مخاض فَنشوء وتوسع ثم حصار.. سفر ماتع عبر “الذاكرة” مع الأستاذ الشيباني

Cover Image for مخاض فَنشوء وتوسع ثم حصار.. سفر ماتع عبر “الذاكرة” مع الأستاذ الشيباني
نشر بتاريخ
  1. كشف الأستاذ عبد الله الشيباني صهر الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله وعضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، معطيات جديرة بالاهتمام عن مرحلة ما بعد حصار الإمام، وذلك في حوار مطول وماتع عن “ذاكرة الحصار”، أجراه معه الأستاذ محمد الإبراهيمي، وبثته يوم 23 فبراير 2023 قناة الشاهد، ضمن سلسلة “حوارات التأسيس والمسار”.

بدأت المراقبة البوليسية لبيت الإمام بسلا منذ 1985 م إلى يوم الناس هذا؟

واعتبر عضو مجلس الإرشاد أن بيت الإمام “بدأت مراقبته منذ خروجه من السجن سنة 1985م، فكانت تلك المراقبة وكأنها مؤشرات للحصار، وقد رابطت هناك قوات الأمن من ذلك التاريخ إلى الآن، أي منذ ما يقارب الأربعين سنة”.

فقد مر تأسيس الجماعة بمراحل، وكانت العشر سنوات الأولى عبارة عن مخاض للولادة ونمو ذلك الكائن الناشئ، وما ميز هذه المرحلة هو اعتقال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله سنة 1983م، لمدة سنتين أو تزيدان بقليل، “ولما قضى مدة اعتقاله، خرج ووجد الجماعة مختلفة عما تركها عليه لا من حيث العدد ولا من حيث التوسع”.

فإذا كان التأسيس بين سنتي 80 و83 يقول الشيباني “فإن الاعتقال رفع من وثيرة عملها، فكانت مرحلة 85 إلى 89 أو 90 مرحلة لهيكلة الجماعة وبناء قطاعاتها الكثيرة التي وصلت الآن إلى أكثر من 12 قطاعا تقريبا”. وكان بيت الإمام المرشد هو المقر لأنه كان مقرا للجمعية التي تأسست وهي جمعية الجماعة الخيرية رسميا ولكنها في الوقت نفسه بيت بنيت فيه الجماعة وتشكلت شيئا فشيئا.

أول يوم للحصار شهد أول اعتصام في تاريخ الجماعة

السلطات لاحظت أن حركية الجماعة في تلك الخمس سنوات متسارعة بكثرة اللقاءات وتزايد العدد، يقول المتحدث، موضحا أن الأسبوع الأخير من دجنبر سنة 89 كان من أنشطة الإمام في بيته لقاء يسمى “لقاء الأحد” أو “زيارة الأحد”، يأتي الناس لصلاة العصر في مسجد بنسعيد بحي السلام فيلتحقون بالأستاذ عبد السلام ياسين للجلوس إليه والتعرف عليه والاستماع لدروسه.

وتابع: “في أحد أيام هذا اللقاء الذي تزوره قرابة 60 إلى 70 شخصا، قدموا إلى البيت ليتفاجؤوا بقرابة 10 إلى 15 عنصرا من عناصر قوات التدخل السريع، يمنعونهم من الوصول إلى بيت المرشد”.

واسترسل موضحا أن منع هؤلاء الإخوة لم يجعلهم مستسلمين بسهولة، بل أصروا على زيارة الإمام فاعتصموا هناك، ليكون أول اعتصام في تاريخ الجماعة، ومباشرة بعد هذا الحدث وقع لي اصطدام مع أحد رموز السلطة المتخصصين في ملف الإسلاميين، لأنهم استدعوه ليثنينا عن هذا الاعتصام.

جن جنون المخزن بعد بلاغ إعلان حصار الرجل

ومضى عضو مجلس الإرشاد يقول: “حينها كنت صليت العصر معه في بيته، ولما فرغنا من الصلاة أخبرته بُنيتي أمينة وهي حفيدته بأن البوليس منعوا الإخوان ولم يسمحوا لهم بالدخول، فطلب مني استقصاء الأمر”، فلما وجدت الحدث اعتصمت بدوري معهم، فكان الإصرار وكان التعبير من الجميع أننا نريد تعلم ديننا من هذا العالم، فبأي وجه حق تمنعوننا من ذلك؟

يقول “كان ذلك يوم الأحد، وفي اليوم الموالي تحركت فرقة إعلامية للإخبار بالحدث”، تحدثت هذه الفرقة عن “مجموعة من الناس أرادوا زيارة العالم الأستاذ عبد السلام ياسين فمنعوا واعتصموا، ونحن نندد بهذا المنع… إلخ”، وكتب الله الانتشار لهذا الخبر رغم قلة الوسائل، فعرف ذلك إعلاميا ببداية الحصار.

وبعد ذلك، يضيف: “جن جنون المخزن، ليس على الاعتصام ولكن على ذلك البلاغ”، وجاء يوم الثلاثاء صباحا فذهبوا بالإمام وأنا معه إلى ولاية أمن الرباط في سيارات عادية، ظننا أنهم يريدون الحوار في الغالب “لكن الاستقبال كان مخزنيا محضا وغلب عليه طابع الترهيب كما العادة”، ولما دخل الإمام إلى مكتب أحد المسؤولين هناك خرج وقد بدت عليه آثار الغضب نتيجة الاصطدام الحاصل بينهما، وبعد ذلك استدعوني إلى ولاية أمن سلا وبدا أنهم مازالوا متضايقين من ذلك البلاغ، فكان ذلك الأسبوع كله شاد وجذبا…

بداية اعتقال أعضاء مجلس الإرشاد

وبعد هذا الحدث في نهاية الأسبوع نفسه، ذكر صهر الإمام أن الإمام استدعى أعضاء مجلس الإرشاد لاجتماع طارئ يوم السبت، وكنت في حديث معه في انتظار وصولهم، إلى أن جاءت زوجه لالة خديجة رحمها الله فأخبرته بأن خمسة إخوة اعتقلوا، وهم أعضاء مجلس الإرشاد.

اعتقل المخزن يوم 29 دجنبر 1989، كلا من “سيدي محمد العلوي” وسيدي محمد البشيري” رحمهما الله برحمه الواسعة، و”سيدي فتح الله أرسلان” و”سيدي محمد عبادي” و”سيدي عبد الواحد متوكل”، حفظهم الله وبارك في أعمارهم. موضحا أن السلطات قد كانت على علم باستدعائهم إلى المجلس وانتظرت وصولهم لتعتقلهم مباشرة، وبعد ذلك بيوم واحد فقط وهو 30 دجنبر دخل الحصار الفعلي حيز التنفيذ ومنع الجميع من الدخول إليه بمن فيهم أقاربه…

وفي جوابه عن سؤال حول ما إذا كان الإمام يتوقع هذا الحصار، ذهب الشيباني إلى أن الإمام رحمة الله عليه كان يتوقع كل شيء من المخزن، من اعتقال وحصار وغير ذلك، ولم يكن هو أول من تفرض عليه هذه الإقامة الإجبارية.

وأشار المتحدث إلى أن أهداف هذه الإقامة وسجن أعضاء مجلس الإرشاد، من دهاء الحسن الثاني أنه يعلم قوة هذه الجماعة التي تكمن في معينها، وهو الرجل الذي أسسها وتغرف منه في الفهم والقوة والروحانية، وكذلك في تنظيمها ورأسه الذي بدأ يتشكل وهو مجلس الإرشاد القيادة الثانية، وبالتالي فلا ينبغي الاكتفاء بسجن المرشد وحصاره ولكن أيضا رأس التنظيم الذي بدأ يتشكل ويتقوى ويتوسع.