصنفات أخرى تفصل مفردات المشروع الكبير في المنهاج النبوي للإمام عبد السلام ياسين في موضوعات مختلفة.
فمن أُمّهات الكتب نجد:
1- كتاب شُعب الإيمان: صنّفه الإمام من داخل مُعتقله بمُستشفى الأمراض الصّدرية سنة ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين، إلا أنه لم يُطبع إلا في سنة ألفين وسبعة عشرة. ويُعد الكتاب المادّة الخَام لعَدد من مُصنفات الإمام، وعلى رأسِها المِنهاج النّبوي والإحْسان، وقد رُتِّبَ ترتيباً جديداً عَمليا تحت الخِصال العَشْر، ثم فُصِّل تحت كل أصلٍ أعمالاً وأخلاقاً، ليُشَكِّل بذلك الأساس المعْرفي للمنهاج النبوي لتغيير الإنسان وبناء الأمة، وفْقَ تصَوُّرٍ شاملٍ مُتكاملٍ وخُطةٍ عمَليةٍ لبِناء الفرد والأمة على امتداد الزمان.
2- كتاب الإحسان: غاية الغايات ومحط نظر ذوي الهمم العالية من الرجال. يقول رحمه الله «أريد في هذا الكتاب أخي وأختي، والله المستعان، أن أحدثك حديث القلب، حديث الفطرة، في موضوع هو أجل الموضُوعات على الإطلاق، وهو موضوع صلة العبد بربه، وتقرب العبد من ربه، ووصول العبد إلى ربه، وفوز العبد بربه. ويا خسارة من خرج من الدنيا وليس له حظ من الله ولا نصيب ولا علم ولا هدى ولا كتاب منير!» 2.
3- كتاب العدل الإسلاميون والحكم: كتاب استراتيجي ينظر إلى مستقبل المسلمين عبر الأرض، يتطلع إلى إقامة العدل الذي أمر الله به، والذي ينتظره المستضعفون في الأرض من خلال حُكم إسلامي، يُؤسِّس نظاماً اقتصاديا سياسيا أخلاقيا إيمانيا متجددا بتجدد إيمان المسلمين، يُقيم صرْح الإسلام من رُكام الخَراب الدّيني والمادّي والنّفسي، الذي يُعانيه المسلمون وسَط عالَمٍ في مَخاضٍ لوِلاَدةِ الإسلام.
4- كتاب المِنهاج النبوي تربيةً وتنظيماً وزحفاً: يرسم هذا الكتاب أهدافا ووسائلَ للعَمل الإسلامي في زمَن الفتْنة، استناداً إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، ويقدم فيه الإمام تصوُّراً تربويا وتنظيميا وسياسيا شاملا لمشروع منهاج نبوي تجْديديٍّ اجتهاديٍ، يتوخَّى خلاَصَ الفرد بارتقائه في مدارج الدين من إسلام لإيمان لإحسان، وفي الوقت نفسه يهدفُ إلى تجميع طاقات الأمة الإيمانية والعلمية والجهادية نحو استشراف أفق الخلافة الثانية على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5- كتاب تنوير المؤمنات: لا يريد منه صاحبه أن يُصنِّفَ في خزانة التّوْعيات المُفرَغة في أَوْعية الأدْمِغة وبَواطن النّفوس، وإنما هو رُؤية تجْديدية منهجية وخطة عملية واضحة المعالم للتغيير الشامل في قضية المرأة المُسلمة، ورسْمٍ لِطَريق جليٍ وواضحٍ غايته استنهاضَ هِمَمٍ وتعبئة الأمة لتحقيق الغايتين معا الإحسانِية والاسْتخلافية، «سعادة هذا الكتاب أن يوقظ الواسن ويحرك الساكن لتمسك المؤمنة القارئة، والمؤمن الباحث، بتلابيب نفسه وهواه، ويحمل فكره على المكروه الذي تهرب منه النفس الراكدة في خبثها. ألا وهو مواجهة الذات بالسؤال المليح الصريح: أي إيمان هو إيماني؟ وما قضيتي مع ربي؟” 3.
6- كتاب مقدمات في المنهاج: ألفه الإمام عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين وهو في سجنه بالرباط، وقدم من خلاله المفاهيم الرئيسية، التي تشكل الحبل المنهاجي الحامل لمضمون ما أراد تبليغه رحمه الله، وعلى رأسه مفهوم اقتحام العقبة، الذي تمثله حركة الفرد المؤمن في سلوكه إلى الله عز وجل، وحركة الجماعة المجاهدة في حركتها التغييرية وحركة الأمة في مسيرتها التاريخية.
7- كتاب نظرات في الفقه والتاريخ: سعى الإمام من خلاله إلى فهم الانكِسار التاريخي الذي حدَث بعد الفِتنة الكُبرى ومقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، لكُلِّ من يَحمل مشروع العمل لإعادة البناء على الأساس الأول. فهْمِ طبيعة هذا الانكسار ومغْزاه، فهْم الذِّهْنية التقليدية التي تُدين بالولَاء غيْر المشروط للسُّلطان، فهْم الذِّهنية الأُخرى التي تَشيَّعت لآل البيت، فهم كيف نشأت الصّراعات المذْهبية بين طوائف الشِّيعة والرّافضين للحُكم القائم وبين أهل السنة والجماعة المُلْتَفِّين حوله، فهم كيف شجرَت الخِلافات بين فِرَق النُّظّار والفُقهاء وكيف برَزت العقائد المُتطرِّفة.
ومن أهم الكتب التي ألّفها الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في موضوع دولة القرآن نذكر:
8- كتاب مقدمات لمستقبل الإسلام: جاء لرسم المعالم وخطِّ الطريق لجُند الله القائم، ولأن العلم إمام العمل فهو رسم لمنهاج عمل يتجاوز همّ الساعة إلى التطلع لغد الإسلام، تمثلا للنموذج النبوي في التربية والجهاد والحكم، وفهما لتطور التاريخ بالأمة.
9- كتاب رجال القومة والإصلاح: ركز فيه الإمام الحديث عن من هم رجال القومة بعد الركون، ورجال الإصلاح بعد الإفساد، وأوضح أن أمة الإسلام ينبعث من رحمها رجال يضع كل منهم لبنة في صرحها المهدم، ليعيد إليها قوتها ومجدها، هؤلاء الرجال الذين قدموا أنفسهم وأموالهم وعلمهم قُربانا لله عز وجل، وانتفضوا من تحت الأنقاض، وانتفض من خلفهم أحرار الأمة ليعيدوا بوصلة التاريخ إلى مسارها الصحيح.
10- كتاب الخِلافة والمُلْك: هذا الكتاب ينير زاوية مُظلمة تعارضت فيها اجتهادات الراضخين للحُكم الجَبْرِيّ والمُلْكِ العَاضِّ مع مواقف الرَّافضين الدّنية، المتحررين من ذُلِّ الخَوْف ومثاَقيل الدُّنيا. هذا الكتاب يشرحُ الانتصار التاريخي الذي انحدر بالحكم من خلافة على منهاج النبوة إلى حكم وراثي فجبري، وهو في الوقت نفسه يجيب عن سؤال مهم: ما العوامل التي كانت سببا في التحول الخطير الذي تعيشه الأمة؟ وكيف السبيل لإعادة الحقوق المستلبة إلى أصحابها الشرعيين؟
11- كتاب في الاقتصاد البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية: هذا الكتاب يبين سمات هذا الزمان، حيث طُغيان المادة وأسبقية الاقتصاد والمال هو محور كل ذلك، ولن يتأتَّى الانفكاك من التّبعية والإفلات من قبضة الاستعمار إلا بحل مشكل المال داخليا لنقوى على الاستقلال الخارجي، هذا المال الذي أصبح قروضا تخنق، ومدخرات في البنوك تتضخم، ورأس مال يتصرف في مصائر الشعوب. فعلى أي مستوى يتدافع المؤمنون في معمعة السياسة والاقتصاد مع قوى الاستكبار والإفساد في الأرض؟ وما هي رؤية الإسلاميين للحاضر والمستقبل؟
12- كتاب إِمامةُ الأُمة: بسَّطَ فيه الإمام مفهوم القَوْمَةِ الإسلامية؛ فهي ليست انتِفاضة ولا هدِية يأتي بها جُنْد الله للأمة باردة هنيئة ولا إجراء إداريا يصلح أمر الأمة عقب تطبيقه، وإنما تعني القومة أن نعود أمة مجاهدة راشدة كما كنا، تقرر مصيرها بإرادتها الحرة وقوة الساعد المنتج وتدبير العقل المتحرر من الخرافة وفلسفة الإلحاد، وتنظيم الطاقات البشرية والاقتصادية. القومة أن تحمل الأمة عبء الحاضر والمستقبل.
13- كتاب القرآن والنبوة: يحرِصُ هذا الكتاب على تجْلِيَة الأبْعاد الحقيقية لدِينِنا الحنِيف ومقاصِده وأهداف إحيائه في النفس وفي الأمة. مُنبِّهاً إلى أن تمْجيدَ النظام الإسلامي في السياسة والاجتماع والاقتصاد كأنه إيدولوجية ما هو في الحقيقة إلا مسْخٌ للدّين، إن لم نربط النظام الإسلامي لشؤون الأرض والناس بالمبدإ والميعاد والألوهية والرُّبوبية ووَحْدة الخَلْق ومصيرهم بعد الموت وبالآخرة والبَعْث والخُروج في الجنَّة أو النار.
14- كتاب جماعة المسلمين ورابطتها: تابع فيه الإمام البحث عن رأب الصدع بين الدعوة والدولة في البناء المستقبلي لدولة القرآن، وعمق الحديث عن روح هذه الدولة وهي الدعوة وغايتها الإيمانية الإنسانية، وعن حاضر ومستقبل الإسلام، وأجاب في كل ذلك عن الأسئلة الكبرى: من هم جماعة المسلمين؟ وماذا يجمع جماعات الدعوة اليوم وغدا؟ وأية رسالة لأية دولة؟
ومن أبرز كتب الإمام في موضوع القضايا المعاصرة:
15- كتاب محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى: يقابل الكتاب بين نظامين وحضارتين، بين نظام الديموقراطية اليونانية سلف الديموقراطيات الغربية مع الفلسفة الإغريقية، والنظام الشوري الذي وُلد من رَحم العقل المؤمن بالله ورسوله. وبين حضارة أذابت المعطى المادي والفكري والأخلاقي في تعاليم دينها، وحضارة سحبت الدين إلى ثقافة الساحة. ومن ثم يقارن الكتاب بين دين كسر الأصنام الحسية والمعنوية خطوة خطوة، ونقل العقل البشري من الولاء للأوثان إلى الولاء لله الواحد القهار، والكنيسة التي أدخلت في طقوس عبادتها فنية الكُرال الغنائي اليوناني.
16- كتاب الإسلام والحداثة: كتاب في أربع لغات: العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، كتب أول ما كتب بالفرنسية بنية التواصل مع النخب المغربة من أبنائه، ومع الأجنبي الذي لا يفهم غير الفرنسية، لإسماع رسالة القرآن – رسالة السلام – إلى عالم عنيف، رسالة الروح للإنسان المريض. يقول عنه الإمام رحمه الله: «أرجو أن يجد من همته الله والباحثون عن الحق ما يتقون به قلقهم ويقوون به عزمهم» 4.. ومضة صراحة مع الذات لإعادة طرح مسألة الإسلام وقضية الحركة الإسلامية في العالم، لكونها يَداً مُتوَدِّدة للإنسان مُحِبَّةً للإنسان حاملةً رسالةَ الإنصاف والعدل للإنسان.
17- كتاب حوار مع الفضلاء الديمقراطيين: هذا الكتاب وإن جاء تحت عنوان حواري موجه لفئة من الناس، قصده الأول والأخير عرض القضية الإسلامية ومشروع المجتمع المسلم على جمهور المسلمين، الذين يساوموا على ولائهم، متملصون من الدين لائكيون مُغرَّبون، وآخرون عندهم تطرف وإرهاب وزهادة رهبان، ما شاءت لهم استقالتهم بين يدي الفضلاء الديمقراطيين الخبراء بشؤون الدنيا والقادرون عليها، ولأهل المسجد مهمة التكفل بتكفين الأموات.
18- كتاب الإسلام وتحدي الماركسية اللينينية: يتحدث الكتاب عن معلمة من معالم الهدي النبوي، لنشرف منها على أرض المعركة بين الحق والباطل، هذه الأرض السياسية النفسية الضاربة في أعماق الفطرة الإنسانية، إنها اختيار حاسم وملح بين إسلام صوري أمريكي يغطي الطبقية الشنيعة والتبعية واستقرار اليهود في القدس، وبين عدالة اشتراكية مركزية روسية تعادي الإسلام، وتغطي تبعية وطبقية مثل تلك، وبين خيار المحجة البيضاء التي تركهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتز باتباعها صحابته رضي الله عنهم أجمعين.
19- كتاب الشورى والديمقراطية: يحاول الكتاب بالحجة الشرعية والمعطى الواقعي أن يبين حقيقة الديموقراطية من خلال مساقها التاريخي، حتى لا يخدعنا سنا بَريقها فنتجاوز معايبها، ذلك أن الديموقراطية واللائكية لازمتان لا تنفصلان، ولا يملك المسلم أن يقول إن الديموقراطية نسخة منقحة من ذلك أن سياق الشورى القرآنية لا يفصل بين تنظيم حياة الناس الإدارية والسياسية والاقتصادية وبين الصلاة والزكاة وكل أركان الدين، هذه تقوم مقام الروح من تلك كما تقع ملائكية موقع اللزوم من الديموقراطية.
20- كتاب الإسلام والقومية العلمانية: في هذا الكتاب يصطنع الأستاذ عبد السلام ياسين اللغة التي يألفها المثقفون ليحاورهم، محاولا إسماع كلمة الإسلام، كما يعرض لشيء من تاريخ الأيديولوجية القومية التي نبعت في أرض غير أرضنا، فاستوردها المثقفون المغربون، فجاءت حاملةً لشعارات الإلحاد المفلس تارة، والرّدة والزّندقة مرّة، والإلحاد العلمي أحيانا، والأصالة التّراثية أحيانا أخرى.
21- كتاب حوار الماضي والمستقبل: يُسلط الكتاب الضوء على مراحل من التاريخ الحديث عاشها المغرب في مخاض عسير وتجاذب عنيف، مكشوف في أغلب الأحيان ومتستر في أحيان أخرى، منذ صفقة الاحتقلال، وهي عبارة أخذها الأستاذ عبد السلام ياسين عن المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بها هجانة ما أسْموه بالاستقلال، ليُوضح كيف انقلب رُواد مغْرِب الاحتقلال على ثوابت مغرِب المُقاومة، وسعَوا إلى اقتلاع جذورها مع استمرار المسك ببعضها للزينة أو مراعاة للبروتوكول، فما الذي يربط الماضي بالمستقبل؟ وكيف لا يكون المستقبل عاقا لماضيه؟ أسئلة يطرحها الإمام في أسلوب تذكيري رحيم، بعيد عن السجال والتعصب، مُذكّرا كل من يحمل شعار الإسلام أن ذلك لا يعتبر قيمة مضافة للاستعمال السياسوي، وإنما هو تكليف يملي التزامات أمام الشعب المسلم وأمانة الرقابة يوم الوقوف بين يدي الله.
22- كتاب سنة الله: وهو كتاب مهم للغاية في فهم الرؤية المنهاجية للواقع والتاريخ وتموجاتهما المختلفة، خاصة قضية الأيديولوجية الصهيونية وجنايتها على فلسطين وعلى البشرية، وقد سعى الإمام جاهدا إلى إيصال توجيهات عميقة لكل طالب للتغيير في الأنفس وفي الآفاق، يمكن إجمالها في قوله رحمه الله “سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة. إن آمنوا وعملوا الصالحات، لا إن أخلوا بالشرط الجهادي حالمين بالمدد الإلهي الخارق للعادة، وهو مدد لا يتنـزل على القاعدين بل يخص به الله من قام وشمر وتعب في بذل الجهد، وأعطى الأسباب حقها، وأعد القوة وبذل المال والنفس وحزب جند الله وجيشهم وسلحهم وتربص بالعدو وخادعه وماكره وغالبه. احترام نواميس الله في الكون وسنته في التاريخ مع صعود النيات إلى الملك الحق مفاتيح لأبواب السماء، بها مع الصلاة والدعاء تتنـزل السكينة وتغشى الرحمة وتَهب رياح النصر برفرفة أجنحة الملائكة” 5.
23- كتاب حوار مع صديق أمازيغي: يعرض الكتاب لزميلين جمعتهما المهنة منذ أكثر من أربعين سنة، يتحاوران على ملأ من الناس حول قضية تتجاوز شخصيتيهما، قضية يقول فيها صاحب الكتاب: “إن كان لِي وجودٌ ثابت راسخ مطمئنّ يتكلم، وكانت قضية حياتي ومماتي إيماني بالله ورسوله واليوم الآخر، فلا يضير قضيتي الكبرى، ولا يخدِش في إيماني، أن تعلَقَ بذاكرتي لغةُ طفولة، وأهازيجُ جدة، ونكهةُ لهجة، وتركيبة حِكمةٍ صاغتها عبقرية جدودي الشلوح، وجدودي الأمازيغ، وجدودي الريفيين، وسائرِ ما هنالك. وصاغتها عبقرية لغة. لا تنازع فِيَّ قضيةُ ثقافةٍ شلحيةٍ أمازيغيةٍ ريفيةٍ قضيتي الكبرى إلا كما ينازعُ فرعُ الشجرة جذع الشجرة” 6.
ومما خلفه الإمام عبد السلام ياسين من رسائل نذكر الآتي: الإسلام أو الطوفان، رسالة القرن الملكية في ميزان الإسلام، رسالة إلى من يهمه الأمر، الرسالة العلمية، يوم المؤمن وليلته، رسالة تذكير، رسالة إلى الطالب والطالبة إلى كل مسلم ومسلمة، وصيتي.
كما شارك الإمام في محاضرات وحوارات كثيرة نجملها فيما يأتي:
▪ حوارات مع الإمام عبد السلام ياسين.
▪ أحاديث في العدل والإحسان.
▪ حوار مع النخبة المغربة.
▪ حوار شامل مع الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين.
▪ كيف نجدد إيماننا؟ كيف ننصح لله ورسوله؟
▪ الفطرة وعلاج القلوب.
▪ سلامة القلوب، اقتحام العقبة، الثمن.
هذا إلى جانب تأليف الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله لمجلات وصحف خلال المرحلة الأولى من تأسيس أسرة الجماعة، فكانت مجلة الجماعة نواة اجتمع حولها الرجال والنساء؛ وكانت لسانا ناطقا ومعبرا عن مواقف الدعوة الناشئة مثلما كانت صحيفتا الصبح والخطاب، وقد لقيت كلها الحظ الوافر من التّضييق والمنع والمُصادرة.
وفيما يلي، وبعد هذه الإطلالة الاستكشافية لمضامين أهم مصنفات الإمام رحمه الله، لائحة بأغلب ما طُبِعَ من كُتبه وترجماتها المنشورة في أغلبها على موقع «موسوعة سراج».
– باللغة العربية
1. الإسلام بين الدعوة والدولة، 1972
2. الإسلام غدا، 1973
3. الإسلام أو الطوفان (رسالة مفتوحة إلى الملك الراحل، وقد كان طبعها وتوزيعها بطريقة لم يقصد بها عموم الناس)، 1974
4. حوار مع النخبة المغرَّبة (مترجم)، 1980
5. رسالة القرن الملكية في ميزان الإسلام، 1980
6. المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، 1982
7. الإسلام وتحدي الماركسية اللينينية، 1987
8. الرجال (الفصل الأول من كتاب «الإحسان»)، 1988
9. مقدمات في المنهاج، 1989
10. الإسلام والقومية العلمانية، 1989
11. نظرات في الفقه والتاريخ، 1989
12. شذرات (ديوان شعر)، 1992
13. محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى، 1994
14. حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، 1994
15. رسالة تذكير (الرسالة الأولى من سلسلة «رسائل الإحسان»)، 1995
16. في الاقتصاد: البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية، 1995
17. رسالة إلى الطالب والطالبة، إلى كل مسلم ومسلمة «رسائل الإحسان»)، 1995
18. تنوير المؤمنات (في جزأين)، 1996
19. الشورى والديمقراطية، 1996
20. المنظومة الوعظية ( الرسالة الثالثة من سلسلة «رسائل الإحسان»)، 1996
21. حوار الماضي والمستقبل، 1997
22. حوار مع صديق أمازيغي، 1997
23. الإحسان، الجزء الأول، 1998
24. كيف نجدد إيماننا، كيف ننصح لله ورسوله 1998
25. الفطرة وعلاج القلوب (الكتاب الثاني من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1998
26. الإحسان، الجزء الثاني، 1999
27. مذكرة إلى من يهمه الأمر (رسالة نصيحة بالفرنسية إلى الملك محمد السادس، ترجمت إلى اللغة العربية وغيرها من اللغات)، 1999
28. سلامة القلوب (الكتاب الثالث من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1999
29. اقتحام العقبة (الكتاب الرابع من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1999
30. العدل : الإسلاميون والحكم، 2000
31. قطوف (ديوان شعر طبع منه خمسة أجزاء) ، 2000 – 2015
32. الإسلام والحداثة (مترجم)، 2000
33. الرسالة العلمية، 2001
34. الخلافة والملك، 2001
35. رجال القومة والإصلاح، 2001
36 . يوم المؤمن وليلته، 2002
37. الثمن (الكتاب الخامس من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 2004
38. سنة الله، 2005
39. مقدمات لمستقبل الإسلام، 2005
40. يوم المؤمن وليلته (طبع في كتاب بالعربية والإنجليزية)، 2007
41. إمامة الأمة، 2009
42. القرآن والنبوة، 2010
43. جماعة المسلمين ورابطتها، 2011
44. وصيتي (كتبها ليلة الأحد 25 ذي الحجة 1422الموافق لـ 2002).
45. شُعب الإيمان 2018.
باللغة الفرنسية:
46. La révolution à l’heure de l’ISLAM, 1980
47. Pour un dialogue avec l’élite occidentalisée, 1980Islamiser la modernité, 1998
48. Mémorandum à qui de droit (Lettre ouverte à Mohamed IV, roi du Maroc), 1999
وتُرجِمت العديد من كُتب ومؤلفات الإمام إلى اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والتركية والإيطالية والإسبانية والروسية والأوكرانية وغيرها.
تِلكُم كُتُبه القيّمة، ومُصنفاته النَّفِيسة، ضمّنها صاحبها نظرته التجديدية الاجتهادية، والتي لا تزال في بدايتها، وتحتاج إلى من يبسُطها ويشرحها ويسبر أغوارها، لاستجلاء مكنوناتها وخباياها. مع التّنبيه إلى عدم الانجرار وراء القراءات التجزيئية لتراث الإمام عبد السلام ياسين التي تعتبر عبارات من سياقاتها أو تكتفي بنصوص دون غيرها، والدعوة إلى قراءة استقرائية تقرأ النصوص جميعها في تكاملها وارتباطها بسياقاتها التاريخية والموضوعية المختلفة.
معالم الحكمة والاستبصار التي تمثلها في مؤلفاته، وهو يُحكِم التربية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر، كي تتلبس بهم في إقامة مشروع عمران أخوي راشد، يكون فيه الإنسان حُرّاً ومسؤولا.. تربية تنطلق من إعداد الفرد إلى تنشئة الجماعة في بناء الأمة جمعاء.. معالم تجسدت واضحة بأسلوب متفرد خاص، عنوانه الألمعية والبيان والبساطة بين مُتعة اللفظ وعُمق المعنى.. وبها استحق أن يكون مُجدِّد هذا القرن ورافِع لواءَ نهْضته.. إنه الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله.
[2] عبد السلام ياسين، الإحسان، ط2018/2، دار لبنان للطباعة والنشر – بيروت، ج1، ص66.
[3] عبد السلام ياسين، تنوير المومنات، ط2018/4، دار لبنان للطباعة والنشر – بيروت، ج1، ص6.
[4] عبد السلام ياسين، الإسلام والحداثة، ط2023/3، دار إقدام للطباعة والنشر والتوزيع – إستانبول، ص6.
[5] عبد السلام ياسين، سنة الله، ط2005/2، مطبعة الخليج العربي – تطوان، ص9.
[6] عبد السلام ياسين، حوار مع صديق أمازيغي، ط2018/2، دار لبنان للطباعة والنشر – بيروت، ص 87.