لا سبيل إلا أن تصحب من اشتاق وذاق من ذاك الترياق ترياق المحبة والشوق، أن تصحب من يدلك على التوقان الأعظم ألا وهو محبة الله ورسوله…

ما خلق الله تعالى نفسا أكرم عليه من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، اختصه سبحانه بما لم يخص به أحدا من خلقـه، وأعطاه من سمو المكانة وارتفاع الذكر ما لم يعطه لنبي قبله..

لا تتطلب هجرتنا الآن انتقالا من مكان لمكان، لكنها تستوجب منا هجرة العادة والانتقال إلى رحاب العبادة ذكرا وتسبيحا..

إن نسبة سعة الآخرة إلى الدنيا كنسبة سعة الدنيا إلى الرحم؛ اعتاده الجنين وألفه حتى إذا خرج منه إلى وسع الدنيا ورحبها كره أن يرجع إلى مكانه..

من كرم الله عز وجل على الأمة المحمدية أن جعل لها على مر الدهر مواسم خير يتجرد فيها العبد من مشاغل الدنيا لمشاغل الآخرة…

هـذا نبـي الرحمـة والرأفـة الحريـص علـى أمتـه، فمـا أحوجنـا فـي هـذا الزمـن أن نحـذو حـذوه، ونسيـر علـى نهجـه، ونحيـي أمتـه بسنتـه..

تراني أتحسر على سُقمك وأتألم حين أسمع أنين وجعك وتَبكيك عيوني عندما أرى تنهٌّداتك وآهاتك، لا صبر لك على التحمل، ولا صبر لي على التأمل..

يأتي وفد الله من آفاق شتى من غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجى، شعث غبر تجردوا عن حولهم وقوتهم يجأرون لله بالدعاء والتلبية و التهليل و التكبير، فكان حقا على الله أن يكرم وفده…

حكايتي سفر طويل في بحر هائج، وواقع مرير مليء بالمفاجآت، بدأ في زمن الغفلة، حيث الرياح الهوجاء والعواصف في كل مكان،