يأتي وفد الله من آفاق شتى من غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجى، شعث غبر تجردوا عن حولهم وقوتهم يجأرون لله بالدعاء والتلبية و التهليل و التكبير، فكان حقا على الله أن يكرم وفده. عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحجاج و العمار وفد الله إن سألوا أعطوا و إن دعوا أجيبوا وإن أنفقوا أخلف عليهم و الذي نفس أبي القاسم بيده: ما أهل مهل ولا كبر مكبر على شرف من الأشراف إلا هلل ما بين يديه وكبر بتكبيره حتى ينقطع مبلغ التراب” أخرجه تمام الرازي في فوائده
الحج يهدم ما كان قبله
الله الله في أيام ما أعظمها، فضائل عظمى ومناقب كبرى تجعل حج الحاج يهدم ما كان قبله. عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : « لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ابسط يدك فلأبايعك ، فبسط ، فقبضت يدي . فقال : مالك يا عمرو؟ قلت: أشترط. قال : تشترط ماذا ؟ ” قلت: أن يغفر لي. قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ” رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج- أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ” أخرجه الطبراني وحسنه الألباني.
فلك الحمد ربنا أن جعلت يوم الجمعة ميزان الأسبوع، وشهر رمضان ميزان العام، والحج ميزان العمر لمن سارع في الخيرات و تزود له. فمن صحت حجته وسلمت نيته صح له سائر عمره.
الحج ميزان العمر لمن لم يرفث ولم يفسق ولم يجادل
يقول الله عزوجل في سورة الحج فمن فرض فيهن الحج فلا رفث وفسوق ولاجدال وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من دنوبه كيوم ولدته أمه “ رواه البخاري ومسلم والنسائي
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“ تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة “ رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني
الحج ميزان العمر لمن أطعم الطعام وطيب الكلام
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى اله عليه وسلم قال” الحج المبور ليس له جزاء إلا الجنة قيل وما بره ؟ قال إطعام الطعام وطيب الكلام” رواه الطبراني بإسناد حسن
الحج ميزان العمر لمن دعا له ولغيره من المسلمين
عن ابن عباس قال ” قال صلى الله عليه وسلم خمس دعوات لاترد دعوة الحاج حتى يصدر ،ودعوة الغازي حتى يعود، ودعوة المظلوم حتى ينصر، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بالغيب، أسرع هؤلاء إجابة دعوة الأخ لأخيه بالغيب “ وقد طلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيدنا عمر ابن الخطاب حين استأذنه بالحج الدعاء فقال له لاتنسنا من دعائك
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم :” يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج “ رواه الطبراني في الصغير
الحج ميزان العمر لمن أنفق فيه حلالا طيبا
عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله، الدرهم بسبعمائة ضعف” أخرجه بن أبي شيبة و الإمام أحمد
وعن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا خرج الحاج من بيته كان في حرز الله فإن مات قبل أن يقضي نسكه وقع أجره على الله، وإن بقي حتى قضى نسكه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنفاق الدرهم الواحد في ذلك الوجه يعدل أربعين ألف ألف فيما سواه” ذكره الحافظ ابن حجر
الحج ميزان العمر لمن كان لله فيه ذاكرا
قال الله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِالحج : 28
في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: “إنما شرع الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله تعالى “
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أهل مُهل قط، ولا كبر مكبر قط إلا بُشر. قيل: يا رسول الله: بالجنة؟ قال: نعم.
فلبيك اللهم و سعديك و الخير كله بين يديك و الشر ليس إليك ، اللهم ارزقنا حجا مبرورا ودنبا مغفورا.