بين وجدة وفكيك والضواحي، وأكادير والنواحي، ومن مدينة القرويين وحضيرة سوس مسافات طويلة لم تمنع أبناء العدل والإحسان من التواصل والتضامن. فبمناسبة الذكرى الرابع عشرة لاعتقال طلاب الجماعة الإثني عشر الصامدين في سجن بوركايز بفاس، شهدت بعض مدن سوس أنشطة متميزة خلال شهر دجنبر 2005 للاحتفاء بهؤلاء الرجال المجاهدين وبعائلاتهم الصابرة المحتسبة.
فبعد أيام قليلة على حلول الهيئة الحقوقية للجماعة بأكادير للتعريف بلمف طلبة وجدة المحكومين بـ 20 سنة زورا وجورا، شهدت فروع تارودانت وأولاد تايمة وأكادير أنشطة متنوعة بمناسبة الذكرى السنوية للمعتقل.
وقد أضفى حلول عائلتين من عائلات الإخوة المعتقلين بالمنطقة طابعا خاصا على أنشطة هذه السنة والتي تميزت بفقرات تربوية وتوعوية متنوعة. وقد استقبلت العائلتان الزائرتان في أجواء ملؤها الفرح بالله واستبشار موعوده والثناء على المعتقلين المجاهدين الثابتين في زمن الخنوع وبيع الذمم والاستكانة والهوان، والدعاء الموصول بالله بتمام العزة وموفور الصحة وكمال القوة لهؤلاء الأبطال ليحملوا لواء الدعوة بعد الفرج القريب بعدما مثلوها بأمانة وهم داخل الزنازن. كما تم التنويه بأمهاتهم وآبائهم الذين تحملوا في سبيل الله ما تتعرض له فلذات أكبادهم.
وتوجت هذه الأنشطة التضامنية المشهودة باحتفال طلابي جماهيري حاشد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة أكادير، والذي أخذ طابعا قطريا بحضور وإشراف الكتابة العامة للجنة التنسيق الوطنية التي تقود الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وهو الاحتفال الذي شهد لقاء مباشرا بين آلاف الطلاب وآباء عرفوا ثمن الحرية وذاقوا ظلما من ظلم المخزن ومكائده الخبيثة.
وتثمينا لهذه المبادرة، وتجديدا لولاء الأخوة والمحبة، بعث المعتقلون الإثنا عشر من سجن بوركايز بفاس بتاريخ 17 ذو القعدة 1426هـ الموافق لـ 19 دجنبر 2005م برسالة إلى إخوانهم في منطقة سوس هذا نصها:
كلمة شكر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه.
إلى الإخوان والأخوات أهل الخدمة والفتوة في منطقة تارودانت،
إلى الأحباب المجاهدين في سبت لكردان وأولاد تايمة،
إلى طلاب العلم في جامعة سوس،
وآخرين جنود أخفياء هم أس بناء التقوى والرضوان،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهنسأل الله تعالى أن تكون هذه الرسالة رسول محبة يربط الله بها القلوب ويؤلف بها الأرواح نضمنها كل معاني المحبة والشكر والوفاء لكم ولجميع الإخوان على ما أسديتموه لعائلاتنا من إكرام واحتضان واستقبال فصرتم العوض والخلف الصالح لفلذات أكبادهم الذين غيبوا عنهم وراء قضبان الجور والطغيان الذي لم ينقم منهم إلا أن يقولوا ربنا الله فما وهنوا- بتوفيق الله ودعائكم وتثبيتكم- لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، جزاكم الله خير الجزاء جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.
لا نملك أمام صنيعكم هذا إخواننا وأخواتنا- إلا أن نشكركم ضارعين إلى المولى أن يتقبل منكم ويثيبكم جم الثواب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” كما نحمد الله تعالى على هذه الرحمة والمحبة التي تجمع المؤمنين في هذه الجماعة المباركة وتجسد وحدتها وقوتها أمام أعدائها أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين محبة ورحمة منبعهما صحبة مباركة، لرجل مبارك موفق مؤيد من عند الله، أكرمنا الله به وأنعم علينا حينما جعلنا في زمانه وصحبته، ربانا على الإيمان والصدق وعلمنا أن المحبة من أهم شروط الإيمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا تدخلون الجنة حتى تومنوا ولا تومنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”.
مبادرتكم أيها الأحباب ستبقى إن شاء الله عملا شامخا، وصدقة جارية تتوالى بركاتها بتوالي دعوات العائلات وفرحهم وصبرهم وطيب خاطر- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”.- كما نرجو الله تعالى أن يكتب لكم ولجميع أبناء هذه الجماعة المباركة أجر عملكم مضاعفا متناميا، هذا العمل الذي سيبقى معلما بارزا في مسيرة جهادكم المبارك نحو بناء الغد الموعود بالنصر والتمكين لمن آمن وعمل صالحا، قال الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: “ترى المومنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
أحبتنا، نسأل الله تعالى أن يتقبل منكم ومن كل إخواننا في هذه الجماعة المباركة ما تقدمونه من مواساة لعائلاتنا…
وليعلم الأحبة جميعا أن صبر إخوانهم يرجع أولا وأخيرا إلى الله تعالى “واصبر وما صبرك إلا بالله” ثم إليكم بدعمكم ودعواتكم بلا شك، التي تحفظنا من كيد الظالم وتعسف الجلاد “هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين”.
تقبل الله تعالى منكم أيها الأحباب مرة أخرى، وجزاكم عنا خير الجزاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قال الله تعالى: “إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا(5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا(6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا(7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا وأثيما وأسيرا(8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا(9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا(10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا(11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا(13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا(14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا(15) قواريا من فضة قدروها تقديرا(16) ويسقون فيها كأسا كان مزاحها زنجبيلا(17) عينا فيها تسمى سلسبيلا( 18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا(19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا(20) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا(21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا(22)”. صدق الله العظيم.
إخوانكم في سجن بوركايز بفاس
حرر يوم الاثنين 17 ذو القعدة 1426/19 دجنبر 5200