مقدمة
ما أشبه حالنا بقصة جحا!
ما أشبه جحاهم بجحانا غير أن جحاهم كان له مسمار واحد به يحتال ويتلصص على صاحب الدار. أما جحانا فله وتد سميك ومسامير حادة صدئة. ودونها مسامير صغرى كثيرة، يقظة حساسة، أحرص من جحانا في الإبقاء على الوتد والمسامير منغرسة متجدرة في بيتنا الدستوري والسياسي بكل ما أوتيت من قوة، وثقافة وحذلقة، العلمانية منها والإسلامية.
كان لجحا الأسطوري كما تقدم مسمار واحد، أما جحانا فله وتد سميك وثلاثة مسامير سبق أن تعرضنا لها في بحثنا الأخير: “الدستور المغربي وسؤال المصير …”، وهي:
– وتد “المنحة”.
– مسمار “الثيوقراطية”.
– مسمار “الملكية المطلقة”.
– ومسمار “الدكتاتورية”.
نطل من جديد، على دستورنا الجديد، لنرى ما جد فيه من جديد، وهل اجتث منه مسمار شديد؟ وما بال كل هذا التطبيل وهذه الزغاريد؟
أهي فرحة صادقة بتغيير وإصلاح حقيقي حدث، عمي عنه بصر الشعب الصامد المصر على حريته وكرامته وحقوقه؟
أم هي فرحة بلقاء بالبقاء على الفساد والعطايا بسخاء لمصاصي الدماء؟!
أم هو وباء “المازوشية” الهوجاء، المجبولة على الخواء والانحناء؟!
عافانا الله من الكذب والنفاق ومن كل عقدة ووباء!
أطللت على دستورنا الجديد فإذا بالوتد هو الوتد، والمسامير هي المسامير، قائمة منتصبة، ثابتة محمية.
بالوتد نبدأ.
وتد “المنحة”
أسلوب “المنحة” في وضع الدساتير هو عدو الشعوب والديمقراطية وصك التسلط والفساد والديكتاتورية بإجماع فقهاء القانون الدستوري ورجال الفكر والسياسة. ويسمي بعض الفقهاء هذه الطريقة في وضع الدستور بـ “الطريقة التسلطية”. وهذه الطريقة تكون إما مفضوحة بشكل سافر وبدون “لجنة”، أو بشكل ملتو، عن طريق “لجنة” مرضي عنها تتحرك بالتعليمات والأوامر.
وهذا الأسلوب الذي ينفرد فيه الحاكم ويستبد بوضع الدستور، بمقاسه ومصلحته وهواه، وفي غياب تام للشعب وحريته وسيادته التي يمارسها، من بين ما يمارسها، من خلال “جمعية تأسيسية” حرة نزيهة ينتخبها بحريته وإرادته هو نسف لكل مبادئ الدستور الديمقراطي من أساسها: “مبدأ سمو الدستور”، “مبدأ دولة الحق القانون”، “مبدأ وجود سلط قائمة ومستقلة”، “مبدأ الانتخابات الحرة النزيهة”، “مبدأ الفعل السياسي الجاد وحق المعارضة السياسية الحقيقية”، “مبدأ التداول على السلطة”.
لعنات “المنحة” ضلت تطارد الشعب المغربي منذ أول دستور عرفته البلاد بعد الاستقلال في ديسمبر 1962. وضل الأحرار والفضلاء يعارضون هذه “الطريقة التسلطية” ويطالبون دون جدوى.
لكن، وللأسف الشديد، بهذا الأسلوب كانت فاتحة وثيقة يونيو2011، رغم كل الاحتجاجات الشعبية والاعتراضات العريضة عليه!
فالملك هو من قرر “مراجعة الدستور الشاملة” وأعلن ذلك في “خطاب ملكي سام” في شهر مارس وشكل “الجنة” وسماها “لجنة مراجعة الدستور”، وعهد برئاستها لفقيه القانون الدستوري المغربي “عبد اللطيف منوني” الذي قدم للملك في شهر يونيو مشروع الدستور جد “المتطور” (لعل الكلمة بالمعنى الدارجي العامي، وما يدرينا بكواليس الدساتير المطبوخة!) الذي سيؤطر الحياة القانونية والسياسية لمغرب المستقبل. مغرب الديمقراطية والتنمية والحرية والتقدمية!
والغاية الوحيدة من هذا السلوك في وضع الدستور هو الحفاظ على الأمر الواقع، على نمط الحكم السائد، على مصالح وامتيازات “طفيليات الداخل والخارج” كما سماها الجلاد أوفقير وقد كان أحد أقطابها بامتياز؛ في كلمة جامعة: تكريس الظلم والفساد والاستبداد.
اعتماد هذا الشكل البدائي العتيق في وضع الدستور “الجديد” ما كان له، بطبيعة الحال، أن يخرج البلاد والعباد من هذا النفق الكارثي المظلم. فكان أن بقيت الحال هي الحال.
هذا عن الوتد الذي قبلت به مجموعة من الهيئات والشخصيات المحسوبة على الوعي بحساسية المرحلة وخطورة الوضع، وتصحيح مسارها النضالي الديمقراطي.
قبلت به وقدمت مطالبها واقتراحاتها في شأن “تعديل الدستور” محسنة الظن بالخزن، داخلة بذلك عباءته مولية ظهرها لنضال الشعب وحراكه. لكن المخزن وكعادته لم يستجب، لتطلع علينا بـبطولة “الانسحاب” من المسرحية الملهاة لعدم استجابة المخزن لمطالبها واقتراحاتها!
على حد قول المثال الشعبي “رضينا بالهم والهم ما رضى بنا”.
هذا عن الوتد فماذا عن المسامير؟
مسمار “الثيوقراطية”
نبدأ فحص هذه المسامير بأشدها ظلما عند الله عز وجل، إذ باسمه زورا يضلل المخزن البسطاء من الناس ويستخفهم، بينما تجد فيه فئة أخرى”مثقفة” – لا تميز للأسف الشديد بين دين الحق ودين القصور – وسيلة إيضاح جاهزة لمعارضة الدين ومعاداته، بل ومحاربته.
الثيوقراطية هي ممارسة الاستبداد باسم الدين أو القداسة!!
إنها تكريس للدولة الدينية وإقبار رهيب لمبدأ سمو الدستور. وهو ما كانت تنص عليه في دستور سبتمبر 1996 الفصول: 19، 23، 28 و106. أما في دستور 2011 فهي قابعة في الفصول:
41،42، 52 و175.
تقول هذه الفصول:
الفصل 41:
الملك، أمير المؤمنين وحامي حمي الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.
ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
الفصل 42:
الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها (…)
الفصل 52:
للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما.
الملك هو “أمير المؤمنين وحامي حمي الملة والدين” و”رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها”. “يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما”.
كل هذا يجعلنا، عفوا يبقينا، في المربع الدستوري الكئيب: “سمو الملك” فوق “سمو الدستور”. يقبر “مبدأ سمو الدستور و سيادته” ويدستر لقداسة الحاكم صنمية باسم الدين وإمارة المؤمنين.
الفصل 175:
(…) لا يمكن أن تتناول المراجعة (مراجعة الدستور) الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة (…)
جمع بين ما لا يجمع، وتوظيف المخزن “للدين الإسلامي” لإضفاء القداسة وواجب الطاعة على حكمه. جمع نجد كذلك في الباب الرابع، “السلطة التشريعية”، “تنظيم البرلمان”، الفصل 64 “لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان (…) ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي”.
وقد جاءت إضافة “يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه. ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة”. في الفصل 41 لتفضح بوضوح التسلط على المجال الديني واحتكار الفتوى والفهم الصحيح للدين واستغلال “مؤسسات المجال الديني” بما فيها بيوت الله تعالى للدعاية لبرامج المخزن ومخططاته ومشاريعه. وما خطبة الجمعة 24 يونيو 2011 منا ببعيد. خطبة مملاة من المخزن، معممة على جميع المساجد مضمونها: التصويت بنعم في “استفتاء 1 يوليوز” لمشروع الدستور الجديد “واعتبار ذلك “واجب ديني ووطني وامتثال وطاعة لله تعالى ولرسوله ولأولي الأمر”!! فأين استقلالية الاختيار وحرية التصويت بعد هذا الإكراه السياسي المتلبس بالديني؟!
تمسح بالدين الإسلامي الحنيف من أجل التسلط على الشعب.
واستخفاف سافر بالدين باستغلاله للدعاية بوجوب التصويت بـ”نعم” للظلم والفساد والاستبداد.
وليت شعري لماذا هذه الخطبة الحجاجية؟
هل كانت بدافع كسب موافقة المصلين والمصليات لدستوره المشؤوم، ونحن نعلم سلفا نتيجة هذا الاستفتاء المزعوم ونعلم جيدا شفافية ونزاهة استفتاءاتنا وانتخاباتنا ونسبة المشاركة فيها ونتائجها؟ أم كانت محاولة بائسة من بين محاولات أخرى لحشر الناس في مواجهة أحرار 20 فبراير؟
ما ذا تغير؟ تغيير في المواقع لا غير. وإلى الأسوإ!!
مسمار “الملكية المطلقة”
الملكية المطلقة نظام حكم يحتكر فيه الملك جميع السلطات والصلاحيات ومن أشهر الملكيات المطلقة في التاريخ الملكية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر الذي كان يعتبر نفسه هو الدولة وأعلن: “الدولة هي أنا”!!
وبذلك يستحيل هنا الحديث عن سلط لا أصل لها. فكيف الحديث عن مبدإ الفصل بينها؟!
هذا المسمار كان مثبتا في الدستور السابق، دستور سبتمبر 1996 في الفصول: 27، 67 و68 بالنسبة للسلطة التشريعية. وفي الفصل 24 بالنسبة للسلطة التنفيذية. وفي الفصلين: 84 و 86 فيما يخص السلطة القضائية.
وفي الدستور الحالي، دستور 2011 أصبح مثبتا:
أ- في الفصول: 51،95 و 96 بالنسبة للسلطة التشريعية.
ب- وفي الفصل: 47 بالنسبة للسلطة التنفيذية.
ج- وفي الفصول: 56، 57، 115، 124، 130 و134 بالنسبة للسلطة القضائية.
نتناول هذه الفصول كما جاءت مقررة مرتبة تحت السلط الثلاثة في علاقتها بالملك:
أ- السلطة التشريعية
العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية
الفصل 51:
للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبق الشروط المبينة في الفصول 96و97 و 98.
الفصل 95:
للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون.
تُطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
الفصل 96:
للملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما.
ب- السلطة التنفيذية
العلاقة بين الملك والسلطة التنفيذية
الفصل 47:
يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.
ج- السلطة القضائية
العلاقة بين الملك والسلطة القضائية
الفصل 56:
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
الفصل 57:
يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
الفصل 115:
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية (…)
الفصل 124:
تصدر الأحكام و تنفذ باسم الملك، وطبقا للقانون.
الفصل 129 يعلن جديدا: إحداث “المحكمة الدستورية” بدلا عن “المجلس الدستوري”. يقول هذا الفصل: “تحدثت محكمة دستورية”.
وهذه المحكمة كما ينص الفصل 130: “تتألف (…) من اثني عشر عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة أعضاء يعينهم الملك، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء يُنتخب نصفهم من قبل مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر من قبل مجلس المستشارين (…)
والملك هو من يعين رئيسها: “يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين الأعضاء الذين تتألف منهم”.
ولا تقبل قراراتها كما يقر الفصل 134 أي طعن: “لا تقبل قراراتها أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية”.
بقبضة من حديد يمسك الملك كل السلطات.
– له حل مجلسي البرلمان وإعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.
– و له أن يقرأ “قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون (..) ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة”.
– ويعين رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة.
– كما أنه “يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية” و”يعين رئيس المحكمة الدستورية” و”يوافق بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
هل هذا تعديل يا عاقلون أم ضحك على الذقون؟!
وتصفح أنت “الدستور الديمقراطي المتطور الجديد” لتجد فيه من العبارات المنمقة والعناوين البراقة ما يطير بك إلى دولة أفلاطون المثالية من قبيل: “الإسلام دين الدولة” و”نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية “و”القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة”… و”المجلس الوطني لحقوق الإنسان” و”هيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها” و”المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” و”هيئات الحكامة الجيدة والتقنين” و”هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية” و”الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة” و”المجلس الأعلى للحسابات” الذي “يمارس مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية” و”الحريات والحقوق الأساسية” و”سلطات البرلمان” و”يمارس البرلمان السلطة التشريعية” و”تمارس الحكومة السلطة التنفيذية” و”استقلال القضاء” و”السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية” و” يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء؛ ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط” و”التنمية البشرية المندمجة والمستدامة “و”الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي و… كلام… كلام… ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسدعودة إلى قضية السلطات الثلاثة.
أصبحت يا من تعين “رئيسا للحكومة” بعدما كنت “وزيرا أولا”.
مبروك عليك هذا الاسم الجديد وما تفضل عليك به أنت ورئيسي مجلسي البرلمان من مهام مهمة واسعة. مبروك!
وما تغني المسميات والصلاحيات عن قوم هذا حالهم!!
ما تغني المسميات والصلاحيات عن قوم أعناقهم بين سندان لعنة التعيين وكابوس الحل والشطب.
ما تغني المسميات عن قوم يعينون، وفي أحضان ولي نعمتهم يلعبون، وبمصير شعبهم يعبثون، وبين عشية وضحاها قد يكنسون!!
مسمار “الدكتاتورية”
“الدكتاتورية” هي شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد يحكم سيطرته وإرادته على الشعب. وكلمة “دكتاتورية” تعني من بين ما تعنيه: نظام الإملاءات والتعليمات واحتكار سلطات أخطبوطية واسعة والسمو فوق الحق والقانون. وهذا يتنافى مع كل أشكال ومبادئ الديمقراطية.
في الدستور السابق، كانت الفصول: 19، 24، 25، 27، 30، 32، 33، 34، 66، 67، 68، 79 حارسة لهذا المسمار. والآن تركت المهمة للفصول: 41، 42،45 ،47، 48،53، 54،56 ،57، 64،58، 96،95، 107، 115، 124، 130، 134،172، 174،175.
تقول هذه الفصول:
الفصل 41:
الملك، أمير المؤمنين وحامي حمي الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.
ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
الفصل 42:
الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها (…)
الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. (…)
الفصل 47:
يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
و يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم…
الفصل 48:
يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء (…)
الفصل 53:
الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وله حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
الفصل 54:
يُحدث مجلس أعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة.
يرأس الملك هذا المجلس (المجلس الأعلى للأمن)(…)
الفصل 56:
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
الفصل 57:
يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
الفصل 58:
يمارس الملك حق العفو.
الفصل 64:
لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.
الفصل 95:
للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون.
تُطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
الفصل 96:
للملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما.
الفصل 107:
(…) الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية.
الفصل 115:
يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية(…)
الفصل 124:
تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك، وطبقا للقانون.
الفصل 130:
تتألف المحكمة الدستورية من اثني عشر عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة أعضاء يعينهم الملك (…)
(…) يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين الأعضاء الذين تتألف منهم.
الفصل 134:
(…) لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية.
الفصل 172:
للملك ولرئيس الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور.
للملك أن يعرض مباشرة على الاستفتاء الشعبي، المشروع الذي اتخذ المبادرة بشأنه (…)
الفصل 174:
(…) للملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، أن يعرض بظهير، على البرلمان، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور.
الفصل 175:
(…) لا يمكن أن تتناول المراجعة (مراجعة الدستور) الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة (…)
إضافة إلى كل هذا فالملك:
– يعين رئيس المجلس الأعلى للحسابات.
– ويعين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
فماذا تغير؟!
دق المسمار جيدا. دق جيدا وتضخم وتجدر.
في السابق كان لـ”الدكتاتورية” 12 فصلا يقرها ويكرسها. واليوم صار لها 21 فصلا!!
ما شاء الله!!
لازال عباس يتترس
يصقل سيفه
لا يرى ما حوله
أصقل سيفك يا عباس
حل وقت الشدة.
خاتمة
الخلاصة الرئيسية التي ما بعدها خلاصة أن شيئا أساسيا لم يتغير. بقي جوهر المشكل هو هو. و برهن المخزن أنه يرفض إطلاقا أي تعديل حقيقي، بل الأكيد أنه أقسم اليمين المغلظة على ذلك منذ خمسة عقود. ولم يحنث قط. و”المؤمن الحق من يبر يمينه”!
في الختام نتساءل:
– ما لهذا المخزن لا يفقه حديثا ولا تظاهرات ولا حراكا؟!
– أم تراه يظن أن الشعب سيستسلم مرة سادسة ويعود أدراجه، كما فعل صاحب جحا المسكين لما ترك داره؟!صامدون هنا… صامدون هنا …
قرب هذا الدمار العظيم
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير…
صامدون هنا… صامدون هُنا
باتجاه الجدار الأخير
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير
صامدون هنا… صامدون هناعادة حليمة هي عادتها.
تغييرات شكلية وتقنية، وأخرى في أمور وقضايا لا تمس جوهر المشكل و لبه: ثالوث “الملكية المطلقة” و”الثيوقراطية” و”الديكتاتورية”. وقبله وقاعدته كابوس”المنحة” البائدة.
– ألم تع يا مخزن الدرس من جيرانك وأخلائك؟
– ألم تع بعد أن الشعب قد مل وسئم، ونهض نهضته وعزم، على اقتلاع وتدك ومساميرك، هل وعيت ذلك هل تعلم؟
– هل تعلم أن أراجيفك وحركاتك البهلوانية المتكررة المملة ما عادت تنطلي عليه، هل تعلم؟
أركض يا مخزن وصم أذنيك وأغمض عينيك في برج رمال سياستك النعامية ما شئت.
أركض ما شئت على مطية نراها حمارا وتحسبها فرسا في زحمة غبار ظلمك وفسادك واستبدادك.
أركض ما شئت وستعلم،ستعلم إذا انجلى الغبار
أفرس تحتك أم حماركلمة أخيرة.
الشعب شرع يكسر قيود الظلم والفساد والاستبداد التي ضل قابعا تحت كلكلها لقرون. ينتزع من الطغاة عزته وكرامته وحريته ليمارس سيادته المغتصبة.
الشعب هب يصنع قراره بنفسه وبقوته.
الشعب يشيد تاريخه ومستقبله.
المرحلة خطيرة حاسمة. المرحلة مفصلية فاصلة. والمسؤولية عظيمة جسيمة، أمام الله ثم أمام التاريخ.
والمخزن منذ قرون،ولا يزال، ضد أي إصلاح ديمقراطي وضد أي تغيير دستوري حقيقي يخرج البلاد والعباد سلما من نفق الجور والفساد والاستبداد، و”ثيوقراطي”، “دكتاتوري”، “أوتوقراطي”، “أوليغارشي”، “أرستقراطي” حتى النخاع. هذه عقيدته. هذا دينه. ما حاد عنه وما بدله. فلينتظر نحبه.
الواقع مظلم قاتم والأفق مسدود كالح. وفي معمعان المعركة فئات:
فئة لا تبالي.
وفئة تتفرج.
وفئة تستخف بأنصار التغيير والإصلاح وتيئس.
ضحايا المخزن المستبد وتربيته: خوف. شك وتشكيك. يئس وتيئيس من التغيير والإصلاح. استقالة تامة من الشأن العام. “ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”. وفئة تريد أن تبقى الحال هي الحال، ألفت الذل والهوان والنهب والاستبداد. ولسان حالها يقول، ما قاله فرعون منذ قرون، لسيدنا موسى عليه السلام، لما بعثه الله تعالى للإصلاح: إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد!! (سورة غافر، الآية:26).
وفئة تريد التغيير والإصلاح ما استطاعت، تريد كنس الظلم والفساد والاستبداد. تريد نصر العدل والحق والكرامة والحرية.
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (سورة الحج، الآية: 40).