“ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”

Cover Image for “ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”
نشر بتاريخ

باسم الله الرحمان الرحيم، ناصر المستضعفين وقاصم الطغاة الجبارين، وصلى الله على سيدنا محمد الصادق الأمين، حبيبنا وقدوتنا وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

أكتب هذه الأسطر ويداي ما زالتا ترتجفان فرحا، ودموعي لم تجف من الابتهاج بيوم عظيم من أيام الله.

هذه المرة لم تكن كسابقاتها البتة، هذه المرة شهدنا الفرح والقرح بتفاصيلهما، كل تفاصيلهما..

كانت العشرون يوما الأخيرة عصيبة علينا جميعا، تطورت فيها الأحداث بشكل سريع وتوالت الأخبار من فلسطين الحبيبة، كان أولها أحداث حي الشيخ جراح، حين حاول الاستيطان الغاشم إخلاء الفلسطينيين من بيوتهم في هذا الحي الذي يشهد على صمودهم منذ سنين… شهدنا معركتهم هذه من بدايتها، ووصلت قضيتهم إلى العالم بأسره. بعد أحداث حي الشيخ جراح عرف القريب والبعيد مدى تشبت أهل فلسطين بكل شبر من أراضيهم، وأنهم لم ولن يفرطوا فيها في يوم من الأيام..

أتت بعدها ليلة الثامن والعشرين من رمضان، ليلة لن أنساها ما حييت، في هذه الليلة، حاول المستوطنون اقتحام المسجد الأقصى المبارك، واستعدوا لاقتحامهم هذا أيما استعداد.. لم ننم تلك الليلة، كنا نتابع الأخبار أولا بأول، ونتابع زحف أحرار وحرائر الضفة والداخل المحتل إلى القدس للوقوف إلى جانب المقدسيين، فرحنا لاستعداد الرجال لمنع المحتلين الأنجاس من دخول المسجد الأقصى، وبكينا ونحن نشاهد المواجهات بين رجال القدس الأحرار وشرطة الاحتلال الصهيوني في باحات مسجدنا المبارك.. لكن الله أبى إلا أن يطهر مسجدنا الأقصى من دنس الصهاينة، فانقلبوا صاغرين..

بين هذه وتلك، نزف جرح غزتنا وهي تنصر قدسنا ومسجدنا الأقصى.. بتنا الليالي نترقب أخبار المقاومة، وتدمي قلوبنا مشاهد قصف غزة.. بتنا الليالي نبكي كل شهيد، وتؤرقنا صور الأطفال وهم ينتشلون شهداء إلى الفردوس الأعلى بإذن الله بعد كل قصف..

هذه المرة؛ حتى جنائز الشهداء حضرناها على المباشر، وأمنا على الدعاء لهم، وبكينا على حالنا بعدهم… لله درهم..

طيلة الأيام الأخيرة، كنا نلتف حول مائدة الطعام وتتسابق ملامحنا إما حاملة نبأ قصف غزة العزة مجددا، أو مبشرة بمجد المقاومة.. كنا ندعو الله كل لحظة، ونتواصى بالصبر والثبات استبشارا بنصر الله عز وجل.

بتنا الليالي نناجي الله تعالى أن يحفظ إخوتنا المجاهدين، ويسدد رمي كتائبنا، وأن يغيث قلوبنا وأرواحنا بفتح منه ونصر قريب..

وأخرى تحبونها، نصر من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين.

ها قد جبر الله كسرنا، ها قد استجاب الكريم دعاءنا، ها هي ريح النصر نشهدها ونبكي فرحا لهبوب نسائمها…

أتسمعون صدى التكبيرات في فلسطين؛ من بحرها إلى نهرها؟ أتتحسسون رفرفة قلوبكم فرحا؟ تالله إنه لجبر عظيم من المولى الكريم..

تتوالى على ناظري مشاهد الاحتفال بالنصر وقلبي ولساني يرددان: الله أكبر ولله الحمد.. الله أكبر ولله الحمد..

هنيئا لنا بهذا اليوم العظيم، عسى الله أن يأذن لنا أن نعيش وإياكم بهجة النصر الأكبر، وما ذلك عليه بعزيز..