مجلس الأمن يقر “خطة ترامب” في غزة والمقاومة تؤكد: “وصاية دولية”

Cover Image for مجلس الأمن يقر “خطة ترامب” في غزة والمقاومة تؤكد: “وصاية دولية”
نشر بتاريخ

أقر مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الاثنين 17 نونبر 2025، مشروع قرار أميركي معدل يؤيد الخطة التي طرحها الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة. ويدعو القرار إلى التنفيذ الكامل لهذه الخطة والحفاظ على وقف إطلاق النار القائم. وقد حظي مشروع القرار بموافقة 13 عضوا في المجلس، بينما امتنعت كل من روسيا والصين عن التصويت، دون استخدام أي منهما لحق النقض (الفيتو)، مما سمح بتمرير القرار الذي حمل رقم 2803.

رفض فلسطيني واسع للقرار

بعد مرور 39 يوما على بدء وقف إطلاق النار، جاء رد الفعل الفلسطيني على قرار مجلس الأمن الجديد سريعا وحاسما، حيث انتقدت فصائل المقاومة الفلسطينية القرار بشدة. ورأت هذه الفصائل أن القرار لا يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني ولا يضمن حقوقه الأساسية، بل يمهد لفرض شكل من أشكال السيطرة الخارجية على القطاع.

وقد أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا انتقدت فيه القرار، مؤكدة أنه لا يرتقي إلى مستوى المطالب والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأضافت الحركة أن القرار يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو أمر مرفوض تماما من قبل الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله المختلفة التي تعتبره تدخلا في شؤونها الداخلية.

من جانبها، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي رفضها القاطع للقرار، معتبرة أنه يمثل وصاية دولية مرفوضة على قطاع غزة. وأوضحت الحركة أن القرار يعمل على فصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية، ويفرض وقائع جديدة على الأرض تتناقض بشكل صارخ مع الثوابت الوطنية التي يتمسك بها الشعب الفلسطيني.

تنديد شامل وتأكيد على الثوابت

في بيان موحد، نددت القوى والفصائل الفلسطينية مجتمعة بقرار مجلس الأمن، معتبرة إياه أداة لفرض الوصاية وشراكة دولية في ما وصفته بـ “إبادة شعبنا”. وأكدت الفصائل تمسكها الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن نفسه ضد الاحتلال، رافضة أي محاولة لنزع هذا الحق.

كما شددت القوى والفصائل على أن هذا القرار يضرب في الصميم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ويقوض سعيهم المشروع لنيل سيادتهم الوطنية الكاملة على أراضيهم. واعتبرت أن مثل هذه القرارات تتجاوز الإرادة الشعبية وتفرض حلولا لا تخدم القضية الفلسطينية.

وأشارت الفصائل إلى أن القرار يربط بشكل واضح انسحاب قوات الاحتلال ووقف الحرب على القطاع بشروط الاحتلال نفسه، مما يجعله منحازا وغير عادل. ورأت أن هذا الربط يفرغ أي دعوة لوقف إطلاق النار من مضمونها الحقيقي، ويجعلها مرهونة بموافقة الطرف المحتل وشروطه.

بنود القرار وآلياته المقترحة

يتضمن القرار رقم 2803، الذي تبناه مجلس الأمن، إطارا عاما إداريا وأمنيا لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ويعتمد القرار بشكل أساسي على الخطة الشاملة المعروفة بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المكونة من 20 نقطة، والتي صدرت في 29 شتنبر 2025، داعيا جميع الأطراف إلى تنفيذها بالكامل.

ومن أبرز بنود القرار الترحيب بتأسيس “مجلس للسلام” كهيئة إدارية انتقالية تتمتع بشخصية قانونية دولية. وستكون مهمة هذا المجلس هي الإشراف على عملية إعادة إعمار غزة، وذلك إلى حين استكمال برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية، مع التأكيد على أن عمل المجلس يجب أن يتماشى مع مبادئ القانون الدولي.

القرار الذي يمنح لمجلس السلام صلاحيات مطلقة، يتحدث “قوة استقرار” دولية مؤقتة، مما يثير مخاوف الفصائل الفلسطينية بشأن طبيعة هذه القوة ودورها، وما إذا كانت ستخدم أجندات خارجية تهدف إلى فرض واقع أمني جديد في القطاع لا يخدم مصالح سكانه.

تفاقم المأساة الإنسانية في غزة

يأتي هذا الجدل السياسي في وقت تتفاقم فيه المأساة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، خاصة مع دخول موسم الأمطار. وقد وصف مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن الوضع في القطاع بأنه “كارثي”، مؤكدا وجود مئات الآلاف من الأسر التي تعيش بدون خيام أو أي مرافق أساسية تقيها من البرد والمطر.

من جهته، دق مكتب الإعلام الحكومي في غزة ناقوس الخطر، حيث أكد أن آلاف الأسر أصبحت تعيش في العراء بشكل كامل. ويأتي ذلك بعد أن أدت الأمطار الغزيرة إلى تلف نحو 93% من الخيام التي كانت تؤوي النازحين، مما يتركهم بلا مأوى في مواجهة ظروف جوية قاسية.

وبهذا، يظل المشهد في غزة معقدا، حيث يتداخل الصراع السياسي والدبلوماسي مع واقع إنساني يزداد تدهورا يوما بعد يوم، بينما يبقى المستقبل غامضا في ظل تباين المواقف حول سبل إنهاء الأزمة بشكل عادل ودائم.