من المهام التي يضطلع بها عدد من الآباء مساعدة أبنائهم على إنجاز الواجبات المنزلية، خصوصا في المراحل الدراسية المبكرة. وبما أن هذه العملية تتكرر بصفة يومية فإنها تتحول إلى عمل روتيني قد يجلب الملل والضجر للآباء والأبناء على السواء. وفي غمرة هذا الروتين اليومي تغيب عن الآباء كثير من الأساليب المشوقة والممتعة، مما يجعل مهمة إنجاز الواجبات المنزلية أمرا منفرا ومملا. علما أن هناك من يرفض هذه العملية جملة وتفصيلا -أي مطالبة التلاميذ بإنجاز الواجبات المدرسية المنزلية-، وهناك طرف آخر يرى فيها دعما للطفل حتى يتمكن من تثبيت ما تعلمه في المدرسة، ولكل فريق حججه وأدلته. لكن السؤال المطروح هو: كيف نجعل من هذه الواجبات المدرسية المنزلية عملا ممتعا بدل أن تكون عملية منفرة مملة تشعر الطفل بالضجر والتوتر والقلق؟
ننطلق في بسط هذه القضية من مسلمة هي أن الطفل هو المسؤول الأول عن إنجاز الواجبات المدرسية المنزلية، وتقتصر مهمة الأبوين على تقديم الدعم لابنهما خصوصا إذا تعسر عليه فهم عملية من العمليات، إضافة إلى تدريبه على الاستفادة من الوقت والتنظيم. ويقدم علماء النفس التربوي جملة من التوجيهات والنصائح يمكنها أن تساعد الآباء على جعل هذه المهمة ممتعة ومشوقة بدل أن تكون منفرة مملة.
1- تمهيد وحوار حول فحوى الواجبات المدرسية
اترك طفلك يحدثك عن واجباته المدرسية، واستمع إليه جيدا دون مقاطعته، وإن ظننت أنه أساء فهم الذي طلب إليه، اصبر واستمع وصحح برفق.
2- حفز وشجع ولا تتأفف أمام طفلك
لا تتأفف أمام طفلك من شر هذه الواجبات المنزلية إن كنت تعتقد أنها شر، بل شجع وحفز، وامدح خطه وقراءته، وساعده برفق، واتركه ينجز العمل بمفرده وأنت تراقبه وتضاحكه، وتصحح أخطاءه بفنية عالية.
3- علمه الاعتماد على النفس بمدح عمله الفردي
كثير من الآباء يود التخلص بسرعة من عبء الواجبات المنزلية، مما يفوت الفرصة على الطفل للاستفادة بشكل كبير مما تعلمه في المدرسة. بل كلما أنجز الطفل مسألة، امدح عمله حتى يبني ثقته بنفسه، ويُحبب إليه الاجتهاد ويطلب المزيد، -وطلب المزيد والرغبة في الاجتهاد دأب العظماء-. وكن دقيقا في تقدير عمله وجهوده، حتى يدرك بنفسه قيمة العمل الذي ينجزه.
4- مواعيد محددة لإنجاز الواجبات المنزلية
من الأفضل أن يُحدد وقت معين لإنجاز هذه الواجبات باتفاق بين الطفل والأبوين، دون إكراه منهما، ومن الأحسن أن يكون هذا الوقت بعد فترة راحة وأكل ولعب.
5- تحديد المكان المناسب
من الأفضل تحديد مكان مناسب ينجز فيه الطفل واجباته المنزلية، مكان يشعره بالراحة والمتعة، فإن كان هذا المكان غير غرفته كان ذلك أحسن من باب التغيير والتشويق والتحبيب، مع الإضاءة الجيدة، والأدوات المدرسية الضرورية للقيام بالعمل.
6- تنويع الوسائل التعليمية
لا يكتفي الأبوان -حين مساعدة الطفل على إنجاز واجباته المنزلية- بالكتاب والأقلام، بل يمكنهما أن يستعينا بوسائل تعليمية أخرى من دروس مرئية ومسموعة، وأفلام تعليمية مسلية.
7- أنت متعلم ولست معلما
لا تكن أنت المعلم فقط، بل اجعل نفسك متعلما تتعلم مع ابنك، فسيزيده ذلك سرورا وثقة بنفسه، ودعه يتفوق عليك في بعض المسائل، فسترى سروره العظيم إذ سينتفش فخرا أن هزمك في هذه المسألة، ولا تنس أنك أنت أيضا تتعلم من جديد، لأن البرامج التي يُدرس بها ابنك، ليست تلك التي درست بها في فترة طفولتك.
8- المكافأة، المكافاة
بعد الانتهاء من إنجاز الواجبات المنزلية، كافئ طفلك بقسط من الراحة، أو بمشاهدة فيلم محبب إليه، أو بالاستمتاع بلعبته المفضلة، فكل ذلك سيحبب له وقت الواجبات المنزلية، ويجعله في شوق لها ولما بعدها طبعا.
9- لقاء المدرسين والمدرسات
من الأفضل أن يعقد الأبوان لقاءات شهرية أو دورية مع المدرسين لمعرفة المشكلات التعلمية لأطفالهم، مع إثارة مسألة الواجبات المنزلية لمعرفة الأهداف الكبرى لهذه العملية، وكذا دور الآباء في هذه المسألة من وجهة نظر المدرسين، وما يجب على الآباء القيام به لإنجاح عملية إنجاز الواجبات المنزلية من قبل الطفل.
10- خطة واضحة
لابد أن يعتمد الأبوان خطة واضحة أثناء مساعدة الطفل على إنجاز واجباته المنزلية، أي وقت البداية والنهاية، والانطلاق من الأصعب والانتهاء بالأسهل، قبل أن يدب العياء إلى جسد الطفل، مع أخذ قسط يسير من الراحة بين الواجب الأول والذي يليه.
11- ركز اهتمامك
من الأفضل أن تتجنب كل ما يشوش على نفسية الطفل وتركيزه أثناء إنجاز الواجبات المنزلية كالانشغال بالهاتف، والرد المتكرر أو الأصوات المرتفعة المزعجة لجهاز التلفاز وغيره، ركز اهتمامك نحو طفلك حتى ينهي ما عليه من عمل، آنذاك يمكنك أن تتفرغ للرد على المكالمات الهاتفية وغيرها.
12- إنجاز كل الواجبات المدرسية
تأكد أن طفلك أتم إنجاز كل واجباته المنزلية حتى لا ينتابه القلق أو التوتر ويستيقظ ليلا باكيا لأنه نسي هذا العمل أو ذاك.
13- تجارب بعض الآباء
– من الأمهات من يحضرن معهن قطع الحلوى أثناء مساعدة الطفل على إنجاز الواجبات المنزلية، تحفيزا وتشجيعا.
– من الآباء من يستعين بالملصقات والصور لمساعدة الطفل على إنجاز الواجبات المنزلية، مع تغييرها كل مرة حسب طبيعة الموضوع.
– أحد الآباء كان يخرج رفقة ابنه إلى أحد المنتزهات الهادئة لمساعدته على إنجاز الواجبات.
– من الآباء من يجعل فترة إنجاز الواجبات وقتا ممتعا، إذ تتخلله بعض الألعاب المسلية، وكذا بعض الأدوار المسرحية..
واعلم أنه لبناء إنسان عظيم أخلاقيا وعلميا لابد من صبر عظيم.