عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
في الثامن من مارس من كل سنة يحتفل العالم بالمرأة في عيدها الأممي، ويحتفي فيه بدورها الفعال ومساهمتها غير المحدودة في بناء الأسرة وتنشئة الأجيال، وكذا بعطائها وتفانيها في شتى المجالات؛ السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
كيف لا نحتفل بالمرأة وهي نصف المجتمع أو المجتمع كله كما يقول بعض أنصارها.
جميل، بل مطلوب، أن نشكر المرأة ونعترف بفضلها ودورها وحضورها وتواجدها بيننا، ونقدم لها كل ما تستحقه من الدعم والتشجيع والتقدير والتنويه والاحترام، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
هذه السنة إن كان لا بد من التكريم والتنويه فالمرأة الفلسطينية أحق به، فهي البطلة والمرأة العظيمة والنجمة المضيئة اللامعة التي تستحق التكريم.
فهي كانت دائما وأبدا مدرسة متميزة، تعلمنا ما لم نتعلمه في المدارس وما لم نلمسه في مجتمعاتنا، وما لم تتداوله وسائل الإعلام، ولن نراه مطلقا في الدول المتقدمة، التي تقدمت في السحاب، وتأخرت في القيم والإنسانية.
نعم حق للمرأة الفلسطينية أن تكون مدرسة، تدرس الجهاد والصبر والصمود والبطولة والعطاء.
كيف لا نحتفل بها وكيف لا نقدم لها أسمى ما في العبارات من الجمال والإجلال، وأعطر ما في التحية والسلام، وهي الأخت التي فقدت أبويها وإخوتها وصبرت، والأم التي رأت فلذة كبدها تتناثر أشلاؤها، وتحملت وتجلدت، والزوجة التي ترملت واحتسبت، والصغيرة الناعمة التي تيتمت وجاعت وظلمت، والمرأة التي حرمت وتألمت وبكت في صمت، ولربها توجهت واحتسبت.
صحيح أنها فقدت أبناءها وزوجها وكل عزيز وغال، وفقدت بيتها واستقرارها وأمنها وحقها في الحياة، لكنها لم تفقد إيمانها ولا عزتها ولا كرامتها.
ولم يشهد التاريخ على أن المرأة الفلسطينية ركعت أمام جلادها، أو ضعفت أمام رغباتها واحتياجاتها، أو تخلت عن مبادئها رغم استهداف العدو لها ومحاولاته تخويفها وتجويعها وصدها عن مرادها وهدفها.
في أشد اللحظات وأصعبها وأمرها وأقساها، شهدنا وشهد العالم مؤيدا ومعارضا، صديقا وعدوا، من تكون المرأة الفلسطينية والحرة الغزاوية التي شرفها وكرمها الله عز وجل بهذا الابتلاء الذي رفع مقامها وأعلى سرها.
قد نراها نحن بعين الضعف والرأفة والشفقة، ولكنها في حقيقة الأمر هي في أرفع مواضع القوة والثبات والبسالة والإقدام.
لقد شهدنا عبر شاشاتنا الصغيرة والكبيرة صورا ومواقف ستخلد وتدرس لنساء سِرن سَيْرَ الصحابيات والصالحات في مواقف الصبر والثبات. وبذلك تكون المرأة الفلسطينية قد فازت بقلوبنا واحتلت عقولنا وتفكيرنا واستولت على اهتمامنا ونالت إعجابنا وربحت جميع الرهانات وتفوقت علينا كنساء. فرغم الجوع والبرد والألم ورغم قسوة الحياة وحرقة الفقد ولوعة الشوق، استطاعت الصمود والاستمرار أمام جميع التحديات المحبطة. فلا نراها إلا شاكرة، صابرة، راضية بقضاء ربها، مؤمنة بموعودها، متحملة المشاق والصعاب. الموت أمامها شهادة وارتقاء، والحرب جهاد وابتلاء، والترهيب إرادة وعزم وثبات. فأية امرأة أنت أيتها الفليسطينية؟ وأي صبر هذا؟ وأي تشريف نلت؟ وأي تكريم وأي احترام تستحقين؟
نجمك لمع في الكون فأضاء وغطى على سائر النساء، فورود وشموع الكون سواء وجميع عبارات المديح والثناء لا تكفي لنقول لك: شكرا، فقد علمتنا كيف نكون حقا نساء.
كل عام وأنت بألف خير، يا رمز الصبر والعطاء؛ في الأرض كنت أم في السماء…
عيدك عيد سعيد، بالنصر والتأييد…
يا حرة الأحرار، ويا ابنة الكرام…