جميل أن تلتقي بإخوتك تتذاكرون أمور دينكم ودنياكم، وأجمل أن تلتقيهم وتنظر إلى كل واحد منهم ملء العين، يفيض الشوق والحب منهما، وتنصت إلى كل واحد معظما رأيه، لا تحمل له في قلبك إلا الخير وإن كان لرأيك مخالفا، فالأخوة في الله رحمة ومحبة وخفض جناح….
فيا أخي ، يا راغبا في القرب من الله تعالى، وفي حيازة محبوبيته “حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصين في، وحقت محبتي للمتناصحين في…” 1 ،
نحن نجتمع لذكر الله تعالى لنستمطر رحمته ومغفرته، ويجمعنا هم واحد: هو تغيير ما بأنفسنا، وتغيير ما بالأمة من ضعف وهوان، ما يجمعنا أعظم مما يفرقنا…‼
إن أخطأت في حقك، وأنا الخطاء، فسامحني، واتخذ لي سبعين عذرا، وإن استطعت ففاتحني في الأمر لنقطع السبيل على الشيطان الذي يتحين الفرص لتوسيع الهوة بين قلبينا، يقول سيدنا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم:“مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، وما التقى مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا “ 2 .
وأنت بين هذه المحاولة وتلك، أكثر من ذكر الله، فذكره شفاء للقلوب، ولا تنساني من دعائك وأنا المسيء إليك، وادع لي بظهر الغيب، فعن أبي الدر داء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:“دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل “ 3 .
ادع لي في الأوقات المباركات: في جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات لأن الدعاء فيهن اسمع كما علمنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.
فإن اشتد غضبك علي ولم تطاوعك نفسك، كنفسي الأمارة بالسوء، اشكها إلى خالقها وبارئها، فالله عليها قادر. اسأله من فيض رحمته أن يعينك على نفسك ويطفئ نار الغضب والحقد من سويداء قلبك، فلا حول ولا قوة لك إلا به.
وأخيرا، أهمس في قلبك قبل أذنك ، بسؤال لعل في الجواب عليه جلاء ما في قلبينا من كدر: مهما أخطأت في حقك، مهما آذيتك، ماذا سيكون رد فعلك إن التقيت الأحبة ووجدت خبر رحيلي عن هذه الدنيا الفانية عندهم…؟ لا أظن الخبر سيسرك… ولا أخالك إلا نادما على لحظة… كان للأعين فيها كلام، والسلام.