مناقشة قانونية لملف طلبة فاس الستة

Cover Image for مناقشة قانونية لملف طلبة فاس الستة
نشر بتاريخ

توصل موقع الجماعة نت من الأستاذ حسن هاروش، المحامي بهيئة الدار البيضاء وعضو هيئة محامي العدل والإحسان وعضو هيئة دفاع الطلبة المعتقلين في ملف فاس، بمناقشة قانونية لملف طلبة فاس. هذا نصها:

حيث إن السيد وكيل الملك تابع الطلبة المعتقلين من أجل إهانة موظفين عموميين أثناء وبسبب قيامهم بعملهم، واستعمال العنف والإيذاء في حقهم، العصيان، التهديد، المشاكرة في عصيان وقع أثناء ضرب وجرح، والمشاكرة في تجمهر مسلح، طبقا للفصول 263، 267 الفقرة الثانية، 300، 302 الفقرة الثانية، 429 و406 من القانون الجنائي، والفصول 17، 18، 19 و20 الفقرة 5 من ظهير 15 نونبر 1958.

وحيث إنه علاوة على الخروقات الشكلية التي اعترت المسطرة برمتها، فإن متابعة السيد وكيل الملك لا ترتكز على أساس واقعي وقانوني سليم.

من حيث الدفوع الشكلية

حيث إن المحكمة الابتدائية حكمت برد الدفوع الشكلية لعدم ارتكازها على أساس صحيح.

وحيث إنه لما كان الطعن بالاستئناف ينشر الدعوى من جديد أمام محكمة الاستئناف، فإن العارض يثير الدفوع الشكلية أمام محكمة الاستئناف وذلك على النحو التالي:

خرق الفقرة الأخيرة من المادة 67 من ق م ج:

إن المشرع ينص في الفقرة الأخيرة من المادة 67 من ق م ج، على أنه يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتفظ به رهن الحراسة النظرية، فور اتخاذ هذا القرار بأية وسيلة من الوسائل، ويشير إلى ذلك بالمحضر.

وأن المشرع المغربي أقر هذا الإجراء لحكمة هي إعلام العائلات بمصير أبنائها، من جهة حتى تطمئن على وضعهم، ومن جهة أخرى حتى تهيأ لهم وسائل الدفاع، ومن ضمنها الاستعانة بمحام، الذي خوله المشرع إمكانية الاتصال بالمشتبه فيه قبل انقضاء نصف مدة الحراسة النظرية، بل إن المشتبه فيه من حقه تعيين محام عنه طبقا للفقرة السادسة من المادة 66 من نفس القانون، وله أن يطلب تعيين محام عنه في إطار المساعدة القضائية.

ويظهر من صياغة الفقرة الأخيرة من المادة 67 من ق م ج أن هذا الإجراء مقرر بصيغة الوجوب، لأنه ورد بصيغة المضارع، كما أن المشرع استعمل عبارة فور اتخاذ القرار)، كناية على وجوب القيام بهذا الإجراء بمجرد اتخاذ قرار الوضع رهن الحراسة النظرية، ومن تم ليس لضابط الشرطة القضائية أية سلطة تقديرية في القيام بهذا الإجراء من عدمه، وذلك لارتباطه بمفهوم النظام العام لتعلقه بحقوق الدفاع.

وبالرجوع إلى محضر الضابطة القضائية، فإنه يمكن التمييز بين نوعين من المحاضر، محاضر تشير فيها الضابطة إلى إشعار الموضوع رهن الحراسة النظرية بهذا الإجراء ورفض هذا الأخير إشعار عائلته به، هي المحاضر المتعلقة بالسيد خالد إدناصر، يونس الروفي، طارق الجعايبي، ومحاضر تشير فيها الضابطة إلى إشعار الموضوع رهن الحراسة النظرية بهذا الإجراء، ورفض هذا الأخير إشعار ذويه به، بدعوى عدم إزعاجهم.

وأن محاضر الاستماع تتناقض بذلك مع محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف الذي ورد فيه:

نخبرهم بدواعي إيقافهم وبحقوقهم طبقا لمقتضيات الفصل 66 من قانون المسطرة الجنائية ومن بينها الحق في التزام الصمت والحق في الاتصال بمحام وبعائلته فيفيدون جميعا بأنهم يرغبون فقط بإخبار عائلتهم، نأمر أعواني بسياقتهم إلى المصلحة قصد البحث معهم).

وأنه على كل حال، فإن الضابط محرر المحضر علق القيام بإشعار عائلة المحتفظ به بهذا الإجراء على إرادة الموضوع رهن الحراسة النظرية دون سند قانوني، مع أن هذا الإجراء يشكل التزاما على عاتق الضابطة القضائية لتأمين حقوق الدفاع، ولم يربطه المشرع بإرادة المحتفظ به رهن الحراسة النظرية.

وأنه اعتبارا لذلك، فإن الضابطة القضائية لم تراع هذا الإجراء الجوهري من إجراءات المسطرة لتعلقه بالنظام العام، الأمر الذي يتعين معه إبطال محاضر الاستماع لهذا السبب.

خرق الفقرة الثانية من المادة 24 من ق م ج:

عرف المشرع لأول مرة في قانون المسطرة الجنائية المحضر في المادة 24 منه، ونص على أنه الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسته لمهامه، ويضمنها ما عاينه، أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه.

فيما نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة 24، على أنه من ضمن شكليات المحضر بيان تاريخ وساعة إنجازه، وإذا كانت ساعة وتاريخ إنجاز الإجراء تخالف ساعة وتاريخ تحرير المحضر، فإن الضابط يشير إلى ذلك في المحضر.

وقد قرر المشرع هذا الإجراء حتى يمكن القضاء من بسط رقابته على سلامة ضبط الدليل الجنائي، من خلال الإطلاع على الوسائل التي استعان بها الضابط محرر المحضر في ضبط الإجراء، خاصة في حالة انتقاله خارج مخفر الشرطة القضائية، هل اعتمد على ذاكرته؟ أو استعان بمذكرة دون فيها معايناته وما قام به من عمليات، وحينما عاد للمخفر وثقها في محضر؟ أما استعمل آلة تسجيل صوتي ضمنها معايناته شفويا، وحينما عاد للمخفر أفرغها في محضر مكتوب؟

وحيث إنه بالرجوع إلى محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف، فإن الضابطة القضائية لم تراع هذا الإجراء من الإجراءات الجوهرية للمسطرة، وبالتالي حرمت القضاء الزجري من رقابة سلامة استخلاص الدليل في المادة الجنائية، الأمر الذي يتعين معه التصريح ببطلان محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف.

خرق الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 24 من ق م ج:

ذلك أن المشرع نص في الفقرة الرابعة من المادة 24 من ق م ج على أنه إذا تعلق الأمر بمشتبه فيه، يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يشعره بالأفعال المنسوبة إليه.

والإشعار بالأفعال المنسوبة للمشتبه فيه يقتضي صياغة الاتهام في شكل أسئلة تطرح على هذا الأخير، حتى يتمكن من إبداء أوجه دفاعه، ويختار لذلك الوسيلة المثلى، وقد يختار الصمت وعدم الإدلاء بأي جواب، وهذا ما نص عليه المشرع الدستوري في المادة 23، وكرسه قانون المسطرة الجنائية في الفقرة الثانية من المادة 66.

ولذلك نص المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 24 من ق م ج على ضرورة تضمين الضابطة القضائية الأجوبة التي يفضى بها المشتبه فيه، الأمر الذي يقتضي بداهة بيان الأسئلة في المحضر.

كما أن بيان الأسئلة يمكن القضاء الزجري من بسط رقابته على مراعاة مبدأ التقيد بالمشروعية في استخلاص الدليل، إذ الاستدراج في الاستجواب محظور على سلطات التحري والاستدلال.

وحيث إن الضابطة القضائية لم تراع هذا الإجراء الذي قرره المشرع على سبيل الوجوب، بدليل أنه استعمل في الفقرة الثالثة من المادة 24 عبارة “يتعين”، كناية على الإلزام والوجوب، الأمر الذي يتعين معه التصريح ببطلان محاضر الاستماع للمتهمين تمهيديا.

خرق مقتضيات المادة 293 من ق م ج:

ينص المشرع في الفقرة الثانية من المادة 293 من ق م ج على أنه لا يعتد بكل اعتراف يثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه.

وحيث إن ذلك ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات متواترة، نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر، القرار عدد 507\2009 بتاريخ 25 مارس 2009 في الملف عدد 1640\6\9\2005 الذي جاء في إحدى حيثياته:

إن الاعتراف كباقي وسائل الإثبات في المادة الجنائية يخضع لتقدير المحكمة التي من حقها عدم الاعتداد به إذا ضمن في محضر الضابطة القضائية وثبت أنه انتزع من المتهم عن طريق العنف والإكراه). (نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة، الغرفة الجنائية، الجزء 2، الصفحة 85).

وأن المتهمين الخمسة المعتقلين تعرضوا للعنف والتعذيب لإرغامهم على توقيع محاضر تتضمن اعترافات لم يفضوا بها، وقد كانت آثار التعذيب بادية عليهم أثناء تقديمهم أمام السيد وكيل الملك، بل منهم من بقيت آثار التعذيب ظاهرة عليه حتى جلسة المحاكمة بتاريخ 14 فبراير 2013.

وأنه لما كانت الضابطة القضائية استعملت العنف والتعذيب أثناء استجواب العارضين تمهيديا، فإن محاضر الاستماع باطلة، بل أكثر من ذلك تعرض القائمين بالتعذيب، ومن عاينوه وسكتوا عنه، للملاحقة بجناية التعذيب المنصوص عليها في الفصلين 1- 231 و2- 231 من القانون الجنائي، الأمر الذي يتعين معه التصريح ببطلان محاضر الاستماع لهذا السبب أيضا.

وأنه لهذه الأسباب مجتمعة يتعين التصريح ببطلان محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف ومحاضر الاستماع للعارضين تمهيديا.

من حيث المتــــــــــابعـــة

حيث إن متابعة النيابة العامة لا ترتكز على أساس قانوني سليم، ويعوزها الإثبات.

فيما يتعلق بجنحتي الإهانة والتهديد:

حيث إن السيد الوكيل الملك تابع العارضين من أجل جنحة الإهانة طبقا للفصلين 263 و429 من القانون الجنائي.

وحيث إن الفصل 263 من القانون الجنائي يستلزم للمتابعة بجنحة الإهانة توافر ركن مادي، قوامه توجيه الإهانة لموظف عمومي أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، بواسطة الأقوال أو الإشارات أو التهديد أو إٍرسال الأشياء أو وضعها أو الكتابة أو الرسوم غير العلنية، وركن معنوي يتمثل في قصد المساس بشرف الموظف، أو بشعوره، أو الاحترام الواجب لسلطته.

وحيث إنه بالرجوع إلى محضر الضابطة القضائية بمختلف عناصره فإنه لم يثبت أن أي من المتهمين وجه الإهانة بالوسائل التي ذكرها المشرع في الفصل 263 من ق ج، الأمر الذي يتعين معه التصريح ببراءتهم من هذه الجنحة عملا بالإجتهادات القضائية المتواترة لمحكمة النقض، التي نذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر، القرار عدد 6774 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 1983، الذي جاء في إحدى حيثياته:

لما كانت المحكمة لم تبين العبارات غير اللائقة التي تكون العنصر المادي لجريمة إهانة موظف، فإن حكمها يكون ناقص التعليل ومستوجبا للنقض). (مجموعة قرارات المجلس الأعلى، المادة لجنائية، الصفحة 198).

وحيث إن الفصل 429 من القانون الجنائي يستلزم للمتابعة بجنحة التهديد، التهديد بارتكاب فعل من أفعال الاعتداء على الأشخاص أو الأموال، بالكتابة أو الصور أو الرموز والعلامات أو الأقوال الشفوية، وأن يكون التهديد مصحوبا بأمر أو معلقا على شرط.

وحيث إنه بالرجوع إلى محضر الضابطة القضائية، فإنه لم يثبت أن أي من المتهمين وجه التهديد لموظفي الحي الجامعي أو القوات العمومية، بالوسائل التي ذكرها المشرع في الفصل 425 و427 من القانون الجنائي، وأن التهديد كان مصحوبا بأمر أو معلقا على شرط، الأمر الذي يتعين معه التصريح ببراءتهم من هذه الجنحة.

وحيث إن هذا ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 2765، الصادر بتاريخ 18 يناير 1989، الذي جاء في إحدى حيثياته:

إن المحكمة لما أدانت الطاعن من أجل جريمتي التهديد وإهانة موظف دون أن تبرز في قضائها أن التهديد كان مصحوبا بأمر أو معلقا على شرط، وأن إهانة الموظف وقعت أثناء القيام بعمله وبقصد المساس بشرفه أو شعوره أو الاحترام الواجب لسلطته، يكون قرارها منعدم التعليل مما يستوجب نقضه). (المرجع السابق، الصفحة 206).

من حيث جنحة العنف في حق موظفين عموميين وباقي الجنح:

حيث إن المشرع يجرم في الفصل 267 من القانون الجنائي من يرتكب عنفا في مواجهة موظف عمومي أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، ويعاقبه بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، ويغلظ العقوبة برفعها من سنتين إلى 5 سنوات، إذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض، أو إذا ارتكب العنف مع سبق الإصرار والترصد.

وحيث إن أيا من المتهمين لم يضبط في حالة تلبس بتعنيف أي من القوات العمومية، كما أن الضابط محرر محضر المعاينة، لم يصرح بمعاينته للمتهمين بعينهم وهم يرشقون القوات العمومية بالحجارة.

وحيث إن محضر المعاينة جاء بكيفية مجملة، ولم ينسب فعل الرشق بالحجارة لكل متهم بعينه، ومن تم لا يسوغ متابعة العارض بذلك طالما أن المشرع تبنى مبدأ المسؤولية الجنائية الشخصية في 132 من القانون الجنائي، الذي ينص على أن كل شخص يساءل شخصيا عن الأفعال الجرمية التي يرتكبها.

وحيث إنه اعتبارا لذلك فإن محضر الإنتقال والمعاينة جاء بكيفية مجلمة، وتضمن اتهامات عامة، لا تسعف المحكمة في نسبة كل فعل لمرتكبه، طالما أن الأحكام تبنى على الجزم واليقين، وليس على الظن والتخمين.

وأن هذا ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات متواترة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، القرار عدد 35/1 الصادر بتاريخ 14 يناير 2009 في الملف الجنائي عدد 23435/08 الذي جاء في بعض حيثياته:

وحيث يتجلى مما ذكر أنه فضلا عن أن القرار المطعون فيه لم يورد أي تعليل يتعلق بالطاعن، فإن تعليل القرار الابتدائي الذي أيده والمنقول أعلاه لم يخصص للطاعن أي تعليل، وإنما جاء بتعابير عامة وبصيغة الجمع من قبيل:)(وحيث إن المتهمين اعترفوا خلال البحث التمهيدي..) و(… توجه بعض منهم إلى الجزائر للقيام بتداريب عسكرية) و(وحيث كانوا يجتمعون في أماكن عامة لمناقشة أفكارهم…) و(حيث إن نيتهم اتجهت بالأساس إلى تنفيذ تلك الأفعال على أرض الواقع..) و(حيث اقتنعت المحكمة بثبوت الأفعال المنسوبة لجميع الأظناء…).)فمثل هذا التعليل العام الذي لم يتعرض بتاتا لذكر اسم الطاعن، وما نسب إليه من أفعال، وموقفه منه، وما اقتنعت فعلا بأنه ارتكبه، والأدلة التي اعتمدت عليها في ذلك، يشكل نقصانا في التعليل الموازي لانعدامه، ويعرض القرار المطعون فيه للنقض والإبطال في حق الطاعن)“. (قضاء محكمة النقض في المادة الجنائية، عمر أزوكار، الطبعة الأولى، سنة 2012، صفحة 164).

كما أن محاضر الاستماع أمام الضابطة القضائية لا يمكن الاعتماد عليها في إدانة العارضين بالمنسوب إليهم، نظرا لما تضمنه من اعترافات لم يفض بها المتهمون، وأرغموا على التوقيع عليها تحت الإكراه التعذيب.

وفضلا عن ذلك فإنه لا يمكن الاطمئنان لمحاضر اعترتها الخروقات الشكلية المنوه عنها في الدفوع الشكلية، عملا بمقتضيات المادة 289 من ق م ج، التي تنص على أنه:

لا يعتد بالمحاضر والتقارير التي يحررها ضباط وأعوان الشرطة القضائية والموظفون والأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية، إلا إذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محررها وهو يمارس مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في مجال اختصاصه).

ولما كانت المحاضر شابتها مجموعة الخروقات فإنها ساقطة عن درجة الاعتبار، ولا تكتسي أية حجية.

ومن جهة أخرى فإنه لئن كان القاضي الزجري حر في تكوين قناعته واعتقاده الصميم من كل وسيلة من وسائل الإثبات طبقا للمادة 286 من ق م ج، بحيث لا يتقيد بأية وسيلة من وسائل الإثبات كمبدأ عام، إلا ما استثناه المشرع مثلا في الفصلين 490 و491 من ق ج بخصوص جريمتي الفساد والخيانة الزوجية، فإنه لا يمكنه الاعتداد بتصريح متهم على متهم في إثبات الجرم، إلا إذا كان هذا التصريح مدعما بوسائل إثبات أخرى، وحتى مجرد قرائن متناسقة قوية تعضده.

وأن هذا ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 1196/3، الصادر بتاريخ 29 أبريل 2005 في الملف عدد 11080/6/3/2004، الذي جاء في إحدى حيثياته:

حيث إن تصريح ظنين على ظنين لا يمكن أن يعتد به لإثبات جريمة إلا إذا كان مدعما بحجة أو قرينة أخرى). (المرجع السابق، الصفحة 317).

وأنه فيما يخص القرائن فإن الفقه الجنائي مجمع على أنه للاعتداد بها ينبغي أن تكون متناسقة متعاضدة ومتساندة.

وحيث إن ذلك ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 1789-2 بتاريخ 24 دجنبر 2003 في الملف الجنحي عدد 19765\2000 الذي جاء في إحدى حيثياته:

ومن جهة أخرى فإن استنتاج المحكمة للأسباب والوقائع غير منطقي ولا يتفق مع ما هو ثابت من مستندات الملف من تصريح مصرح لم يستمع إليه كشاهد بصفة قانونية، ومن شهادة طبية، إضافة وأنه على اعتبار أن ما اعتمدت عليه المحكمة في قضائها مجرد قرائن فإنها قرائن غير متناسقة ومتطابقة في دلالتها وأن تعليلات القرار المطعون فيه وعلى النحو السالف الذكر جاءت غير سليمة ومقنعة وغير كافية مما عرض القرار المذكور للنقض). (مجلة الملف العدد 6 الصفحة 330).

أما فيما يتعلق بالشواهد الطبية التي أدلى بها بعض أفراد القوة العمومية، فهي إن كانت تثبت الضرر، إلا أنها لا تثبت نسبته لأحد المتهمين، ومن تم فإنه لا يمكن الاعتماد عليها في الإدانة.

وحيث إن ذلك ما أكده قرار محكمة النقض المذكور أعلاه، الذي جاء في إحدى حيثياته:

وحيث إنه من جهة فإن الاعتماد على الشهادة الطبية وحدها لا تشكل وسيلة من وسائل الإثبات القانونية وإن كانت تثبت الضرب والجرح إلا أنها لا تثبت نسبته إلى الأظناء).

وحيث إنه من المستقر فقها وقضاءا أن الأدلة في المادة الجنائية متعاضدة متساندة، إذا أحتل منها جزء واعتراه العوار، انهارت قناعة القاضي الزجري برمتها، لأنه لا يعلم مقدار مساهمة كل دليل في تكوين عقيدة القاضي الزجري برمتها، لأنه لا يعلم مقدار مساهمة كل دليل في تكوين عقيدته.

وأنه ببطلان محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف ومحاضر الاستماع، تنهار القناعة كلها بثبوت الأفعال.

وختاما فإن اللبوس السياسي للملف ظاهر للعيان، إذ أنه تم فبركة هذا الملف للمتهمين لثنيهم عن مواصلة النضال من أجل تحقيق المطالب المشروعة للجماهير الطلابية في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وردعا لغيرهم حتى لا ينخرطوا معهم في الأشكال النضالية المشروعة، التي تكلفها العهود والمواثيق الدولية، وقانون الحريات العامة بالمغرب.