من المفاهيم القرآنية التي حددت وظائف كل من الرجل والمرأة؛ مفهومي القوامة والحافظية، وهذان المفهومان مستنبطان من الآية الكريمة: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء: 34].
تعددت التفاسير واختلف المفسرون في تفسير الآية الكريمة التي جمع فيها المولى عز وجل بين وظيفة الزوج ووظيفة الزوجة. وأشار الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله إلى هذا المعنى في كتابه “المنهاج النبوي” حين جعل “القوامة والحافظية” الشعبة الثامنة في الخصلة الأولى الموسومة بـ”الصحبة والجماعة”، حيث ما لبث يذكر دائما أن “النساء إذا صلحن كن الركن الركين في بناء المجتمع الإسلامي المتجدد”، وكان يرى رحمه الله أن مهمة النساء أشق من مهمة الرجل، ولطالما استعمل ألقابا تكليفية أكثر منها تشريفية في خطابه للنساء،
فكان يطلق عليهن “حافظات الفطرة” و”صانعات الأجيال”… بل وأفرد لهن مؤلفا جامعا شاملا، يضم بين دفتيه التكامل الوظيفي بين القوامة والحافظية، مستنيرا بالهدي النبوي الرشيد، سماه “تنوير المومنات”.
ولعل التجسيد الواقعي الآني لمفهوم الحافظية، يتجلى وضوح الشمس في المرأة الغزية التي أبانت بقوة عن مدى تمثلها للآية الكريمة في جميع حالاتها؛ أما وبنتا وزوجة وأختا، بل وأرملة أيضا، خاصة بعد طوفان الأقصى، فمع كل أسماء القادة الشهداء، وباقي المقاومين أيضا، تسمو في الآفاق سيرة زوجة صابرة محتسبة حافظت وحَمَت العرين في غياب أسدها. ومع كل حكاية أسير، بدت الصور والفيديوهات متألقة بعشرات الزوجات الوفيات اللائي ما زلن على العهد، يخلفن الآباء والأزواج ويحفظن الدار والأبناء، لعشرات السنين دون ملل أو كلل، ليجسدن بحق مقولة إن وراء كل رجل عظيم امرأة.
اليوم ونحن نستقبل يوم المرأة العالمي، لا يسعنا إلا أن نقدم لنساء غزة أسمى عبارات التقدير، فلولاهن لما مضى هؤلاء الرجال مطمئنين على فلذات أكبادهم، مؤمنين بأن للبيت ربة تحميه، وتحفظ الود والعهد.
فـ”على المؤمنات أن يعرفن جبهتهن”، عبارة للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله؛ هي نداء وتوجيه لنساء الأمة، فلا ينخدعن بالشعارات الزائفة والعبارات المنمقة التي تحيد بهن عن مهمتهن الأولية وعن برجهن الاستراتيجي و صرحهن المنيع “بيوتهن”، فهناك تُصنع الفطرة وتُبنى الأجيال، وتختمر كل معاني الإيمان لتنضج على مهل في قلوب الناشئة ..
كل عام ونساء الأمة بخير ..
كل عام ونساء غزة سيدات الدنيا، وصحابيات العصر، وفضليات العالم، ونماذج تحتذى، وأيقونات عصية
على النسيان .