في الذكرى 55 لإحراق المسجد الأقصى.. ذ. حمداوي يكتب مستحثا الأمة ومحملا الدول مسؤولية الصمت

Cover Image for في الذكرى 55 لإحراق المسجد الأقصى.. ذ. حمداوي يكتب مستحثا الأمة ومحملا الدول مسؤولية الصمت
نشر بتاريخ

اليوم تحل الذكرى 55 لإحراق المسجد الاقصى المبارك

(وسط سبات عميق للجنة القدس، والجامعة العربية ولمنظمة التعاون الاسلامي التي تجمع 57 دولة إسلامية، وتصف نفسها بأنها: الصوت الجماعي للعالم الإسلامي!!)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

محمد حمداوي/ الرباط

مرت اليوم 21 غشت 2024 (55 عاما) على الجريمة التاريخية الشنيعة المتمثلة في إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد الصهاينة عام 1969م.

زعم الصهاينة أن الذي أشعل النار في المسجد الأقصى المبارك صهيوني أسترالي الجنسية اسمه «دنيس مايكل روهان» جاء فلسطين سائحا وادعت أنه مجنون، وتم ترحيله إلى أستراليا. إلا أن حجم الحريق وسرعة انتشاره تدل على أنها جريمة منظمة تتجاوز مجرد فرد واحد، وأن سلطات الاحتلال الصهيوني ضالعة في الجريمة، إذ قطعت المياه عن منطقة المسجد الأقصى المبارك فور ظهور الحريق، وحاولت منع الفلسطينيين وسيارات الإطفاء من الدخول إلى المسجد الأقصى قصد إخماد النيران. لكن الفلسطينيين اقتحموا الحواجز وقاموا بإطفاء النيران بوسائلهم الخاصة واستطاعوا إنقاذ بقية المسجد من أن تأكله النار، ومن المخلفات الكارثية لهذه الجريمة التاريخية إحراق منبر صلاح الدين الأيوبي (الذي أحضره الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله عندما حرر القدس من أيدي الصليبيين) وقبة خشبية وأكثر من 70 نافذة خشبية. كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون. وقد أتى الحريق على ثلث المسجد القبلي.

تحل هذه الذكرى الأليمة، وقطاع غزة يشهد يوميا مجازر مروعة مستمرة لأكثر من 10 أشهر متتالية، يقترفها الكيان الصهيوني الغاصب بدعم مفضوح من عدة قوى غربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية. ووسط صمت مريب ومتخاذل للحكام العرب والمسلمين. لكن أيضا تحل الذكرى والفلسطينيون في القطاع متشبثون بأرضهم وداعمون لمقاومتهم الباسلة القاهرة لعدوهم على الأرض، وقد تجاوز عدد الشهداء 40 ألف شخص، رحمهم الله جميعا، وآلاف المفقودين والجرحى والمشردين. والمرابطون والمرابطات، أيضا، في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس يواصلون الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، بكل ما أوتوا من قوة من أجل مواجهة الاعتداءات المستمرة للصهاينة، الذين يريدون النيل من المسجد الأقصى المبارك بكل السبل الدنيئة؛ كالحفر أسفل المسجد والاقتحامات المتكررة التي فاقت كل الحالات السابقة بتصدر وزراء الكيان لهذه الاقتحامات. ومحاولات تغيير المعالم المقدسة ومنع المقدسيين من دخول المسجد أو زيارته أو الرباط فيه…

إن حلول هذه الذكرى الأليمة ينبغي أن تدفع الأمة إلى انتفاضة عارمة من أجل غزة، وإلى مزيد من الدعم لها وللمقدسيين من أجل تثبيت صمودهم. الدعم المادي والدعم المعنوي والدعم الإعلامي والسياسي.. والتضرع إلى الله تعالى بخالص دعاء النصر وكشف الضر عن غزة وعن كل فلسطين، والعمل من أجل أن تبقى القضية حية وسط الأمة ولدى كل أحرار العالم.

والعجيب أنه في الوقت الذي يتم التنكيل فيه بأهل غزة، ويحتاج فيه المسجد الأقصى لدعم حقيقي، تمعن الأنظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني في استقبال الصهاينة والإبقاء على الاتفاقات والتحالفات معهم، والعمل على محاولات التمكين لهم في مخطط تهويدي ماكر يستهدف خلخلة المجتمعات العربية والإسلامية والنيل من ولائها للقدس وللأقصى ولفلسطين…! فيا أحرار الأمة انتبهوا، ومزيدا من الثبات والعمل الجاد على مواجهة هذا الجرم والتصدي له وفضح الداعمين والمروجين له…

كيف يا ترى يتم كل هذا والصهاينة يشنون حرب إبادة على غزة الأبية الصامدة، وحربا مستمرة على المقدسيين والفلسطينيين، وتجويعا وحصارا على غزة، ومنعا من دخول المسجد الأقصى ومن الرباط والاعتكاف فيه، وتهجيرا ممنهجا لسكان القدس؟!

إننا نجدد في هذه المناسبة الأليمة التحية الأخوية الصادقة من أعماق القلوب إلى القابضين على الجمر، الصادين للعدوان الصهيوني العالمي على غزة، وإلى الأعين المجاهدة التي تحرس المسجد الأقصى المبارك. وإلى الضفة المنتفضة. وإلى كل الشعب الفلسطيني في صموده البطولي المستمر في وجه الاحتلال الصهيوني، بمقاومته وبأسراه الثابتين الصابرين، وبمقاومته التي أربكت حسابات الداخل والخارج وأعطت زخما متجددا في مواجهة مخططات العدو.

اللهم نصرا قريبا وفتحا مبينا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ. إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ صدق الله العظيم.

والحمد لله رب العالمين