“كورونا”.. وهو القاهر فوق عباده

Cover Image for “كورونا”.. وهو القاهر فوق عباده
نشر بتاريخ

غريب أمر أمتك حبيبي يا رسول الله! تتزلزل الأرض من تحت أقدامها فكأنما تعثرت وهي تجري في الكون لمستقر لها، تفيض البراكين مستشيطة غضبا وكأنها مجرد نوبة ضاقت بها جنبات الجبال الراسيات، ويغطي التسونامي السواحل… لا تجزع… إنما هي حركة مد تقيس حجم امتداد أمواج ضاقت بها بحار المحيط. 

رباه! أنت المستعان يا الله! كيف تستخف عقولنا، وقبلها قلوبنا، بسنن الله في كونه الفسيح، (لو شئتَ لأطبقت عليهم الأخشبين) قيلت لترد الاعتبار لسيدي رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه عندما تعرض للتعذيب والطرد وهو يقتحم غياهب ظلمة غشت أهل الطائف لا لشيء إلا ليدلهم على الله.  كان الحبيب المصطفى أحنهم على ولد، فدعا لهم وأخرج الله من بين أصلابهم من يعبد الله.

كورونا… توجس منه الناس كل التوجس وأخذ منهم الرعب مأخذه، وباءٌ أدخل العالم في موجة من الهلع، صار حديث الناس، بين نكتة تثير الضحك حتى تظهر نواجذ بعضهم، وبين احتراز من المرض الخطير الذي أردى المئات من الضحايا قتلى تحت التراب. سرعة انتشار غريبة حيرت الأطباء، أين الدواء؟ متى الفكاك؟ وهل من شفاء؟

الناس متمسكون بالحياة حد الثمالة؛ فلا شهية لهم أمام هذا الوباء الذي أوقف أحلامهم عن معانقة السماء، توقفت الأسفار، وغير بعيد تتوقف كل التجمعات العائلية، ومن يدري عطسة هنا تحيلك إلى حَجْر صحي هناك، وتحرم الأم من معانقة فلذات أكبادها، وتلف القلوب نوبة من الحزن.

إنه الله المتصرف في ملكه، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. هذه قدرة الله التي تناساها الناس حين رفعوا أكفهم بالدعاء وقد تغلفت قلوبهم بالشك. كورونا جند من جنود الله والذي خلقه قادر على إماتته. لكن ماذا كان الدرس يا ترى؟

ما نزل داء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة؛ موعد من مواعيد الصلح تهبها لك أقدار الله لتعود بكامل عجزك وافتقارك وتعلن أمامه كل انكسارك. لا يمسن الوباء روحك فتموت قبل موعد الفراق. وتأدب مع خالقك أخذا بأسباب النجاة، والزم وصية أهل الذكر؛ أطباء الزمان.. هم الأئمة والوعاظ والترجمان. وتعلم من كورونا أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة. وأن الله الذي سلط الداء بيده أن يلهم البشرية الدواء. وأن أمة قد بلغت من العلم ما بلغت ما استطاعت أن تأتي بمقدار ما يأخذ المخيط من البحر، رغم علو كعب علمائها في كل وسائل اكتساح الفضاء. فيروس بحجم العدم يفضح نقص البشر أمام كمال الله وقدرته وإعجازه، ويوقف جموح الفكر الإنساني حول التسلط والهيمنة والجشع، ويوقف عجلة الزمان لحظة من تأمل ليعلم الجميع أن الله هو القادر المقتدر، القاهر فوق عباده، المحيط بكل شيء علما وقدرة، وهو اللطيف الخبير.