قراءة في موقف العدل والإحسان من قرار مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء

Cover Image for قراءة في موقف العدل والإحسان من قرار مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء
نشر بتاريخ

كما كان متوقعا لم يتأخر موقف جماعة العدل والإحسان من قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص تسوية ملف الصحراء طويلا، فقد انتظرت الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة أن تهدأ فورة العواطف الفياضة والمشاعر الوطنية الجياشة، لتعبر عن موقفها الهادئ الرصين بكل وضوح ومسؤولية من موقع مسؤوليتها أمام شعبها وأمتها ومن منطلق أداء الأمانة بوضوح كونها جزءا من النسيج الوطني والاجتماعي لمغرب الأمة لا مغرب السلطة.

لهذا جاء البيان معبرا عن موقف متوازن ومنسجم وعقلاني بأبعاده الوطنية والإقليمية والدولية ومذكرا وبالمواقف السابقة من ملف الصحراء، وهذه أبرز مضامينها مختصرة في أربع ملاحظات، حيث يقدم تحليلاً شاملاً لقرار مجلس الأمن رقم 2797 من منظور جماعة العدل والإحسان، ويربط بين قضية الوحدة الترابية ومطالب الديمقراطية الداخلية، ويرفض بشدة أي مساومة أو ابتزاز خارجي.

أولاً: تحليل قرار مجلس الأمن رقم 2797 ومقترح الحكم الذاتي

تُقر جماعة العدل والإحسان بأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، الذي جدد ولاية بعثة المينورسو، يمثل خطوة نحو حل معقول ومقبول للقضية التي طال أمدها، ويشير القرار إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي أساساً للتفاوض، وترى الجماعة أن هذا القرار يضع الجميع في المغرب أمام “لحظة فارقة” تتطلب موقفاً وطنياً متوازناً يتجاوز المصالح الضيقة والبهرجة التافهة، كما تُقدر الجماعة جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن في الحفاظ على “وقف إطلاق النار وتجديد ولاية بعثة المينورسو”، كضرورة لتجنب شبح الحرب.

بالنسبة لمقترح الحكم الذاتي، تعتبره الجماعة فرصة سانحة، ولكن بشرط تفعيله بشكل:

• ديمقراطي وعادل وشفاف وحكامة جيدة.

• يهدف إلى تنمية الأقاليم الجنوبية ومنح ساكنتها صلاحيات واسعة في تدبير شؤونها المحلية.

• يُنهي مشكلة مفتعلة أصبحت عبئاً على الجميع محلياً ودولياً.

ثانياً: الموقف الثابت لجماعة العدل والإحسان حول الوحدة الترابية والديمقراطية

تنطلق جماعة العدل والإحسان من موقف ثابت وإيمان راسخ بضرورة الوحدة المغربية، وتؤكد الجماعة رفضها المطلق لأي مشروع يؤدي إلى مزيد من التجزئة، وأن قوة المغرب تكمن في “وحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي والترابي، ورفض كل ما يؤدي إلى التفرقة والتفتيت”، ومع ذلك، تربط الجماعة بين قضية الوحدة الترابية والمطالب الديمقراطية والاجتماعية.

•رفض المقاربة الانفرادية: تعارض الجماعة المقاربة الانفرادية التي “طبعت تدبير ملف الصحراء منذ بداياته، والتي حرمت المغاربة من حقهم المشروع في الإسهام الكامل في حله”.

•رفض التوظيف السياسي: عارضت الجماعة وما زالت تعارض توظيف قضية الصحراء كورقة للتغطية “على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية الحادة التي يعيشها المغرب، والتي يتحمل النظام المخزني مسؤوليتها.

الشرط الديمقراطي للسيادة: تعتبر الجماعة أن من الظلم والعبث فصل قضية الوحدة الترابية عن قضايا الديمقراطية والعدل الاجتماعي، فأي حكم ذاتي حقيقي يجب أن يكون جزءا من “مشروع ديمقراطي شامل يضمن العدل والحرية والمشاركة الفعلية لجميع المغاربة، ولا يمكن الحديث عن سيادة وطنية حقيقية على الأقاليم الجنوبية دون “سيادة شعبية فعلية” على القرار السياسي عبر ديمقراطية حقيقية”.

ثالثاً: رفض المساومة والابتزاز مقابل التطبيع

يُشكل رفض المساومة على القضية الوطنية مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني أحد أهم مرتكزات موقف الجماعة في سياق هذا القرار، فالعدل والإحسان ترى أن “محاولات الابتزاز التي قد تربط حل قضيتنا الوطنية “بالتطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم أو مقايضة هذا الحل بثروات الشعب، هي أمر بالغ الخطورة، وأن هذا التشويش يهدد القرار الوطني ومقدراته الاقتصادية، كما يشوش على عدالة القضية التي لا تحتاج إلى “صكوك غفران” من كيان محتل وساقط إنسانياً، وتعتبر الجماعة أن:

• التطبيع خيانة للمبادئ الشرعية والوطنية والإنسانية.

• هذه الخيانة تزداد خطورة خاصة في ظل جرائم الإبادة التي يقترفها الكيان في غزة.

• لا يمكن أن يكون ثمن الوحدة الوطنية هو “التنازل عن قضية الأمة المركزية” أو التفريط في خيرات البلد وثرواته.

رابعاً: الدعوة إلى انفراج داخلي وتوحيد الجهود

كما ترى جماعة العدل والإحسان أن الظرف الحالي يفرض على كل العقلاء والغيورين حقاً على مصالح المغرب العليا أن “تتكاتف جهودهم”، ويجب استثمار قرار مجلس الأمن الأخير كخطوة مهمة لإحداث انفراج كبير في الملفات الحقوقية والسياسية، ويجب أن يبدأ هذا الانفراج من:

• الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.

• تدشين مصالحة وطنية واسعة نحو ترسيخ وحدة داخلية حقيقية.

• الرقي بالوطن واستثمار المنجزات من أجل مستقبل واعد.

وختاما يمكن القول إن العدل والإحسان لا تزايد بمواقفها على أحد، ولا تتحكم في صياغة مواقفها ردود الأفعال ولا الاستفزازات، ولا تصوغ مواقفها تحت الطلب أو انخراطا في نسق جوقة المطبّلين المتاجرين بقضايا الوطن وثرواته وتاريخه وأزماته، ولا تستفزها الأراجيف والمغالطات، فمواقفها واضحة ومسؤولة ولمن شاء الرجوع إلى الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان فهي تفصيل وبيان للموقف من ملف الصحراء.