عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” 1.
اعلم أخي المسلم أنه قد وردت مجموعة من الأحاديث في ليلة النصف من شعبان منها ما هو ضعيف ومنها ما هو حسن ولكنها بمجموعها تثبت أن لهذه الليلة فضيلة وأصلا مشروعا:
وقد قال المباركفوري في تحفته: (اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلاً).
ثم قال بعد سرده للأحاديث: (فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء والله تعالى أعلم).
يقول الحافظ ابن رجب: (اخْتُلِفَ فيها فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها، وخرجه في صحيحه) 2.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): (وقد روي في فضلها – أي ليلة النصف من شعبان – من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة). وقال: (ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم مِن الخلف مَن أنكر فضلها، وطعن في الأحاديث الواردة فيها كحديث: “إن اللَّـه يغفر فيها لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب”. وقال: (لا فرق بينها وبين غيرها، لكن الذي عليه كثير من أهل العلم – أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم – على تفضيلها). وعليه يدل نص أحمد، لتعدد الأحاديث الواردة فيها، وما يُصَدِّقُ ذلك من الآثار السلفية. وقد روي بعض فضائلها في «المسانيد» والسنن وإن كان قد وضع فيها أشياء أخرى.
وإليك الأخبار التي وردت في هذه الليلة:
روى الترمذي عن عائِشَةَ قالَتْ فَقَدْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَخَرَجْتُ فإِذا هُوَ بالبَقِيعِ، فقالَ “أَكُنْتِ تَخَافينَ أَنْ يحيفَ الله عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قلت: يا رسولَ الله ظَننْتُ أنكَ أتَيْتَ بَعْض نِسَائِكَ، فقالَ: إنّ الله عزّ وجلّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إلى السَمَاءِ الدّنْيَا فَيَغْفِرُ لأكْثَرَ مِنْ عَدِدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ”.
وروى البيهقي عن عائشة قالت: “قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت، فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: يا عائشة أو يا حميراء أظننت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله ولكني ظننت أنك قبضت طول سجودك، فقال “أتدرين أي ليلة هذه؟” قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هذه ليلة النصف من شعبان إن الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم”.
وروى الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” 3.
وروى ابن ماجه عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ”.
وروى أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلا لاثْنَيْنِ مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْسٍ”.
وروى الطبراني والبيهقي أيضاً عن مكحول عن أبي ثعلبة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه”.
وروى ابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر”.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتاني جبريل ليلة النصف من شعبان وقال يا محمد هذه ليلة تفتح فيها أبواب السماء وأبواب الرحمة فقم وصلّ وارفع رأسك ويدك إلى السماء فقلت: يا جبرائيل ما هذه الليلة؟ فقال هذه ليلة يفتح فيها ثلاثمائة باب من الرحمة فيغفر الله تعالى لجميع من لا يشرك بالله شيئاً إلا من كان ساحراً أو كاهناً أومشاحناً أو مدمن خمر أو مصراً على زنا أو آكل الربا أو عاقاً لوالديه أو النمام أو قاطع الرحم فإن هؤلاء لا يغفر لهم حتى يتوبوا”.
وعن إحياء ليلة النصف من شعبان يقول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
“من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب” 4.