من طنجة العالية.. نساء المغرب يثبتن مرة أخرى أن نصرة فلسطين قضية الحرائر

Cover Image for من طنجة العالية.. نساء المغرب يثبتن مرة أخرى أن نصرة فلسطين قضية الحرائر
نشر بتاريخ

محطة أخرى، أبرقت فيها المرأة المغربية رسائل جمة، وهي تشارك بكثافة وفعالية في مسيرة طنجة الحاشدة، التي نظمت أمس الأحد 7 يوليوز 2024 بدعوة من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع.

ففي مشهد يجلي عظمة هذا الدين، تحس بالفخر والاعتزاز للانتساب لخير أمة أخرجت للناس؛ أمة العدل والرحمة والإحسان؛ تلاحظ ذلك الحضور القوي المنضبط للنساء، وتطرق مسامعك الشعارات المرفوعة بقوة وانفعال ينقلك إلى هناك؛ إلى غزة الجريحة، فتشعر بخفقان في قلبك وقشعريرة تكتسح أطرافك وأنت تستحضر المرأة الفلسطينية المجاهدة الصامدة المحتسبة، ثم يسرح بك خيالك إلى دعوات “تحرير المرأة” التي تترجم الشعور بالدونية ولا ترى الحل إلا في التركيز على حرية الجسد وإطلاق العنان للبهيمية تجرها لحتفها في غفلة تظهر التخبط الذي طال عهده وانحسرت آثاره في إنصاف المرأة، فتشفق على هؤلاء وتتمنى لو يعم خير هذا الدين كل نساء البسيطة.

هنا تشعر أن المرأة حرة فعلا؛ حرة من حيث عدم خضوعها إلا لله تعالى، لا تتبع فلانا ولا فلانة ممن سلطت عليهم الأضواء ورفعتهم الآلة الإعلامية المضللة وباتوا يقدمون نموذجا فاسدا للمرأة “المتحررة”، ومنهم من يفتي للناس بغير علم، يدلسون عليهم أمور دينهم ودنياهم في خطة أصبحت اليوم -أكثر من أي وقت مضى- مكشوفة؛ معروف قصدها ظاهر عوارها..

حرة مع أخواتها وإخوانها وهم يدافعون عن الحرية وعن الحق، في زمن طغى عليه التنكر للحقوق والحريات، وعجزت أعتى المنظمات العالمية المنافحة عنها أن تراوح مكان الشجب والتنديد، بل ويتم الهجوم عليها لمجرد هذا الفعل، أما الهيئات المحلية فقد أصابها الخرس وأقفلت عليها الأبواب ووضعت نفسها خارج التاريخ، بعدما كان صوتها يخرم الآذان لانتهاكات أقل بكثير مما يحصل اليوم على أرض الشهداء والصابرين، فأصبح لزاما على المرأة الحرة أن تنبري لهذا الفعل مع سائر أحرار البلد والأمة والعالم أجمع بعدما تنكر له هؤلاء “المتخصصون”..

حرة وهي تمارس جانبا مما أناطها الله به من وظائف؛ فلئن كان بيتُها برجَها، وأطفالها صناعتها وعملها اليومي الدؤوب، فإن هذا لا يتعارض وقيامها بواجب أمتها متى حان وقت النفير؛ دفاعا مستميتا عن إخوانها وأخواتها هناك وهم يتعرضون للإبادة الجماعية؛ تقتيلا وتعذيبا ونزوحا وتجويعا وتعطيشا وحرمانا من كل مقومات الحياة، حتى الهواء امتلأ برائحة البارود والدم والنفايات.. وهي في هذا تجمع بين الأمرين بسلاسة وذكاء، تصحب أبناءها معها رضعا وأطفالا ويافعين، تضعهم تحت عينيها فلا تخلفهم وراءها يسرحون في الشوارع مع السائمة لا تدري ما يتلقفهم فيها، ثم هي تربيهم وتضعهم منذ نعومة أظافرهم حيث يجب أن يكونوا؛ في قلب الأمة ووسطها، تعلمهم أن يفرحوا لفرحها ويألموا لألمها، فهي بذلك تصنع رجل الغد الصالح لنفسه وأهله وأمته..

حرة وهي تختار طريقة عيشها بما يناسب أوضاعها بروح إيجابية فعالة؛ فالمسيرة تجمع ربات البيوت وغيرهن من صاحبات الوظائف والمهن المختلفة، يجمعهن نفس الهم، يتشاركن نفس النقاشات والأفكار. فربة البيت التي تعرف هدف وجودها في هذه الحياة وتعي حدود وظائفها وجسامة مسؤوليتها لا تستسلم للفراغ والجهل يهدمان أركان بيتها، بل تنخرط مع أخواتها فيما يعود بالنفع عليها فردا أمام خالقها وجماعة معهن تعلما لما تقيم به أوتاد بيتها ومجتمعها وأمتها، فيصبحن سواء في العلم النافع والعمل الصالح..

عودتنا المرأة المغربية منذ أمد بعيد، ومن خلال محطات كثيرة، على هذا الحضور القوي والفعال في أمور المجتمع والأمة على حد سواء متى دعاها واجب الولاية والنصرة والأخوة، حضورا وإبداعا؛ فتجدها ترفع الشعارات وتأخذ التصريحات وتعطيها وتنظم وتؤطر.. تجدها في مقدمة الوقفات والمسيرات ووسطها وفي جوانبها، وقد تنال من بطش الآلة الأمنية نصيبها فلا يثنيها ذلك عن إصرارها في الوقوف مع الحق.. فلا يسعنا إلا أن نرفع القبعة لنسائنا كما رجالنا الأحرار الأفذاذ، راجين المولى عز وجل أن ينصر إخواننا في فلسطين وفي سائر بقاع العالم وأن يخزي الظالمين وأن يمكن لهذا الدين، آمين.