هذه مقتطفات من بعض حوارات الأستاذ منير الركراكي توضح معاني الرباط وتبين قيمته وفضله:
الرباط من أهم ما ألهم الله به جماعة العدل والإحسان في شخص مرشدها وهو على خمسة معان:
1- حبس النفس عن مألوفاتها وعاداتها وما تشتهيه من إذهاب الطيبات في الفانية.
2- انتظار الصلاة بعد الصلاة، لأخذ الزينة والتماس السكينة وملء الأوقات بالمستثنى من اللعنة من هذه الدنيا، الذكر والعلم.
3- خمس من الجياد يتم ربطهم في مكان آمن من أجل من أن يحسن علفهم استعدادا للجهاد والمؤمنون جياد إذ يعزفون عن الدنيا محبوبة الغافلين وينشغلون بما خلقوا لأجله من العبادة وطلب معرفة الله تعالى ويكونون أكثر من خمس يتم حبسهم في بيت من بيوت الله وبيوت المؤمنين تنوب مناب بيت الله في وقت غلقت المساجد فيه وأصبحت ضرارا وأفرغت من محتواها وسعى الظالمون في تخريبها وهم يعلفون الذكر والتلاوة والعلم النافع المنشئ للعمل الصالح والمكان الآمن والأمن أن تكون مع الله ورسوله الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. استعدادا للجهاد فليس رباطنا خلوة انعزاليين هاربين من الواقع ومخالطة الناس والصبر على أذاهم بل خلوة في الجلوة استعدادا لإنذار الناس لعلهم يحذرون بعد التفقه في الدين إسلاما وإيمانا وإحسانا. الرباط بهذا محطة ضرورية للتزود والإطعام قبل الانتشار بما حصل لتشرك الناس في ما أخذت لعلهم يذوقون ما ذقت ويعرفون ما عرفت ويرابطون مثلما رابطت.
4- والرباط من أن يربط الله على قلبك فيصبح ربيطا من رباطة الجأش التمنع على الفتن والمعاصي التي تعرض على القلوب كالحصير عودا عودا، فكيف يكون القلب متماسكا ثابتا لا يتزحزح عن جادة الاستقامة والاستواء على المستقيم.
5- والرباط آخر الأمر رابطة صحبة تجمعك بأهل الله، ورابطة محبة وأخوة في الله، ودعاء رابطة يجعلك في معية روحية مع المؤمنين الأحياء منهم والأموات. إنه يا أخي سبيل للتقوى: يا أيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون اللهم آمين.
الرباط مميز بطول فضائه الزماني والمكاني اللذان يسعان ويستوعبان ثلة من صفوة أهل الإقبال والرغبة في الله وما عنده، يجتمعون على ما ذكرنا من فضائل مجلس النصيحة ووسائله يؤصل عملهم ويمكنه من ناصية المشروعية قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وقوله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله (في رواية يذكرون الله) إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده” كما يؤصل لذلك فعل أهل الصفة الذين كانوا يرابطون في المسجد انتظارا للصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط كما قال المعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم، أهل صفة وصفاء متصافين في الله صفوفهم متراصة بين يدي أن ينادى عليهم لجهاد فإذا هم حضور شهود في الصفوف الأولى من الجنود، فعائد إلى الله أو إلى بيت الله يعود. لو كان لنا خيار لكان رباطنا في المسجد ولكن لا خيار مع وجود من يخرب بيوت الله ومن يجعلها ضرارا مفرغة من كل ما كانت تضطلع به في عصر الأنوار من الأدوار، آخر ما نؤصل به لرباطاتنا اعتكاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، ولهذا ندبنا كما ندبنا لاغتنام صفوة الأوقات وما يتاح في أيام الله ولياليه من مناسبات تعرضا للنفحات والرحمات على السنن (بالفتح) ذاته والسنن (بالضم) عينها.
الرباط يا أخي جهاد، وقد قيل الرباط في غياب الجهاد جهاد، أضاف الأستاذ عبد السلام ياسين وزاد تحفيزا للرباط وتحريضا عليه (فمن دعي إلى رباط من الرباطات لم يحبسه عنه عذر قاهر وهو عليه قادر ولم يحضر، فكأنما فاتته غزوة من الغزوات فليبك على نفسه بكاء المخلفين الثلاث). والرباط جهاد بما هو اجتهاد في الاستعداد للجهاد، ليس الرباط خلوة منعزلين بل خلوة في جلوة الذاكرين وهل ينسى المجاهد إخوته المظلومين الذين يعانون هنا وهناك من ديار المسلمين خاصة في فلسطين . لنا سلاح يطلبه المجاهدون قبل ومع وبعد بذل المال والوسع في التعريف بالقضايا ودعم أصحابها بكل متاح وممكن هو سلاح الدعاء المسمى دعاء الرابطة يربط الله به على قلوبنا ويربط به ما بين قلوبنا ونربط به الاتصال بأولئك الرجال ندعو لهم بالنصر والتمكين ودعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجاب، وكم رأى المومنون من مراء تؤكد وصول بركة الدعاء إلى من ندعو لهم في دعاء الرابطة من الأموات والأحياء خاصة لأهل البلاء من يؤدون عنا ضريبة الجهاد إن لم يكن لنا ما به نساهم فلا أقل من دعاء الصائم القائم.