عقبة!
من لا عزم له على استقلال إرادته وتجديد إيمانه والانعتاق من أنانيته المستعلية وعاداته الجارفة، يقترح عليه منهاج المتواصين بالمرحمة والحق والصبر، واجهة عملية يكابدها ويكتشف حقيقتها من يرجو الله واليوم الآخر باقتحام العقبة إلى الله.
إنها عقبة الكينونة مع التوابين إلى الله عز وجل الراغبين في تعلم دينهم باستكمال إيمانهم وطلب الفوز بربهم، امتحان وعر وشاق على ذوي الكينونة الزئبقية.
كينونة سكونية لا تثبت على حال، لا ترغب في استعادة هويتها الفطرية الضائعة، انتماؤها رخو للدين مع ضعف يقين بأن العزة لله ورسوله والمؤمنين وأن الإسلام غدا !
يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله:
“الكينونة مع الصادقين التي حرص عليها القرآن الكريم هي مدخل الصدق إلى سكة السلوك، هي الطابع على جواز السفر بمداد التقوى” 1
إنها عقبة سلوك جهادي جماعي!
فضل من الله ورحمة، وعمل جوهره اتباع لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قالب زمن البشارة بتجديد شامل للدين.
الكينونة “مع الذين آمنوا” عبر مدارج الدين إسلاما وإيمانا وإحسانا، تقتضي رجالا ونساء ذوي همم سامقة ووجود متميز داخل كيان متماسك قلبا وفكرا وسلوكا، مغالبا من يناهض مسيرته الإنسانية والدعوية بالرحمة والحكمة والمواقف المشرفة في الدنيا والآخرة.
إنه كيان مهمته التاريخية جامعة بين وظائف متعددة ومتجددة. يسلك أبناؤه وبناته في الناس بالخدمة ونصرة المظلوم وتعليم القرآن والتربية على شعب الإيمان.
إنها كينونة لها خصائص لا يقتحم عقباتها إلا الموفقون المتوكلون على الله، الجامعون لمشروع تجديد دينهم بين ما فصله طغيان سيف الحكم العاض والجبري.
إنها عقبات غير مسبوقة عند من يخوضون تجربة الخلاص الفردي رضوان الله عليهم، سواء بالمجاهدة أو الشكر أو غيرها من طرائق تجديد تطبيب القلوب وترويض النفوس على الاستقامة.
عقبات! يقول عنها الإمام المجدد رحمه الله :
“عقبات تحول دون الإنسان ودون الكيْنونة مع المؤمنين كينونة الصحبة والتلمذة والتعاون والالتحام والجهاد.” 2.
عقبات! بين الإنسان ووظائف الكينونة “الخمس” تسائل من يريد تقويم خاصية كينونته مع المؤمنين وترشيد مسيرته السلوكية بصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه.
*كينونة الصحبة،
*كينونة التلمذة،
*كينونة التعاون،
*كينونة الالتحام،
*كينونة الجهاد.
جعلنا الله وإياكم ممن يشملهم دعاء الإمام المجدد رحمة الله عليه:
” نرجو من كرم من له الفضل والمنة والرحمة سبحانه أن يتصل مدد السالكين فيما يستقبلنا من زمان بحضرة النبوة فيكون السلوك جهاديا عفويا جامعا مانعا رائعا كما كان في عهد الصحابة وهم في حضن خير البرية صلى الله عليه وسلم.” 3.