في السنة الثالثة إعدادي من مساري الدراسي درست مادة كانت بداية لاكتشاف موهبتي ألا وهي مادة التربية التشكيلية، لم يتبادر إلى ذهني قط أن أمتلك موهبة الرسم إلا بعد حصص هذه المادة، رغم أنني درستها في المرحلة الابتدائية إلا أنها نمت وتكونت في تلك السنة. صادفت دراستي لهذه المادة جائحة كورونا التي بدورها جعلتني أكتشف أنني أستطيع رسم أي شيء فقط تلزمني الرغبة وطول النفس والأدوات، ومن بين أول ما رسمت علم فلسطين.
بسبب عملية “طوفان الأقصى” وكل الأحداث التي حصلت من مجازر جماعية يرتكبها الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين وجرائم الحرب، التي تبثها وسائل التواصل الاجتماعي على مدار اليوم والليلة، زادت مشاعري تجاه فلسطين، فسألت نفسي: كيف لي أن أظهر تضامني مع القضية الفلسطينية؟
وبعد مدة من التفكير توصلت إلى أن الطريقة المثلى لإظهار تضامني مع القضية الفلسطينية هي الرسم. فأخذت أرسم وأرسم حتى إذا بي ألاحظ أنني أصبحت في أي وقت أردت فيه الرسم، أجدني أرسم رسمة توحي للقضية الفلسطينية. ومنذ ذلك اليوم إلى حدود الساعة وأنا أرسم من أجل إيصال صوت القضية الفلسطينية والتضامن معها.
بدا لي في بداية الأمر أن الطريقة التي توصلت إليها هي الطريقة الوحيدة لتضامني مع القضية الفلسطينية بعد الدعاء، حتى اكتشفت أن هناك العديد من الطرق الأخرى التي من بينها صناعة المحتوى، الكتابة والتدوين، المشاركة في الوقفات والمسيرات الداعمة للقضية الفلسطينية، وكذلك لبس الكوفيات الفلسطينية عند الذهاب للعمل أو الدراسة، حيث هذا ما علق في ذهني.
في يوم من أيام دوامي لهذه السنة وأنا في طريقي إلى وجهتي، لاحظت من بعيد رجلا كهلا يمشي بكل افتخار وثقة. استغربت في البداية من الأمر حتى اقترب فلمحت الكوفية الفلسطينية فوق كتفه. اندهشت في بداية الأمر من شجاعة وشهامة هذا الرجل، كيف أنه يتحدى مؤيدي التطبيع بهذه الكوفية بعد اكتشافي أنه يعمل في المحكمة، وكيف أنه من خلال فعل بسيط فقط يجعل الناس تتذكر القضية الفلسطينية وتبحث عنها. ومنذ ذلك الحين وأنا أصادفه في الطريق يوميا مرتديا الكوفية كحالته التي وصفتها أول مرة، مما جعلني أبادر أنا أيضا إلى ارتدائي للكوفية عند خروجي من المنزل، فكما أثر بي وجعلني أتبنى فكرة تضامنه مع القضية الفلسطينية سوف أؤثر إن شاء الله تعالى أنا أيضا في شخص آخر وأجعله يتعرف على القضية الفلسطينية بدون نطق كلمة واحدة.
وهذا ينطبق أيضا على مقاطعة المنتوجات الصهيونية وداعميها؛ فإن قاطعت منتوجا صهيونيا وأعلنت ذلك أمام الناس فبالإضافة إلى أني سأكون سببا في انخفاض أسهم الشركات الصهيونية، فإني كذلك سوف أجعل شخصا ما يتعرض للفضول ويبحث عن القضية الفلسطينية وهنا أكون قد أظهرت تضامني ثم عرّفت بعض الشيء بالقضية الفلسطينية.
لعب طوفان الأقصى دورا مهما في حياتي بحيث جعلني أرى ما وراء الستار، وجعلني أتبنى العديد من القيم من الشعب الفلسطيني أهمها العزة والشهامة والشجاعة والتضامن والحياء واليقين الكامل بالله.
فاللهم إنك أدرى أن لا حول لنا ولا قوة إلا بك، وأن قلوبنا مع الشعب الفلسطيني الحبيب، وأنه لا يسعنا إلا الدعاء وفعل ما تيسر لنا فعله تجاه القضية؛ فاللهم الطف بعبادك وارحم شهداءهم وداو جرحاهم واجبر كسرهم وعوضهم عن مصابهم.. والحمد لله رب العالمين.