الأبناء هم الذرية الصالحة التي تتحقق بها عمارة الأرض، وتضطلع بمهمة الاستخلاف فيها، ولذلك أقسم الله سبحانه وتعالى بالوالد وما ولد، فقال عز من قائل: ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد (البلد، 3)، ولهذا فالإنسان مسؤول أمام الله عز وجل عن ذريته من حيث توجيهها وتربيتها ورعايتها، قال عليه الصلاة والسلام: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه الشيخان.
وفيما يأتي نتناول في عناوين مركزة أهم الخطوات العملية للتعامل مع الأبناء تحقيقا للتربية الصالحة والرعاية الحسنة:
1) التنشئة السليمة وحسن الرعاية
يقول الإمام الغزالي في الإحياء: “اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه. وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم ومؤدب له” (1).
2) تحري الكسب الحلال في إطعام الأبناء
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله: أكل الخبيث ومخالطة الخبثاء كلاهما تغذية لنفوس الصغار والكبار بالسموم المهلكة (2).
3) صيانة الأبناء عن الرفقة السيئة
الرفقة السيئة ومخالطة رفاق السوء من أشد المهالك وأخطرها على تربية الأبناء.
4) تربية الأبناء على القيم الفاضلة
“يربى الصبيان والناشئون على حب الله والحب في الله والبغض في الله، والشجاعة في الحق، ونصرة المظلوم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعزة على الكافرين تزينها الذلة على المؤمنين، وذكر الله المستديم، ودعاؤه سبحانه والتوكل عليه إقداما وعملا جادا، وامتلاك النفس عند الغضب وحفظ اللسان إلى سائر شعب الإيمان ومنورات الإحسان” (3).
5) التشجيع والتنويه على كل خلق حميد وعمل صالح
يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: “يشجع الصبيان والغلمان والفتيات على الحميد من الخلق والجميل من الأفعال مما يقربهم إلى الله ويبعدهم من غضب الله، الصلاة، والقرآن، والرحمة بالضعيف، والنظافة والصدق، والحياء. الحياء أبو الفضائل، الحياء من شعب الإيمان” (4).
6) الرحمة والرفق تأسيا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
يقول الإمام ياسين: “حب البنين والبنات واللطف بهم ونحلهم النحلة – وهي العطية الحسنة – سنة مؤكدة، قال البراء بن عازب: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهم إني أحبه فأحبه)) رواه الشيخان والترمذي. وعند الترمذي عن عبد الله بن عباس قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملا الحسن بن علي على عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكب هو!)) (5).
7) الدعاء للأبناء
وذلك تأسيا بعباد الرحمان في قوله تعالى: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (الفرقان، 74).
روى البخاري عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخده، ويقعد الحسن على فخده الآخر، ثم يضمنا، ثم يقول: ((اللهم ارحمهما فإني أرحمهما)).
وخلاصة القول إن حسن معاملة الأبناء وتربيتهم أمانة أنيطت بنا لنرعاها حق رعايتها، والأولاد والذرية نعمة أعطيناها لنشكرها، ويتحقق شكرها بتربيتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة، فنكون لهم الصحبة الهادية؛ نحبب إليهم الإيمان وقيم الفضيلة، ونشجعهم، ونربي فيهم مهارات المبادرة وروح المسؤولية حتى تثمر جهودنا رجالا ونساء يساهمون في تغيير مجتمعنا لنجعل منه مجتمعا أكثر أمنا وعدلا وتقوى.
الهوامش:
(1) الإمام الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 3، ص 77.
(2) عبد السلام ياسين، تنوير المومنات، ج 2، ص 280.
(3) نفسه، ص 282.
(4) نفسه، ص 281.
(5) نفسه، ص 277.