أكد الأستاذ محمد حمداوي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، في كلمة ألقاها خلال المسيرة الوطنية الحاشدة التي نُظّمت بمناسبة الذكرى الثانية لطوفان الأقصى أمس الأحد 5 أكتوبر 2025 بالرباط، أن الشعب المغربي يجدد العهد لفلسطين وغزة ولشهدائها، ويؤكد من جديد رفضه الشعبي القاطع لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، تطبيعٍ –يقول حمداوي– “لا يمثلنا ولا يشرفنا، ولا يعكس هوية ووجدان الشعب المغربي“.
واستحضر حمداوي في كلمته دلالات الذكرى التي دوّى فيها صوت المقاومة الفلسطينية مناديا بلسان الأحرار بأن التحرير “لن يأتي من عدو متغطرس ظالم جبار إلا ببذل الغالي والنفيس واستفراغ الجهد في مقارعته ومواجهته حتى يسترجع الحق وتستعيد الأمة كرامتها“، وأضاف أن ما يحدث اليوم في غزة من عدوان همجي وقرصنة صهيونية جبانة لأسطول الصمود ما هو إلا استمرار لجريمة الاحتلال والحصار والإبادة، مجددا التأكيد على أن أحرار الأمة وأحرار العالم “لن يتوقفوا عن دعم غزة والتضامن معها رغم التخاذل الرسمي العربي والإسلامي”.
وقال نائب رئيس الدائرة السياسية للجماعة إن المغاربة، الذين حملوا دوما قضية فلسطين في وجدانهم “يقولونها من أرض الرباط، من أرض الشرفاء الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل الحرية والكرامة: لا تطبيع مع القتلة، لا اتفاقيات مع مجرمي الحرب، ولا مصالح تُبنى على جثث الأطفال والنساء والأبرياء”، وأكد أن مناصرة غزة لا تنفصل عن مواجهة التطبيع في الداخل، فلا يمكن أن نقاوم الاحتلال هناك ونسكت عن استعمار ناعم يزرع بذور التبعية هنا ويقهر الشباب ويدفعهم إلى الهجرة أو اليأس أو العنف أو الموبقات الضارة بالعقول والأجساد.
وأشار حمداوي إلى أن خطر التطبيع لا يقتصر على بعده السياسي فحسب، بل يتغلغل في “اقتصادنا وفلاحتنا ومائنا وطاقتنا وتعليمنا وأمننا الغذائي”، معتبرا أنه يفتح الأبواب أمام الصهيونية لنهب خيرات الوطن وتعميق الفساد. ودعا المغاربة إلى “الوقوف صفاً واحداً، مسؤولين ومتراصين، من أجل المطالب العادلة لشباب اليوم ولأجيال الغد، ولتحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.
كما ذكّر بخطورة التطبيع على اختيارات البلاد السياسية والاقتصادية التي ترهنها في يد الأجنبي، مؤكدا أن واجب المرحلة هو الاستمرار في المطالبة بإسقاطه حتى يُسقط بإذن الله. وشدّد على أن من يقاوم التطبيع يقاوم الفساد والنهب وإذلال الشعب المغربي، مؤكدا أن “من ينصُر غزة حقا لا يمكن أن يتخلّف عن نصرة كرامة المواطن المغربي هنا. ومن يرفض الاحتلال هناك يرفض الاستبداد هنا“، مطالبا بـ“إطلاق سراح جميع المعتقلين، من معتقلي الريف ومعتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين والمعتقلين المناهضين للتطبيع، والمطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
وحذّر حمداوي من “الخطط والتسويات السياسية” التي تهدف إلى إجبار المقاومة على الاستسلام أو تصفيتها تدريجيا تحت ذرائع السلام والاستقرار، مجدداً الثقة في المقاومة وتدبيرها للمرحلة على المستويين العسكري والتفاوضي بكل أمانة ومصداقية. وأكد أن “المقاومة الحقة لا تُقاس بالأسلحة وحدها، بل بالإرادة والكرامة والثبات على المبادئ”، وبعدم التفريط في الحقوق الثابتة شرعا وقانونا وعرفا، مضيفا أنه “لأن تموت عزيزاً شامخاً مدافعاً عن الأرض والحق أكرم وأبقى من أن تسلّم ذليلاً في شبر من الأرض أو في رصاصة من ذخيرة المقاومة، والله تعالى يقول: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ“.
وختم القيادي في جماعة العدل والإحسان كلمته بتحية المقاومة الباسلة في فلسطين، والمجاهدين والمرابطين والصامدين، مطالباً بالإطلاق الفوري للمختطفين من أسطول الصمود ومحاسبة الكيان الصهيوني على جريمته. واختتم بالدعاء للشهداء والجرحى والمستضعفين في غزة، مؤكداً أن رسالة الأحرار واحدة: “من المغرب إلى فلسطين، أمة واحدة، وجراح واحدة، ومصير واحد“.