متحدثا عن التحديات والإمكانات والمداخل.. ذ. قنجاع يعرض سبل إسهام الشباب في معركة البناء والتحرر

Cover Image for متحدثا عن التحديات والإمكانات والمداخل.. ذ. قنجاع يعرض سبل إسهام الشباب في معركة البناء والتحرر
نشر بتاريخ

اقترح الأستاذ محمد قنجاع الباحث في قضايا الفلسفة والفكر السياسي ستة مداخل اعتبرها أساسية وحاسمة في إسهام شباب الأمة والوطن في معركة البناء والتحرر، بدأها بالمدخل التربوي الذي يتجسد في قوة الإيمان عبر غرسه ورعايته “إيمان يتجدد ويسري في القلوب ويصير الباعث الإيماني شاحذا للعقول رافعا للهمم مُقوّيا للجوارح ومُعينا على حمل الأخطار”.

وأضاف ضمن مشاركته في ندوة “الشباب ورهانات البناء والتحرير” التي نظمتها جماعة العدل والإحسان اليوم الأحد ضمن فعاليات تخليدها للذكرى الثانية عشرة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، مداخل أخرى منها مدخل الثقة “ثقة القيادة في الشباب وثقة الشباب في نفسه”، ومدخل اكتساب العلم والتحصيل العلمي، وكذا الانفتاح والتلاحم في أوساط الأمة…

قنجاع الذي كان يشارك إلى جانب كل من الكاتب زياد بومخلة الكاتب والصحفي سليمان الريسوني والباحث رشيد العدوني في الندوة التي أدارتها الشابة آسية وجامع، بسط مداخلته من خلال ثلاثة محاور: التحديات التي تعوق الشباب؛ وإمكانات الشباب التي تؤهلهم لهذا الاسهام؛ وسبل إسهام الشباب في معركة البناء والتحرر.

أبرز تحدّ يواجه الشباب يقول الباحث في قضايا الفلسفة هو الاستبداد والاستكبار: الوطني والعالمي؛ فالاستبداد يخنق الحياة ويتضرر منه الجميع، لأنه يقتل الطموح والمبادرة، ويكون بذلك الشباب أكثر المتضررين. أما الاستكبار العالمي فيغتال الإرادة الحرة ويسرق وينهب الأرزاق ويفتت المجتمعات، ويحمي قوى الشر، ويديم فينا الاستبداد بتمويله ورعايته وحمايته. أما التحدي الثاني فهو الظلم الاجتماعي والاقتصادي “وهو أحد أهم الكوابح المعطلة للشباب ولضياعهم”، معتبرا أن ارتفاع نسب البطالة شاهدة على ذلك سواء في العالم العربي (24،8 في المائة) أو في المغرب (35% بحسب مندوبية التخطيط)، ناهيك طبعها عن واقع الإدمان والمخدرات وغياب السكن والفقر. أما التحدي الثالث فهو ضَرْب القيم واستهداف الهوية ومسخ الفطرة مشيرا إلى أنها “حملة ممنهجة ممولة مرعية” عبر آليات واستراتيجات الإلهاء والإفساد والإشغال لتغييب عقول الأمة وقوة شبابها.

أما بخصوص الإمكانات المتاحة للشباب فقد أشار إلى ثلاث إمكانات أساسية، بدأها بما أسماه “الشباب طاقة ديموغرافية كبيرة جدا” إذ إن “شباب وطننا وأمتنا يشكلون قاعدة شعبية عريضة وفتية يمكن الاعتماد عليها، والاحتكام لقدراتها واستثمار طاقاتها”، منوها إلى أن نسبة الشباب في الهرم السكاني بالمغرب تصل إلى 34% أي ما يقارب 12 مليون شاب وشابة، ما يعني أن الشباب يشكلون النسبة الأكبر في مجتمعاتنا، ما يجعلهم قوة محركة مشددا على أن “طاقتهم هذه هي ميزة حيادية، قد تستثمر للنهوض، وقد تضيع فتصبح ما تحدثنا عليه في التحديات”. أما ثاني المقومات فهو “الوعي الرقمي وقدرة الشباب على ولوج أدوات التكنولوجيا المتعددة واستخدامهم لمختلف الوسائط التواصل الحديثة”، عادًّا أن تقدم الذكاء الاصطناعي قادر أن يساهم في تقليص الفجوة الهائلة في الموارد والإمكانيات بيننا وبين الغرب، والتي قد تساعد هذا الجيل والأجيال التي بعده في النهوض العلمي والبحثي. أما ثالث الإمكانات فهو القوة القيمية الإيمانية الكامنة في أوصال شباب هذه الأمة قائلا بأن هذه القوة “بدت ناصعة وجلية حينما انتفض أهلنا في غزة، وصنعوا بالسابع من أكتوبر ملحمة مشهودة، رغم التفاوت المرعب في كل شيء، إلا في ترسخ عقيدة الإيمان والتحرير الذي كسرت الحواجز”.

وقد أكد قنجاع في نهاية محوره الثاني على أن الإمكانات والمقومات التي ذكرها يعضدها ويسندها تجارب تاريخية ملهمة، ذلك أن الشباب هم من شكلوا العمود الفقري لكل الحركات الجهادية التحررية ضد الاحتلال، كما أن الربيع العربي أثبت أن جسم شباب الأمة لا زال يقظًا ممانعًا قادرًا على التضحية والعطاء، منوها إلى أن الشباب المغربي قاد عدة معارك حقوقية مثل نضال الطلبة الأطباء ومعركة الأساتذة المتدربين والمرسبين والمتعاقدين، وحتى في الهبات الشعبية في حراك الريف وجرادة كان الشباب هو العامل المفتاح، موجها تحية إلى الأبطال ممن يقضون زهرة شبابهم خلف القضبان: ناصر ونبيل وغيرهما.

وبالعودة إلى محور مداخل إسهام شباب الأمة والوطن في معركة البناء والتحرر، وهو ما أشرنا إلى مداخل أربعة منه في البداية، فقد وقف الباحث في الفكر السياسي عند مدخل “الوحدة ولمّ الشمل” ذلك أن على الشباب أن يتحلّوا بأخلاق تقبّل الآخر “فعليهم تعوّل الأوطان لبناء العمل المشترك وتدبير الاختلافات”، والشباب منتدب ليكون منه «العناصر الجامعة» التي تعمل على تقريب الشقة وجمع الشمل والانفتاح على كل الأطياف والمكونات بنفس وحدوي يصون التعددية ويرعى الاختلاف دون إقصاء ولا صراع. أما آخر مدخل عرضه قنجاع فهو “الاقتحام”، مطالبا أن يكون شباب الأمة حاملا لا محمول، ومذكرا بأن الإمام رحمه الله كان يعتبر الشباب مادة الفتوة وقوة الاقتحام، فنتربى، يقول المتحدث، ونربي أنفسنا ونوطنها على الرجولة والجندية وتحمل المسؤولية ونقدم النموذج في للتضحية والوقوف في الصفوف الأولى ونبذل أنفسنا في سبيل الأمة والإنسانية.