إحياء لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، نظم القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان يوم السبت 29 نونبر 2025 بمدينة فاس، ندوة فكرية هامة تحت عنوان “دور السلطة الرابعة في الكشف عن العنف المسلط ضد المرأة”.
الندوة، التي جاءت لتصوب عدسة النقاش نحو الوضع المتدهور للمرأة في مختلف المجتمعات، أكدت أن هذا التدهور مستمر رغم سيل الشعارات والقوانين والمواثيق الدولية التي تغطي كافة الميادين. وقد استندت المناقشات إلى أرضية علمية وحقوقية متينة، حيث تناولت المداخلات واقع العنف ضد النساء بأشكاله المتعددة، مع تركيز على الوضعية الخاصة للمرأة المغربية والآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن هذا العنف.
كما خصصت الندوة حيزا مهما لاستعراض معاناة النساء الفلسطينيات تحت وطأة الاحتلال، ومعاناة النساء السودانيات في سياقات الحرب والنزوح، وذلك بهدف إبراز الانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء في مناطق النزاع، وفي المقابل تسليط الضوء على صور الصمود والمقاومة التي تسجلها هؤلاء النسوة.
الإعلام أداة للمساءلة وفضح الانتهاكات
وفي محورها المركزي، توقفت الندوة عند الدور المحوري للإعلام، بوصفه سلطة رابعة، في فضح انتهاكات العنف ومساءلة المعتدين. وأكدت المداخلات على ضرورة التغطية المهنية لقضايا العنف، مشددة على أهمية الصحافة الاستقصائية والإعلام الرقمي في إيصال الحقيقة، رغم التحديات الكبيرة المرتبطة بالرقابة والضغط والتضليل الإعلامي.
وقدمت الأستاذة صفاء، المهتمة بقضايا المرأة والفاعلة الجمعوية، معالجة موجزة ودقيقة لموضوع العنف. انطلقت فيها من تحديد الإطار المفاهيمي والقانوني للظاهرة على المستويين الوطني والدولي، معرفة إياه بأنه ممارسة تلحق ضررا جسديا أو نفسيا أو معنويا بالمرأة، ومعرجة على جذوره الاجتماعية والثقافية.
واستعرضت المتحدثة أبرز أشكال العنف، بدءا من الجسدي واللفظي والسياسي والاقتصادي وصولا إلى العنف الرقمي، بالإضافة إلى العنف الرمزي الذي يعاد إنتاجه مجتمعيا عبر الصور النمطية والتمثلات المجحفة. وشددت على الآثار العميقة للعنف على حياة المرأة وصحتها النفسية وأدوارها الأسرية والاجتماعية، مؤكدة أن استمرار هذه الظاهرة ينعكس سلبا على المجتمع ككل. وخلصت إلى التأكيد على الدور المحوري للإعلام في كشف الواقع، ونشر الوعي، وتغيير التمثلات بما يساهم في الوقاية من العنف والتصدي له.
وشاركت الأستاذة رجاء الرحيوي، المهتمة بقضايا المرأة وعضوة المكتب الوطني للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، بمداخلة تحت عنوان “المرأة الفلسطينية والسودانية بين الصمود والمعاناة”. كما أوضحت الأستاذة حفصة بومزيزا، المهتمة بقضايا المرأة ومقاصد الشريعة والإعلام، خلال مداخلتها دور السلطة الرابعة في الكشف عن العنف ومساءلة المعتدي.
توصيات الندوة: شراكة إعلامية وحقوقية ودعم للمبادرات النسائية

وختمت الندوة أعمالها بمجموعة من التوصيات الهامة التي دعت إلى تفعيل الدور الإعلامي والحقوقي في مواجهة العنف. وقد تمحورت هذه التوصيات حول ضرورة تعزيز الشراكة بين الإعلاميين والهيئات الحقوقية، وتقديم الدعم اللازم للمبادرات النسائية التي تضطلع بمهمة توثيق الانتهاكات ونقل صوت الضحايا.
كما شددت التوصيات على أهمية تكوين الإعلاميين في مقاربة النوع وتغطية قضايا العنف بحس حقوقي مهني عال. ودعت إلى إبراز النماذج الفلسطينية والسودانية كحالات اختبار حقيقية لمدى جدية الإعلام العالمي في كشف الحقيقة والانتصار لقضايا المرأة.
وختم اللقاء بالتأكيد على أن حماية النساء من العنف هي مسؤولية مشتركة، وأن الإعلام يظل الأداة المركزية في نشر الوعي وتحقيق التغيير وكشف الحقائق التي غالبا ما يسعى المعتدي إلى إخفائها.