عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” 1
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:“من الناس من يؤتى الإيمان ولا يؤتى القرآن ومنهم من يؤتى القرآن ولا يؤتى الإيمان ومنهم من يؤتى القرآن والإيمان ومنهم من لا يؤتي القرآن ولا الإيمان ثم ضرب لهم مثلا قال فأما من أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن فمثله مثل التمرة حلوة الطعم لا ريح لها واما مثل الذي أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان فمثل الآسة طيبة الريح مرة الطعم واما الذي أوتي القرآن والإيمان فمثل الأترجة طيبة الريح حلوة الطعم واما الذي لم يؤت القرآن ولا الإيمان فمثل الحنظلة مرة الطعم لا ريح لها” 2
وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“يقول الرب عز وجل : من شعله القرآن عن ذكري وعن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفصل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه “ 3
وروى البخاري في صحيحه عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :“خيركم من تعلم القرآن وعلمه”
هذه الأحاديث الشريفة وغيرها، ندرك فضل الاعتناء بكتاب الله عز وجل قراءة وحفظا، علما وعملا، لأنه وكما ورد في الأثر:حبل الله المتين ونوره المبين.. وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم…لا تشبع منه العلماء ولا تمله الأتقياء..)ولقد أدرك السلف الصالح هذا الفضل فتسابقوا لنيله. ولم تكن النساء قط أقل حظا في الحرص على هذا الخير من الرجل رغم تقصير المصادر في ذكرهن. ونقدم للزائر الكريم نموذجين من النساء الحاملات لكتاب الله،نموذج من السلف وثاني من الخلف، لعل الله يفتح قلوبنا ويقوي عزائمنا لنعاهد أنفسنا على حفظ كتاب الله قبل أن تأتي آجالنا ويفوتنا الحاملون لكتاب الله بالأجر والدرجات من الجنة.
حكاية المتكلمة بالقرآن*
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى:خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بسواد على الطريق فتميزت ذاك فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف.
فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فقالت: سلام قولا من رب رحيم
قال: فقلت لها: يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان ؟
قالت:ومن يضلل الله فما له من هاد
فعلمت أنها ضالة عن الطريق.
فقلت لها أين تريدين؟
قالت:سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
فعلمت أنها قد قضت حجها وهي تريد بيت المقدس.
فقلت لها: أنت منذ كم في هذا الموضع.
قالت:ثلاث ليال سويا
فقلت: ما أرى معك طعاما تأكلين.
قالت:هو يطعمني ويسقين
فقلت: فبأي شيء تتوضئين.
قالت: فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا
فقلت لها: إن معي طعاما فهل لك في الأكل؟
قالت: ثم أتموا الصيام إلى الليل
فقلت: ليس هذا شهر رمضان.
قالت: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم
فقلت: قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
قالت: وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون
فقلت: لم لا تكلميني مثل ما أكلمك؟
قالت:ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
فقلت: فمن أي الناس أنت ؟
قالت:ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا
فقلت: قد أخطأت فاجعليني في حل.
قالت:لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم
فقلت: فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة؟
قالت: وما تفعلوا من خير يعلمه الله
قال فأنحت ناقتي قالت:قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
فغضضت بصري عنها وقلت لها: اركبي. فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها.
فقالت:وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
فقلت لها:اصبري حتى أعقلها.
قالت:ففهمناها سليمان
فعقلت الناقة .
وقلت لها: اركبي فلما ركب.
قالت: كنا له سبحان الذي سخر لنا هذا وما مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
قال: فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح.
فقالت:واقصد في مشيك واغضض من صوتك
فجعلت أمشي رويدا رويدا وأترنم بالشعر.
فقالت: فاقرؤوا ما تيسر من القرآن
فقلت لها: لقد أوتيت خيرا كثيرا.
قالت: وما يذكر إلا أولو الألباب
فلما مشيت بها قليلا.
قلت: ألك زوج؟
قالت:يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم
فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة.
فقلت لها: هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت: المال والبنون زينة الحياة والدنيا
فعلمت أن لها أولادا.
فقلت: وما شأنهم في الحج ؟
قالت:وعلامات وبالنجم هم يهتدون
فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بها القباب والعمارات.
فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟
قالت:واتخذ الله إبراهيم خليلاوكلم الله موسى تكليمايا يحيى خذ الكتاب بقوة
فناديت يا إبراهيم! يا موسى ! يا يحيى! فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس.
قالت:فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه
فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي.
فقالت: كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
فقلت:الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها.
فقالوا: هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن. فسبحان القادر على ما يشاء.
فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
*من كتاب المستطرف لشهاب الدين الأبشيهي رحمه الله.