ذكر حسن خلقه صلى الله عليه وسلم
عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهله؟ قالت: “كان أحسن الناس خلقا، لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح”. رواه الإمام أحمد رحمه الله. وعن أنس رضي الله عنه قال: “خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: أف، ولا لم صنعت، ولا ألا صنعت”. رواه الإمام البخاري رحمه الله. وعن سماك رحمه الله قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: “نعم، كان طويل الصمت قليل الضحك، وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم فيضحكون وربما تبسم”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله.
ذكر تواضعه صلى الله عليه وسلم
عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تُطْرُوني كما أَطْرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله”. أخرجه الإمام البخاري رحمه الله.
وعن جابر رضي الله عنه قال: “جاء النبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُني ليس براكب بغلا ولا بِرْذَوْنا”. انفرد بإخراجه الإمام البخاري رحمه الله.
وعن أنس رضي الله عنه قال: “إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به في حاجتها”. انفرد بإخراجه الإمام البخاري رحمه الله. وفي بعض ألفاظ الصحيح: “فتنطلق به حيث شاءت”. وعن الأسود رضي الله عنه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها : “ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا دخل بيته؟” قالت: “كان يكون في مِهْنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى”. انفرد بإخراجه الإمام البخاري رحمه الله.
وعن البراء رضي الله عنه قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا
** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلنْ سكينة علينا
** وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأُلَى قد بغوا علينا
** إذا أرادوا فتنة أبينا
أخرجاه في الصحيحين. وفي بعض الألفاظ: “والله لولا الله ما اهتدينا”.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المرضى، ويشهد الجنازة، ويأتي دعوة المملوك، ويركب الحمار، ولقد رأيته يوما على حمار خِطَامُه لِيفٌ “.
وعن الحسن رضي الله عنه أنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “لا والله ما كانت تغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجاب، ولا يُغْدَى عليه بالجِفَان، ولا يُراح عليه بها، ولكنه كان بارزا من أراد أن يَلْقَى نبيَّ الله لقيه، وكان يجلس بالأرض ويوضع طعامه بالأرض، يَلْبَس الغليظ ويَركَب الحمار ويُرْدِف عبدَه ويَعْلِف دابتَه بيده صلى الله عليه وسلم”.
ذكر حيائه صلى الله عليه وسلم
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خِدْرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه”. أخرجاه في الصحيحين. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على رجل صفرة فكرهها، وقال: “لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة!”. قال: “وكان لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه”. رواه الإمام أحمد رحمه الله.
ذكر شفقته ومداراته صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: “إني لأدخل الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتَجَوَّز في صلاتي مما أعلم من شدة وَجْد أمه من بكائه”. أخرجاه في الصحيحين.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أين أبي؟ قال: “في النار”. فلما رأى ما في وجهه قال: “إن أبي وأباك في النار”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله.
ذكر حِلْمه وصَفْحه صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدٌ نَجْراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال : يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء”. أخرجاه في الصحيحين.
وعن عبد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها أو ما أريد بها وجه الله! فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأتيته فأخبرته، فقال: “من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر”. أخرجاه في الصحيحين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا قد عَصَتْ وأبت فادع الله عليهم! فاستقبل القبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع يديه فقال: “اللهم اهد دوسا وائت بهم، اللهم اهد دوسا وائت بهم، اللهم اهد دوسا وائت بهم”. أخرجاه في الصحيحين. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له”. فأعطاه قميصه وقال: “آذِنِّي أصلِّ عليه” فآذنه، فلما أراد أن يصلي جذبه عمر فقال: “أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟” فقال: “أنا بين خيرتين قال: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم)، فصلى عليه فنزلت هذه الآية: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا). أخرجاه في الصحيحين.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له قط ولا امرأة له قط، وما ضرب بيده إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء فانتقم من صاحبه إلا أن تُنْتهك محارم الله فينتقم لله عز وجل، وما عرض عليه أمران أحدهما أيسر من الآخر إلا أخذ بأيسرهما إلا أن يكون مأثما، فإن كان مأثما كان أبعد الناس منه”. أخرجاه في الصحيحين.
ذكر مُزاحه ومداعبته صلى الله عليه وسلم
وعن أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان يُهْدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية فيُجَهِّزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن زاهرا بادينا ونحن حاضروه”. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلا دَمِيما، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره الرجل فقال: “أرسلني! من هذا؟” فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره ببطن النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من يشتري العبد؟” فقال: يا رسول الله، إذا والله تجدني كاسدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لكن عند الله عز وجل لست بكاسد”، أو قال: “لكن عند الله أنت غال”. رواه الإمام أحمد رحمه الله. قال لنا محمد بن أبي منصور: قال لنا أبو زكريا: الدميم بالدال المهملة في الخَلْق، وبالذال المعجمة في الخُلُق.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أَبْدُن فقال للناس: “تقدموا”، ثم قال لي: “تعالي حتى أسابقك”، فسابقته فسبقته. فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبَدُنت نسِيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس: “تقدموا” فتقدموا، ثم قال لي: “تعالي حتى أسابقك”، فسابقته فسبقني فجعل يضحك ويقول: “هذه بتلك”. رواه الإمام أحمد رحمه الله.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سُليم رضي الله عنها فرأى أبا عُمَير حزينا فقال: “يا أم سليم، ما بال عُمَير حزينا؟” قالت: يا رسول الله، مات نُغَيْره ، فقال رسول الله: “يا أبا عُمَير ما فعل النُّغَيْر؟” أخرجاه في الصحيحين.
ذكر كرمه وجوده صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقى جبريل عليه السلام، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. قال: فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة”. أخرجاه في الصحيحين. وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُسْأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه. قال: “فأتاه رجل فسأله فأمر له بِشَاءٍ كثير بين جبلين مِنْ شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله.
ذكر شجاعته صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، كان فزَعٌ بالمدينة فخرج الناس قِبَل الصوت، فاستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سبقهم، فاستبرأ الفزع على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ ما عليه سَرْج في عنقه السيف، فقال: “لم تراعوا”. أخرجاه في الصحيحين.
عن أبي إسحاق رحمه الله قال: سألت البراء رضي الله عنه وسأله رجل فقال: “فررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين!؟” فقال البراء: “ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، كانت هوازن ناسا رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول: “أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب”. أخرجاه في الصحيحين.
ذكر فضله على الأنبياء وعلو قدره صلى الله عليه وسلم
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة”. أخرجاه في الصحيحين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي”. قال أبو هريرة رضي الله عنه: “فلقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تَنْتَثِلُونها”. أخرجاه في الصحيحين.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: “كنت في المسجد فدخل رجل فصلى فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضيا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه! فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسَّن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري فَفِضْتُ عَرَقا وكأنما أنظر إلى الله فَرَقا. فقال لي: “يا أُبي، إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددتُ إليه أن هوِّن على أمتي، فردَّ إلي الثانية أن اقرأ على حرف، فرددتُ إليه أن هوِّن على أمتي، فردَّ إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف فلك بكل رَدة رددتها مسألة تسألنها فقلت: “اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي”، وأخرت الثالثة ليوم تَرغَب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلوات الله عليه”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا أول الناس خروجا إذا بُعثوا، وأنا خطيبهم إذا وَفَدوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا. لواء الحمد بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر”. رواه الإمام الترمذي رحمه الله. قال ابن الأنباري رحمه الله: “المعنى: لا أتبجح بهذه الأوصاف، وإنما أقولها شكرا لربي ومنبها أمتي على إنعامه علي”. وقال ابن عقيل رحمه الله: “إنما نفى الفخر الذي هو الكبر الواقع في النفس المنهي عنه الذي قيل فيه: (لا يحب كل مختال فخور)، ولم ينف التجمل بما ذكره من النعم التي بمثلها يفتخر، ومثله قوله: (لا يحب الفرحين) يعني الأَشِرين ولم يرد الفرح بنعمة الله تعالى”. قال الخطابي رحمه الله: “ما زلت أسأل عن معنى قوله: “لواء الحمد بيدي” حتى وجدته في حديث يروى عن عقبة بن عامر أن أول من يدخل الجنة الحمادون الله على كل حال يعقد لهم لواء فيدخلون الجنة”.
وقد روى الإمام مسلم رحمه الله في أفراده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة”. وفي أفراده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول مشفع”. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال: فغضب وقال: “أَمُتَهَوِّكُون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فَتُكَذِّبوا به أو بباطل فَتُصَدِّقوا به، والذي نفسي بيده لو كان موسى حيا ما وَسِعه إلا أن يتبعني”. رواه الإمام أحمد رحمه الله.
ذكر مثله ومثل الأنبياء من قبله صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: “مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون: لو وضعت ها هنا لَبِنَة فيتم بنيانك! فقال محمد صلى الله عليه وسلم: “فكنت أنا اللَّبِنة”. أخرجاه في الصحيحين.
ذكر مثله ومثل ما بعثه الله به صلى الله عليه وسلم
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العُرْيان، فالنَّجَاء! فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني واتبع ماجئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق”. أخرجاه في الصحيحين.
ذكر مشي الملائكة من ورائه صلى الله عليه وسلم
عن جابر رضي الله عنه قال: “كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يمشون أمامه إذا خرج ويدَعون ظهره للملائكة”. رواه الإمام أحمد رحمه الله.
ذكر وجوب تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على النفس والولد والوالد
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين”. أخرجاه في الصحيحين. وعن عبد الله ابن هشام رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر: “يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي”. فقال: “لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك”. فقال له عمر: “فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآن يا عمر”. رواه الإمام البخاري رحمه الله منفردا.
ذكر تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وحبهم إياه
عن أنس رضي الله عنه قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحلاق يَحلِقُه وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل”. انفرد بإخراجه الإمام مسلم رحمه الله. وعنه رضي الله عنه قال: “لما كان يوم أحد انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ عليه بحَجَفَة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع، لقد كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة قال: وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول: “انثرها لأبي طلحة!” قال: فأشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم فقال له أبو طلحة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم! نحري دون نحرك”. رواه الإمام البخاري رحمه الله.
وفي الصحيحين من حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بلال بوضوئه فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه أخذ من بلل يد صاحبه. وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس فجعلوا يأخذون يده ويمسحون بها وجوههم، فأخذت يده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب من ريح المسك”.
وعن أنس رضي الله عنه قال: “لما كان يوم أُحد حاص الناس حيصة وقالوا: قتل محمد! حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة، قال: فخرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بأخيها وأبيها وزوجها وابنها لا أدري بأيهم استقبلت أولا، فلما مرت على آخرهم قالت: من هذا؟ قالوا: هذا أخوك وأبوك وزوجك وابنك. قالت: فما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: أمامك. حتى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم جعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذا سلمتَ من عطب”.