بلاغ هيئة دفاع محمد أعراب باعسو رقم (3)
تنهي هيئة دفاع المعتقل السياسي الدكتور محمد أعراب باعسو إلى الرأي العام، أن ملف مؤازرها قد أدرج بجلسة يومه الثلاثاء 23 ماي 2023 أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمكناس للمرة الثالثة، بعد قضائه ما يزيد عن 200 يوم من الاعتقال الاحتياطي التعسفي، في خرق فاضح لقرينة البراءة المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، وللمادتين 11 و 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأنه بعد تسجيل جديد للعديد من المحامين مؤازرتهم للسيد محمد أعراب باعسو، شرعوا تباعا في تقديم الدفوع الشكلية من قبيل خرق الفقرة الثالثة من المادة 23 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، والمتمثل في عدم إشعار الملقى عليه القبض بدواعي اعتقاله حتى يتمكن من إعداد وسائل دفاعه، وخرق الفقرات الثانية ولثالثة والرابعة من المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك بعدم الإشارة إلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء، وساعة توثيقه في المحضر، بل اكتفت بالإشارة إلى توقيت واحد فقط، ولم تشعره بحقه في التزام الصمت والاستفادة من المساعدة القانونية والاتصال بأقاربه وإشعاره بالمنسوب إليه قبل الشروع في الاستماع إليه، مما يتعين معها وفق القانون التصريح ببطلان محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف والتفتيش والحجز ومحضر إشعار ممثل النيابة العامة.
كما أثارت هيئة الدفاع خرق المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية بحيث تم اعتقال باعسو أولا دون التتبث من وقوع الجريمة ودون جمع الأدلة، وأن ما يؤكد ذلك التخبط والتردد الذي صاحب هذه المسطرة، هو ربط الاتصال بزوجة الدكتور باعسو على أساس أن الأمر يتعلق بخيانة زوجية، وأنه عند تقديمه أمام النيابة العامة تحول ذلك بقدرة قادر إلى جناية الاتجار بالبشر.
كما سجلت هيئة الدفاع أيضا خرق سرية البحث التمهيدي والتحقيق المنصوص عليها في المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية، بعد إقدام جهات البحث والتحري والتحقيق على نشر تفاصيل الملف الحالي والإشارة إلى السيد محمد أعراب باعسو والتعرض لحياته الخاصة في منابر إعلامية، مما يجعل ذلك تعديا خطيرا على قرينة البراءة وتهييجا للرأي العام من قبل صحافة التشهير.
ونبهت إلى خرق الفقرة الثانية من المادة 177 من قانون المسطرة الجنائية على اعتبار أن قرار قاضي التحقيق بالتمديد تم قبل توصله بطلب من النيابة العامة المدعم بأسباب معقولة.
كما عبرت هيئة الدفاع أيضا عن شديد استغرابها من تقدم دفاع المطالبة بالحق المدني بطلب رام إلى جعل جلسات المحاكمة سرية، في الوقت الذي كان فيه مؤازرنا ينتظر بحرقة وشغف كبيرين أن يثبت براءته من خلال محاكمة علنية يحضرها عموم المواطنين وتراقبها الهيئات والمنظمات الحقوقية وتغطيها المنابر الإعلامية، لإبراز تهافت التهم الواهية المنسوبة إليه وإظهار فراغ المتابعات التي ألصقت به ونسبت إليه.
إن هيئة الدفاع تعتبر الحق في محاكمة علنية من أهم و أبرز الحقوق التي نصت عليها القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، بحيث جعلتها في مصاف المعايير المعتمدة لضمان شروط المحاكمة العادلة، هذا المبدأ يجد سنده القانوني في الدستور المغربي من خلال فصله 123 وفي الدساتير المقارنة، وكذا بالمادة 300 من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على أنه: “يجب تحت طائلة البطلان أن تتم إجراءات البحث والمناقشات في جلسة علنية” وجعله التنظيم القضائي من أهم المبادئ الأساسية الملزم احترامها خلال مباشرة الإجراءات، وأكد عليه الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته العاشرة بقولها: “لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أي تهمة جزائية توجه إليه”، وأوجبته المادة الرابعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي نصت على أن: “الناس جميعا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أي تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أي دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون”.
إن هيئة دفاع باعسو تعتبر أن مقاصد وأهداف المشرع الوطني والدولي من فرض مبدأ علنية الجلسات، هو حرصه على تعزيز الثقة في أحكام القضاء، وبعث الطمأنينة في نفوس وقلوب أطراف الخصومة الجنائية، على اعتبار أن علنية الجلسات تجعل رقابة الجمهور لأطوارها، من شأنه أن يساعد مجلس القضاء في إنتاج حكم قضائي منصف ومحايد وموضوعي غير متحيز لطرف دون الآخر.
إن الطلب الرامي إلى جعل جلسات محاكمة الدكتور محمد أعراب باعسو سرية، مخالف للمواثيق الدولية ويتعارض مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية التي تعتبر من النظام العام، والتي لا يجوز مخالفتها أو إنقاصها، أو إتيانها بشكل معيب، تحت طائلة البطلان، حماية للمتهم بصفته الطرف الضعيف في الخصومة الجنائية، ومناقض لمقتضيات الدستور المغربي التي تؤكد على ضرورة وأهمية احترام مبدأ علنية الجلسات، لكونه يشكل مناط ضمانات وشروط المحاكمة العادلة التي تحدث عنها في فصله 120 بقوله: “ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻭﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻳﺼﺪﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﻘﻮل”، مما يستوجب على منبر القضاء أن يضمن هذا الحق الدستوري والكوني والإنساني الذي لا ينبغي التنازل عنه إعمالا لمقتضيات الفصل 117 من ذات الدستور بقوله “يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون”.
وفي إطار تجهيز المسطرة ومراعاة للشفوية والحضورية المنصوص عليها في المادة 287 من قانون المسطرة الجنائية، تقدمت هيئة الدفاع بالمسائل المتعين فصلها أوليا من قبيل طلب إحضار المحجوزات واستدعاء الضابط المنجز لتقرير الخبرة الجينية بالمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، واستدعاء الضابط المنجز لتقرير خبرة التسميم على خليط الزيوت الموجود في القنينتان بالمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، واستدعاء ضابط الدرك الملكي بالقيادة العامة للدرك الملكي بالرباط، وكذا السيدة نوال حريكة المذكورة في وثائق الملف.
وبعد تداول المحكمة في الطلبات والدفوع الشكلية المثارة وعددها 23 دفعا شكليا وطلبا أوليا، قررت ردها جميعها باستثناء الاستجابة لإحضار المحجوز واستبعاد دباجة المحضر (أو مايسمى تقرير الضابطة القضائية)، مقابل الاستجابة لطلب دفاع المطالب بالحق المدني الرامي إلى جعل أطوار المحاكمة سرية.
وبعد تأجيل الملف لجلسة 6 يونيو 2023 قصد تتمة مناقشة الملف، تقدمت هيئة دفاع المعتقل باعسو بطلب الإفراج المؤقت مؤسسة ملتمسها بتوافر مؤازرها على كافة الضمانات المنصوص عليها في مقتضيات المادة 178 من قانون المسطرة الجنائية، اعتبارا أن الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي مجرد تدبيران استثنائيان حسب مقتضيات المادة 159 من ذات المسطرة.
لتقرر المحكمة البت في طلب الإفراج لآخر الجلسة، علما أن هذا الطلب قوبل بالرفض للمرة العشرين.
هيئة دفاع المعتقل السياسي محمد أعراب باعسو بتاريخ 23 ماي 2023