خلد المغاربة الذكرى الثانية لطوفان الأقصى المجيد بمسيرة شعبية حاشدة يوم 5 أكتوبر 2025، حجت إليها حشود من المشاركين من كل المدن المغربية بكل فئاتهم العمرية شيبا وشبابا ونساء وأطفالا. غصت بهم شوارع العاصمة الرباط، يتوشحون الشارات والكوفيات ويحملون فوق رؤوسهم الأعلام الفلسطينية كما يحملون في قلوبهم حب فلسطين وعشق الأقصى وأهله.
بحّت حناجرهم بالشعارات المدوية التي تحمل في طياتها أجمل التحايا للشهداء والمرابطين في الثغور، الصامدين في الأنفاق، المدافعين عن ما تبقى من شرف الأمة.
ومن اللافت في كل التظاهرات المساندة لفلسطين؛ مشاركة متميزة للأمازيغيين في الفعاليات المحلية والجهوية والمسيرات الوطنية المليونية في المدن الكبرى.
ورغم أن أغلب المغاربة ينحدرون من أصول أمازيغية إلا أن إبراز هذه الخصوصية في مثل هذه التظاهرات لا يتأتى إلا بأمرين: أولهما الزي الأمازيغي المعروف لدى الرجال وكذا النساء؛ وثانيهما وهو الأوضح ترديد الشعارات بالألسن الأمازيغية؛ الريفية في الشمال والزيانية الأطلسية في الوسط والجنوب الشرقي والسوسية تاشلحيت في الجنوب وسوس.
نرصد في هذه المقالة أهم الشعارات التي رفعها الأمازيغ في مسيرة الرباط يوم 05 أكتوبر2025 لنستكشف الرسائل والدلالات الرمزية التي تكتنفها، فهي ليس مجرد أهازيج وصيحات لتأثيث المشهد بل رسائل ومواقف ذات حمولة سياسية وحضارية تجلي عمق الانتماء الحضاري للأمازيغ ومعانقتهم لهموم أمتهم الإسلامية؛ وتبنيهم للقضايا الإنسانية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وحب الأقصى وأهله والتضامن غير المشروط مع غزة وشعبها الصامد والتنديد بالإبادة الجماعية والوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني في هذه البقاع الطاهرة، بقتل الأطفال والرضع والنساء والشيوخ وهدم المستشفيات فوق رؤوس المرضى والعجزة وهدم دور العبادة على من فيها من المصلين.
وما تروجه بعض المنابر الإعلامية من تأفف الأمازيغ من التعبير الصريح عن مساندة الكفاح الفلسطيني ومقاومته وعدم خروجهم في أشكال نضالية خاصة بهم؛ مجرد فرضية غير ثابتة، مردها الخلط بين بعض مكونات ما يسمى إعلاميا وسياسيا بـ”الحركة الثقافية الأمازيغية” وبين عموم الأمازيغ في البوادي والحواضر وأين ما وجدو. ولست هنا بصدد الرد عن هذه الفرضية وتفنيدها بما يقتضيه الموقف من حجج واقعية ودلائل تاريخية؛ بل لإبراز مبدئية موقف الأمازيغ من القضية الفلسطينية ومساندتهم لمقاومة الشعب الفلسطيني وتضحياته من أجل دحر الاحتلال ووحشيته عن أرضهم والدفاع عن شعبهم.
ومن أهم الشعارات التي تؤكد هذه المواقف الراسخة التي يرددها الأمازيغ في كل الفعاليات التضامنية المغربية مع الطوفان، آخرها المسيرة الحاشدة بالرباط يوم 05 أكتوبر 2025:
المغرب د فلسطين يان أدكان أور بضين
المغرب وفلسطين شعب واحد وليسا مختلفين
زي المغرب أغزة ذوماثن لبدا (بالأمازيغية تارفيت: من المغرب إلى غزة إخوة دائما)
تماسيت ن فلسطين تينخ كلو أتكا.. فلسطين أورا ستنفل إدامنخ اختلا
هم فلسطين همنا جميعا.. لن نتخل عن فلسطين لأنها تجري في عروقنا
للتذكير بأواصر العقيدة والايمان والتاريخ والحضارة والانتماء للأمة الواحدة التي تربط بين الشعب المغربي والشعب الفلسطيني، وردا على الذين يدعون أن القضية الفلسطينية شأن محلي خاص بهم او عربي لا علاقة لغير العرب به.
وعكس ما يسعى إليه البعض من إلصاق لوثة التطبيع الخائن بكافة الأمازيغ لمجرد مشاركة ثلة قليلة من الانتهازيين في أنشطة تطبيعية؛ أو لمجرد ترميز إعلامي وسياسي لجمعيات معزولة تدعي زورا وبهتانا “الصداقة بين الصهاينة والأمازيغ” وهي عارية من كل سند شعبي، بل منبوذة اجتماعيا، يطلب الأمازيغ في هذا الشعار بإسقاط التطبيع ونبذه واحتقار المطبعين المهرولين لأحضان العدو الصهيوني:
أد يبضو التطبيع أسا.. غزة ءوردا تنزا
ليسقط التطبيع اليوم غزة ليست للبيع
سومزان سوكسوات.. التطبيع ءوثرين
الصغير والكبير يرفضون التطبيع
مؤكدين أن غزة وكل فلسطين وقف غير قابل للبيع ولا التفريط فيه، وهو من المقدسات التي تبدل المهج والأرواح للدفاع عنه، وما زال باب المغاربة وحارتهم هناك شاهد على جهاد الأجداد في سبيل تحريره من الغزاة الصليبيين:
ماستنا غزة ماستنا غزة.. فلسطين ءورا اتنزا
ماذا قالت غزة فلسطين ليست للبيع
فلسطين ماست ءزنزان.. ءسمكان ن ميريكا
من باع فلسطين عبيد أمريكا
مكجران مكجران.. والحكام ءكنزان
ماذا جرى ماذا جرى لقد بيع الحكام
إشارة الى الأنظمة المطبعة التي فرطت في مقدسات الأمة من خلال اتفاقيات الخيانة والتطبيع مع الصهاينة.
ولم ينس المشاركون في هذ المسيرة الشعبية التذكير بمعاناة الغزاويين الصامدين في أرضهم وفي أكناف بيت المقدس، رغم الإبادة الجماعية والتقتيل الوحشي من قبل آلة الحرب الصهيونية المدعومة أمريكيا والصمت العربي الرسمي المبارك لهذه المجازر الوحشية:
فلسطين ءيخوباس.. القنبول كيض دواس
فلسطين تعاني.. القنابل ليلا ونهارا
ءال ءاوال ارفلا.. غزة توضن ءارتلا
أخر الكلام غزة تعاني وتبكي
واسغويو ءايا مغربي هان صهيون ءيكا إرهابي
ارفع صوتك يا مغربي فالصهيوني إرهابي
مشاركة الأمازيغ في هذه المسيرة التضامنية مع الشعب الفلسطيني ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بل ينظم الأمازيغ باستمرار فعاليات تضامنية في كل المدن وحتى بعض القرى على مدار زمن الطوفان الأقصى المبارك من وقفات ومسيرات؛ ترفع فيها الشعارات وتلقى فيها الخطابات والكلمات بكل الألسن الأمازيغية وتنظيم ندوات فكرية للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في تهمم الأمازيغ واهتماماتهم ورفضهم المطلق بوسم كل الأمازيغ زورا وبهتانا بقبول التطبيع مع العدو أو المشاركة فيه.