في بلد الاستثناءات

Cover Image for في بلد الاستثناءات
نشر بتاريخ

يشرفنا أن يكون أول حدث بارز نقف معه في هذه النافذة، شهادة أمام الله عز وجل وأمام التاريخ على صمود سيدات أبيات.

صمود أمهات وزوجات المرابطين الأشاوس الإثني عشر في سجن بوركايز بفاس، المعتقلين في ما يعرف بملف طلبة وجدة والمحكوم عليهم بعشرين سنة نافذة. هؤلاء الطلبة الذين يعيشون ظلما مستمرا منذ سنة 1991، بدءا باعتقال تعسفي صارخ، وتهم ملفقة ومزورة، ومرورا بمحاكمة جائرة حضرت فيها اعتبارات سياسية واضحة دون الاعتراف للملف بالصبغة السياسية، ثم الاستثناء الدائم من العفو، ثم الترحيل الظالم من سجن القنيطرة إلى سجن بوركايز في فاس حيث ظروف العيش القاسية والحصار التام والحرمان من صلة الرحم إلا بعض الاستثناءات، دون أن ننسى الاستثناء من حق كل سجين ثبتت سيرته الحسنة في تقليص مدة السجن وذلك ضدا على كل القوانين والأعراف الوطنية منها والدولية. 1

تحية خاصة إلى سيدات أبيات صمدن ولا يزلن على محنة فراق الإبن والزوج مدة عقد ونصف من الزمن. إنهن المستثنيات من “فضائل” رياح العهد الجديد في مجال حقوق النساء.

إلى روح الفقيدة السيدة “ربيعة” أم المعتقل محمد اللياوي التي التحقت بجوار ربها منذ ست سنوات وفي قلبها لوعة فراق فلذة كبدها لمدة ثمان سنوات. التحقت بربها راضية مرضية بعد أن عاشت رحمها الله صابرة محتسبة وكلها أمل في يوم يرفع فيه الظلم عن ابنها ومن معه من إخوة الكفاح والابتلاء، فيعود إليها كي تضمه إلى صدرها. نقول لها نامي مطمئنة أمنا الحنون فالحق ظاهر لا محالة وليل الظلم لن يدوم. وعدا من الله ومن أصدق من الله وعدا.

أكرمني المولى عز وجل، يوم الثلاثاء 28 رمضان 1426 الموافق لفاتح نونبر 2005، بأن يسر لي المشاركة في الوقفة التضامنية التي دعت إليها الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، والتي قامت بالتصريح بتنظيمها أمام السلطات العمومية المعنية وفقا للإجراءات القانونية وتسلمت وصلا بذلك، كما وجهت نداء عن طريق وسائل الإعلام لجميع الفاعلين الحقوقيين والسياسيين والجمعويين ووسائل الإعلام قصد المشاركة والمتابعة. فحضرت الهجمة الشرسة التي شنتها قوات الأمن على هؤلاء النساء وعائلاتهن وأعضاء جماعة العدل والإحسان في مدخل حي بنسودة بفاس، حوالي عشر كيلومترات بعيدا مكان الوقفة. فرأيت ما يهول ويفزع. 2

رأيت كيف تكرم النساء في بلدي حين يهاجمهن رجال “الأمن” عفوا ! رجال الترويع ، ويكسرون عليهن زجاج سياراتهن وهن بداخلها.

عاينت كيف يطارد رجال “الأمن “المدججين بكل وسائل الضرب والتنكيل، النساء العزل في الأزقة وفيهن العجائز والحوامل، ويضربون تحت أعينهن شبابا مسالما بريئا لا ذنب له سوى صدحه بالحق وصرخته أن لا للظلم!

رأيت كيف يمكن أن تحرم الأم والزوجة في “العهد الجديد ” من حق التعبير عن مطالبتها بالإفراج عن الإبن والزوج.

وقفت على حقيقة احترام القانون في زمن دولة الحق وحقوق الإنسان.

و تأكد لي ما لم نشك فيه يوما في جماعة العدل والإحسان: نحن في بلد الشعارات الجوفاء الكاذبة. وإلا فعن أي امرأة يتكلمون؟ وأي طي لصفحات الماضي يرومون؟ وعن أي إنصاف ومصالحة يتحدثون؟

أم تراك أختي وأخي في جماعة العدل والإحسان نساء غير النساء ومواطنين غير المواطنين!

ثم تذكرت فزال عجبي، إننا في المغرب: بلد الاستثناءات.


[1] – راجع تفاصيل الملف باستعمال الرابط
http://www.aljamaa.com/ar/Articles_R.asp?idRub=89

[2] – اطلع على التفاصيل باستعمال الرابط
http://www.aljamaa.com/ar/detail_khabar.asp?id=2994&idRub=3