حق للشعب الفلسطيني البطل أن يفتخر اليوم بمنجزات المقاومة الباسلة الموحدة الصفوف في بنيان مرصوص، المنتصرة بفضل الله عز وجل في حرب العصف المأكول، فرغم ضعف الإمكانات وحصار المنتظم الدولي بكل مؤسساته المتخاذلة المتواطئة مع كيان صهيوني غاصب يعرف منذ عبد الله بن سلول كيف ينسل، ويخترق المؤسسات ليضغط ويمالئ، ويستهوي ويبيع ويشتري في المواقف والمؤسسات، عبر المجموعات والجمعيات واللوبيات، ويعبئ ليغطي عن جرائمه البشعة المخالفة لكل الأعراف والأخلاق والقوانين، رغم كل ذلك ها هو اليوم الكيان المهزوم والمردوم تحت أرتال عتاد المقاومة الشامخة شموخ الجبال، الراسخة أوتادها في الأنفاق بثبات المجاهدين المرابطين المربوط على قلوبهم بالإيمان الموصول بحبل القرأن وإن عدتم عدنا.. (الإسراء 8) هاهو يحاول أن يخفي هزيمته باختلاق مسوغات تحت عناوين تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في تدمير الأنفاق، وتوجيه ضربات للمقاومة، وتعطيل منصات الصواريخ… وهو خطاب إعلامي تسويقي للاستهلاك الداخلي لا يصمد البتة أمام أرقام ضحاياه من عدد القتلى والجرحى من الجنود الصهاينة مما لا يجرؤ الكيان الصهيوني على الإفصاح عنه، ولا يصمد أمام مئات الصواريخ الأبابيل التي ترميهم باستمرار في كل فلسطين المحتلة، فإلي حدود الدقائق الأخيرة لموعد الهدنة أمطرت المقاومة كل الأراضي المحتلة بحوالي 25 صاروخا دلالة على الصمود وعربون الانتصار بشعار وإن عدتم عدنا، فحيا الله المقاومة على صمودها وإنجازاتها، وحيى الله أهل غزة وكل فلسطين الحبيبة على الرجولة والثبات، وحيا الله كل الشعوب الحرة الأبية المنتصرة لقيم الحرية والكرامة والإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والخزي والعار للأنظمة العميلة للاستكبار العالمي.
إن الحرب على غزة، والعدوان الغاشم عليها أشر على مجموعة من الحقائق:
تواطؤ المنتظم الدولي بكل مؤسساته على فلسطين، رغم بعض الإدانات هنا وهناك، التي لن تخفي جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني وفي صمت رهيب لمؤسسات الأمم المتحدة.
سقوط نظرية الجيش الذي لايقهر، نظرية الأمن الإسرائيلي)، وتبلور نظرية الأنفاق) لمن أراد التحرر والانعتاق، فلن تجرأ إسرائيل على مهاجمة غزة بعد اليوم دون ألف حساب “اليوم نغزوهم ولايغزوننا”.· تفوق المقاومة في إبداع وسائل جديدة متطورة طيارة بدون طيار) في الاستراتيجية العسكرية، وكشفها عن تقنيات عالية وتكتيكات متقدمة، أبانت عن الاستعدادات وإعداد العدة والعتاد منذ مدة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم (الأنفال 60).
توسع دائرة المتعاطفين مع فلسطين وقضيتها العادلة، وتنامي الرأي العالمي المناصر للفلسطينيين.
انكشاف الجوهر الدموي العدواني الوحشي للصهيونية الملعونة من رب العالمين المناقضة لكل عهد وهدنة المتعطشة للقتل والخراب أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون (البقرة 87)، وقال سبحانه: أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم (البقرة 100).
إحراج الأمم المتحدة ومؤسساتها مجلس حقوق الانسان)والجمعية العامة) ومجلس الأمن) والمحكمة الدولية) أمام هول الجرائم المرتكبة والمجازر تلوى الأخرى، والموثقة من طرف الهيئات والمنظمات الحقوقية المشهود لها بالموضوعية وذات اعتبار دولي.
بروز صوت ثالث في المنتظم الدولي، تركيا وبوليفيا والبرازيل ودول أمريكا الجنوبية… مدعوم من طرف الشعوب، يدفع في اتجاه تقويض أسس الشرعية الدولية الحالية، وبناء شرعية قائمة على العدل والمساواة القانونية والسياسية بين الشعوب والدول.
ترسيخ فكرة المقاومة ودورها في نفوس الشعوب، وارتفاع الوعي الجماهيري بضرورتها وأهميتها وشرعيتها، وأفقها المستقبلي.
كسر شوكة الكيان الصهيوني المتغطرس، وتثبيت معادلة توازن الرعب بدل توازن القوى، وهي نظرية حاسمة في منظومة العلاقات الدولية .تنامي التعاطف الفلسطيني مع المقاومة واحتراق مشروع أوسلوا بالكامل، وبروز حركة “فتح” جديدة بطعم أهل غزة منحاز إلى جانب حماس والجهاد والشعبية للمشروع الوطني الفلسطيني على قاعدة التحرير الشامل وبرؤية واستراتيجية تكذب كل اماني دحلان والانقلابيين في مصر ومن يدور في فلكهم من أهل الضفة.انحباس المشروع الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط المدعوم من طرف أنظمة عربية انكشف أمرها، وانبلاج أفق محور جديد مناصر للقضية الفلسطينية، مما سيسهم في خلخلة ميزان القوى الدولي لصالح الانحياز للشعب الفلسطيني.
تجدد ايمان المؤمنين بالله عز وجل في مشارق الأرض ومغاربها، عبر آياته المبثوثة في الكتاب المنشور، وتحقق تلك الآيات في أنفس المجاهدين والمكلومين والصابرين وفي أفاق غزة المحاصرة وفي الكون المنظور والذي جسده اصطفاف الملايين في فعاليات أهلية ومدنية داعمة ومناصرة للقضية، وتوجه قلوب رجال ونساء وأطفال إلى المولى عز وجل بالنصر والتمكين للمستضعفين في الأرض.
رغم فداحة الأرقام: أرقام الشهداء والجرحى من المدنيين الفلسطينيين المستهدفين من الصهاينة إيمانا بعقيدتهم الدموية، ورغم الخراب والدمار، هنيئا لنا معشر المسلمين في العالم المستضعفين في الأرض، وهنيئا لكل الإنسانية التواقة للحرية والكرامة والانعتاق بهذه الوعود الناجزة على الأرض، والتي تمد النفوس والعقوق والقلوب بجرعات جديدة من الأمل في التغيير، وتجدد ايماننا بموعود الله ورسوله المبشر بالخلافة الثانية وعدا غير مكذوب.