لله ذرك يا جار…

Cover Image for لله ذرك يا جار…
نشر بتاريخ

علاقات وروابط كادت تتلاشى وتتحطم على جليد أحياء الإسمنت ووشائج أضحت مثل الخرسانة في أحياء غيبت وحشة هندستها بهجة زقاق الأمس، أشباح يهيمون على وجه الأرض نهارا ليلف أجسادهم ليل طويل، وطاحونة الوقت تطحن دواليبها ضلوع المساكين حتى أضحى المرء لا يعرف أدنى جار له، فكيف بجاره القصي؟

لله ذرك يا جار…

ها هو الإسلام يعظم علاقة الجوار، حيث يقول الله تعالى في سورة النساء الآية 36: واعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى و المساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب.وعن عبد الله بن عمر بن العاص، قال صلى الله عليه و سلم: “خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره”رواه أحمد.لله ذرك يا جار… فأنت الذي قال فيك الرسول صلى الله عليه و سلم:“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره”رواه البخاري ومسلم.وأوصى الحبيب صلى الله عليه وسلم بإكرامك والإحسانإليك، قال صلى الله عليه و سلم وهو يوصي أبا ذر:“يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها و تعاهد جيرانك”رواه مسلم.ولا زالت السنة النبوية الشريفة ترعى علاقة الجوار حتى قال صلى الله عليه وسلم:“ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم”رواه الطبراني، تفقد ذؤوب يقوي النسيج الاجتماعي ليصير لحمة واحدة.وحرص نبوي شريف على تفقد حال الجار والسؤال عنه ربما يكون به عارض مرض أو دين فبات والطوى يطوي ضلوعه وتطوي صحائفنا غفلة عن هديه الشريف.وحين يلتقي الجار بالجار فليتذكر حديث المختار مع الملك جبريل الذي ظل يوصيه على الجار حتى ظن أنه سيورثه. مبالغة من الجناب النبوي الشريف ترفع مقدرة الجار وتبوئ هذه العلاقة مكانة عظيمة.فيا من ينتسب إلى أمة الحبيب،هذا الحبيب يدعوك لصون حقوق جارك: أن تعيده إذا مرض، وتجيب دعوته وتبادره بإلقاء السلام في زمن عز فيه السلام.و حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من مغبة إيذاء الجار، حيث قال:“والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله،قيل من يا رسول الله؟ قال من لا يأمن جاره بوائقه” متفق عليه.بل ها هي الشريعة الإسلامية السمحاء تدعو الجار لتحمل أذى جاره، قال الله تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور سورة الشورى الآية43دعوة صريحة لتحمل أذى الجار استنهاضا للنفوس الطامحة للإحسان، حرصا على تماسك الأمة تماسكا يليق بخيريتها، قال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر و تؤمنون بالله .عناية ربانية وحنو من الجناب النبوي الشريف صانا هذه العلاقة الإنسانية في زمن يلهث اللاهثون وراء بنود حقوق الإنسان علها تضمن لهم شيئا من إنسانيتهم.

فلله ذرك يا جار…