المسألة الطائفية في فكر الأستاذ العلامة عبد السلام ياسين.. المعضلة والمعادلة

Cover Image for المسألة الطائفية في فكر الأستاذ العلامة عبد السلام ياسين.. المعضلة والمعادلة
نشر بتاريخ

لقد أرسل الله جل وعلا رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام بالهدى والحنيفية السمحة؛ ليُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وليضع عنهم أغلال الغفلة، والفرقة، والكراهية، والجهل، والعنف، وآصار الخوف، والخرافة، واليأس، وليُجنبهم ويلات الانقسام والاقتتال والحروب والفتن، وليوصلهم إلى بر الأمان والتمكين في الدنيا، والفلاح في الآخرة، وبفضله صلى الله عليه وسلم صار للعرب والمسلمين -لأول مرة في التاريخ- دولة نقلتهم من محاور الولاء القبلي والعشائري إلى فضاء الأممية والنبوغ الحضاري، وأقام دعائم تلك الدولة:

– قانونيا على “دستور” مكتوب (صحيفة المدينة) رسَّخ به مرجعية الشريعة باعتبارها “قانونا وأخلاقا” في اجتماع سياسي ناشئ، فتعلق الأمر بسابقة في نحت مفهوم “المواطنة” الذي سمح بالتعايش بين ملل متعددة في رقعة المدينة المنورة.

– وسياسيا بجعل مفهوم “البيعةِ” ينبني على معنى التعاقد السياسي، وعلى التناصح بين الحاكم والمحكوم، يكملهما مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقصد إشراك جميع أفراد المجتمع في الشأن العام.

– واجتماعيا على قيم المؤاخاة والمساواة والتكافل، فلا تمييز بين الناس بسبب عرق أو لون أو جنس أو ما شابه.

لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا الأنبياء الذين سبقوه مُتلفِّعين في أثواب الأنانية، ولا شكلوا نخبة منقطعة عن العامة أو الأمة، بل ظلوا أُسْوات هادية ساعية إلى إصلاح القلوب، وإلى انطلاق الجوارح بالعمل الصالح، وكان عليه الصلاة والسلام مؤيدا بالوحي، وكان له مطلق التصرف إما بالرسالة أو بالإمامة أو بالقضاء أو بالفتيا، ونهض بمهام التعليم والتزكية التي خرَّجت علماء الصحابة والقرابة، فكان كل واحد منهم يتميز باجتهاده الخاص وشخصيته المستقلة في إطار الاحترام الواجب لإِخْوة الدين والشركاء في المرجعية، ولم يجعل منهم نماذج “منمَّطة” ولا نسخا مكررة، ولا كان يُقصر الفتوى على شخصه وهو نبي، بل أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن، ومنحه كامل الحرية للاجتهاد إذا أعوزه الدليل الشرعي من كتاب أو سنة.

لقد كان الخطاب القرآني موجها إلى الأمة يحثها ويدعوها إلى الحفاظ على وحدتها: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء:92)، دون أن يعني ذلك نفي التنوع والتعدد، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم بسلوكه العملي على قيمة الشورى، ولم يُفهم بتاتا من سيرته أنه كان يسعى إلى تأسيس دولة تتناوب على حكمها سلالته أو عائلته أو أهل بيته، وبعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه خلفه في قيادة الأمة علماء مجتهدون كبار من الصحابة تصدوا لاستئناف وظائف النبوة، من إشاعة رسالة الإسلام في العالمين، والحفاظ على وحدة الأمة، والدفاع عن قيم المحبة والإيمان والشورى والعدل والمساواة والحرية، سُموا خلفاء راشدين ولو لم تدم مدة حكمهم إلا ثلاثين سنة، لتصير الخلافة ملكا عضوضا، فصودرت حرية الناس في اختيار وانتخاب من يحكمهم، وأصبح الدين في خدمة الدولة وليس العكس، وتمزقت الأمة إلى طوائف: سنة وشيعة ومعتزلة ومرجئة وجبرية وخوارج… كل يدّعي لحزبه النجاة، ويحكم على مخالفه بالهلاك والبوار، وتدخلت السياسة لتعميق الخلافات، وزرع الكراهية؛ إما بتغليب مذهب على مذهب، أو طائفة على طائفة، وبالغ حكام متسلطون في تخويف الناس من “الفتنة” حتى لا يخرجوا عن السيطرة، وتركوا المجال واسعا للفقهاء كي يجتهدوا في الفروع الفقهية ليُشغلوا أكثرهم بالتفريع عن الاجتهاد في “الفقه الدستوري” وحقوق العباد.

إن دروس التاريخ علمتنا أن المسلمين لا يمكنهم بتاتا تبليغ رسالة الرحمة للعالمين، والإسهام في إرساء قواعد السلام الدولي، ونشر قيم التعايش، إن لم يرصوا صفوفهم، ويوحدوا جهودهم، ويفحصوا تراثهم، ليُبطلوا مفعول خطابات الكراهية الثاوية في بطون الكتب والقراطيس، وإن أردنا أن نختصر الطريق إلى التفاهم الإسلامي يتعين التركيز على بناء توافق سني شيعي يتجاوز خلافات القرون التي استُغلّت لإفشال أية محاولات إصلاحية أو تنويرية أو توحيدية، لا سيما وأن معارك وحروب ما يزال يسعرها إعلام جعل وظيفته النفخ في رماد التعصب والطائفية، ونخب تغمس ريشتها في مداد الكراهية، وافتعال معارك وهمية حول قضايا أصبحت في ذمة التاريخ كمسألة الأحق بالإمامة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنه لا أنسب من الظروف الحالية التي يعيشها المسلمون والمستضعفون من الوقوف على إسهامات نظرية مهمة لواحد من كبار علماء ومفكري العصر في بيان خطورة المسألة الطائفية، وأثرها السلبي على الوحدة الإسلامية، ومكانة المسلمين في العالم وهو الأستاذ العلامة عبد السلام ياسين رحمه الله، فهل نجد فيما كتبه وسطره ما يجلي الرؤية التي تضببت، ويصفي القلوب التي تكدرت، وينير العقول التي تبلبلت، ويمدنا بأدوات الفهم للمسألة الطائفية، لاسيما بعد عودة جدل العلاقات السنية الشيعية بقوة منذ اليوم الأول لمعركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، وإعلان “حزب الله” اللبناني في اليوم الموالي (8 أكتوبر) معركة “الإسناد” للمقاومة الفلسطينية في غزة، وانقسم المشاركون في ذلك الجدل إلى:

– النظام العربي الرسمي لأسباب جيوسياسية تتعلق بجغرافية المذاهب، وتتعلق بخدمة المصالح الغربية، وتتعلق أيضا بالاستماتة في الحفاظ على كراسي الحكم: خدمة مقابل خدمة.

– مشككين في إسناد “حزب الله” ودعم إيران لسابقة دعمهما للنظام السوري الذي واجه بالحديد والنار الحراك الشعبي في بلده، فاختاروا التشغيب على ذلك الإسناد باستدعاء مشاركة الحزب وإيران في مذابح سوريا الطائفية، فألفينا قائلا يقول: “بعدما فعله الحزب في سوريا لا مجال للإشادة بإسناده للمقاومة في غزة”.

– عقائديين يثيرون الخلافات القديمة المرتبطة بمسائل الإمامة والخلافة والصحابة والعصمة والتقية ونكاح المتعة وغير ذلك، ولم يسلم من تكفيرهم قادة المقاومة من السنة والشيعة، فألفينا قائلا يقول: “لا حاجة لنا بدعم إيران المجوسية، الصفوية، الرافضية الشيعية، فكل ما يصدر عنها فهو على جهة التقية، فإياكم أن تثقوا فيها، ألم تروا مساندتها لسوريا النصيرية، وبشار السفاح”.

ولقد كان العدو الصهيوني أذكى من هؤلاء عندما أدرك طبيعة المعركة إذ اعتبرها “وجودية” جمع لها كل صنوف الأسلحة، من أهمها سلاح “التحريش الطائفي” ليشتت شمل المسلمين ويفرق كلمتهم، فينشغلوا عن مواجهته ببعث الخلافات القديمة، وظهر جليا مدى ضيق صدور الذين ينفخون في النيران الطائفية ليزيدوها ضراما واشتعالا، مما يعد في هذا الزمان الذي تشحذ فيه السكاكين لذبح المسلمين والمقاومين مسلكية بلهاء وجريمة نكراء، فليس الخلاف السني الشيعي وليد اليوم أو البارحة، وإنما هو خلاف دام قرونا، واستهلك الكثير من الكاغد، وأسال الكثير من الدماء، واستغله المستبدون والمتعصبون -من الفريقين سنة وشيعة- للحفاظ على مصالحهم.

لقد اتبع الأستاذ عبد السلام ياسين في إجاباته عن المسألة الطائفية مسارين اثنين: المسار الأول يتمثل في التنبيه على معضلة، والمسار الثاني يتمثل في تثبيت معادلة.

المسار الأول: المعضلة

على هذا المسار نبه الأستاذ عبد السلام ياسين على مشكلة ذات رأسين:

الرأس الأول: الحكم

تنكَّب الحكم سبيل الرشد والعدل، مما أدى إلى اختصام السلطان والقرآن في فترة مبكرة من تاريخ المسلمين، فكانت الصدمة الأولى التي تعرضوا لها هي انقلاب الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض،  واستمر هذا الفساد في الحكم يتدحرج ويكبر ككرة الثلج، ولا يغفل الأستاذ الإشارة إلى أن الأمة في القرون الأولى للانحراف والانقلاب بقي لها “كيان قوي، واستمرار تاريخي، وشوكة قوية، وفتوح واسعة، وعلوم ومجد، وحضارة وابتكار، وصلاح وتقوى” 1، إلا أن مفاعيل الانقلاب ظلت تعمل عملها بمرور القرون والأزمان تُشكّل الوعي وتصيغ البنية النفسية والمعرفية للمسلمين لاسيما بعد تلقيهم للصدمة الثانية “الاستعمار”،  وتخلقت من رحم الصدمتين أزمة مستحكمة أدت إلى فقدان المسلمين لجل عناصر المقاومة فصاروا كالقطيع يسوقه الحاكم المستبد إلى حيث شاء، واعتبر الأستاذ الصدمة الثانية “عدوانا خارجيا” فيما اعتبر الأولى “عدوانيا داخليا” فيه “أسكتت الأصوات الناهية عن المنكر، واغتيل الرأي الحر، وسد باب الاجتهاد. في ظله وفي خفاء الصراعات تكونت المذاهب الدساسة، وتمزقت الأمة سنة وشيعة، وتشتت العلم مزعا متخصصة عاجز فيها أصحاب التخصص عن النظرة الشاملة. لا يجسر أحد على بسط منهاج السنة والقرآن مخافة السلطان، كان القتال في ظلها قد انتهى إلى تركين القرآن وأهله في زوايا الإهمال أو الفتك بهم في «قومات» مثل قومة الحسين بن علي رضي الله عنهما الدموية. وفي ظلها تسلط السيف تسلطا عاتيا، وتقدم أصحاب العصبيات العرقية” 2.

اعتقد الأستاذ رحمه الله أنه بدون استحضار هذا التقهقر والمنحدر الذي آلت إليه قضية الحكم لن يتم تجاوز إشكال الوعي التاريخي “وسيبقى فهمنا لحاضر الأمة ومستقبلها مُضَبَّبا بل مُشوَّشا غاية التشويش إن لم نُدرك أبعاد تلك الأحداث وآثارها على مسار تاريخنا وتَجلجُلِها في الضمائر عن وعي في تلك العهود وبحكم تكوين المخزون الجماعي الذي توارثته الأجيال” 3، وعد انعدام ذلك الإدراك نظرة تقديسية لأحداث التاريخ من شأنها أن تعوق كل سعي لإعادة البناء والتغيير، وأوجدت حتى من بين الدعاة الإسلاميين من ”يعانون من الذهنية المُتحجِّرة الواقفة على تقديس التاريخ الإسلامي لا تقبل بوجه أن تنظر فيه للعبرة، هذه الذهنية لوقوفها وتَبلُّدِها ورفضها لفهم الماضي أعجز عن تصور مستقبل إسلامي إلا على صورة الإسلام المنشطر المشتت” 4 وأدخل الأستاذ النظر التقديسي للتاريخ في باب التقليد البليد لأن ”من يُقلد لا يستطيع أن ينـتقد” 5.

أفاد الأستاذ بأن الفَعلة الأموية (الانقلابية) صاحبتها دعاية تشويهية قوية كانت تستهدف العلماء العاملين وأهل البيت الأكرمين الذين كانوا يمثلون الملاذ الأخلاقي والسياسي لجمهور المسلمين عند مدلهمات الفتن، وضغوط القمع، وكانت تلك الدعاية “تبالغ في تمجيد “الإسلام الحقيقي” إسلام الدولة الأموية، فبالغ مضطهدون لم يضبطوا انفعالهم من أنصار علي رضوان الله عليه، فشتموا الخلفاء الراشدين” 6، وهكذا انطلت اللعبة على مكونات الأمة، ونجح شعار “فرق تسد”، وتلقت وحدة الأمة ضربات غادرة كرست الطائفية والاشتباك المذهبي، منذ حروب صفين التي شق زعماؤها عصا الطاعة عن الخليفة الشرعي المنتخب علي، ففرقوا الجماعة، وقادوا حملات متابعة ومطاردة للمعارضين سنة وشيعة.

الرأس الثاني: المعارضة

لقد ووجه المسار الانقلابي الذي أراد مدبروه الارتداد بالمسلمين إلى محاور الولاء القبلي والجاهلي بمعارضة شديدة، إذ أُسديت في المرحلة الأولى نصائح وجرت محاولات عدة من أهل البيت وكبار الصحابة لثني أول مَلِك عن الاستمرار في تكريس “الانقلاب” بعزمه العهدَ بالحكم ليزيد، فقال عبد الرحمان بن أبي بكر لمعاوية: ”إنك والله لوددتَ أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردن هذا الأمر شورى بين المسلمين أو لنعيدنها عليك جدعة ثم خرج” 7، ولم يكتف بالنقد السلبي بل عرض الخيارات أيضا فقال: “يا معشر بني أمية اختاروا منها بين ثلاث: بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة أبي بكر، أو سنة عمر، إن هذا الأمر قد كان، وفي أهل بيت رسول الله من لو ولاه ذلك كان لذلك أهلا، ثم كان أبو بكر، فكان في أهل بيته من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلا، فولاها عمر فكان بعده، وقد كان في أهل بيت عمر من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلا، فجعلها في نفر من المسلمين، ألا وإنما أردتم أن تجعلوها قيصرية، كلما مات قيصر قام قيصر” 8، وبنفس المنطق خاطب عبد الله بن عمر معاوية فقال: “إنه قد كان قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار” 9، وهو الذي علم من سيرة أبيه الفاروق أنه سأل أهل العراق عن الأمير إذا جار عليهم، فقالوا: نصبر على جوره، فقال لهم: لا والله لا تكونوا شهود الله في أرضه حتى تأخذوهم كما يأخذونكم، وتضربونهم كما يضربونكم 10، وهذا العرض لمساق الانحراف السياسي على هذا النحو جعله الأستاذ شرطا لأي تقارب أو تفاهم أو حل للمعضلة الطائفية، قال: “ما دمنا لم نقل الكلمة السواء بيننا وبين إخواننا الشيعة، في الانحراف الأموي، وفي النزو الأموي، وفي الانقلاب الأموي، وفي خروج الحكم من الخلافة الراشدة إلى الحكم العاض ثم الجبري، فيعسر علينا مستقبلا أن نتفاهم” 11.

في المرحلة الثانية لما لم تنفع المواعظ والنصائح، ظهرت قومات ضد الحكام المستبدين، كان أهمها قومة الحسين بن علي رضوان الله عليه، الذي قاد المواجهة المسلحة لبدعة “توريث الحكم” التي عدها الأستاذ عبد السلام ياسين أعظم بدعة في التاريخ السياسي الإسلامي 12، واعتبر قومة الحسين “تترجم عن ضمير الأمة الذي رفض مُلْكَ يزيد” 13، ونبذ علماءُ مكة والمدينة بيعة يزيد لما بلغهم نبأ استشهاد الحسين وقتله تلك القتلة الشنيعة في كربلاء، فتعرضوا للملاحقة والمطاردة والقمع والتعذيب والقتل، وفي هذه الظروف “أخطأ الشيعة أخطاء طويلة حين عاشوا في أقبية السرية والكبت مدى قرون، وأصيبت عقائدهم بكدوم” 14، فالأفكار التي لا تتعرض لضوء الشمس تصاب بالعفونة وتستعصي على التصحيح، وآل الأمر إلى تطرفين، تطرف انحرف بالحكم عن معايير الرشد، وتطرف انحرف عن موازين الاعتدال في الحب والبغض بسب كبار الصحابة ووضعهم في موضع الخصومة مع القرابة، وبهذا التحم “سرطان الاستبداد والعض” ب”سرطان السب والرفض” ليُترجما عن مرض عضال سماه الأستاذ مرض “الهيجان العاطفي الذي فتك بوحدة الأمة ولا يزال يفتك” 15.

تناسلت الفرق وتكاثرت على مدار التاريخ الإسلامي منطلقة من ذلك الهيجان العاطفي، ووجد الاستعمار الظروف مهيأة للتقسيم والتفتيت، وترسيخ التجزئة السياسية، وتكريس الطائفية، بل أنشأ دولا وحكومات على هذا الأساس لاسيما في بلاد الشام، ولم يرحل إلا بعد أن مكن لتلامذته في دواليب الحكم والإدارة، فرسخوا الاستبداد وأشاعوا الفساد، ونالت إيران أوفر نصيب منهما وأعظمه، حتى انفجرت في وجه العالم عام 1979 في ثورة كبرى أقامت دولة إسلامية شيعية لأول مرة في التاريخ المعاصر، ووجدت إيران نفسها أمام تحدي “المسألة الطائفية”، وهنا كان للأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله وقفات قيم من خلالها مسار الثورة، ونعرض لذكر الأخطاء كما نبه عليها ، ولها علاقة بالمعضلة التي نحن بصدد تشخيصها وبيانها، وأما ماله علاقة بذكر المزايا التي تدخل في معادلة الإنصاف، فسنشير إليها بعد حين، ويمكن تصنيف الأخطاء التي ألمع إليها حسب ما يلي:

1. أخطاء في التحالفات: لاسيما التحالف مع نظام مستبد طائفي دموي كالنظام السوري 16.

2. أخطاء في الشعارات: كالخطأ في رفع شعار “تصدير الثورة”، فكتب يقول: “إخواننا في نشوة الانتصار عانقوا طائفيتهم وحملوا مشعل «تصدير الثورة»، يقصدون بتصدير الثورة تصدير بضاعة الطائفية ملفوفة في ثياب الثورة على خلفاء يزيد. وهكذا اشتغلوا بتصفية الحسابات المتأخرة مع معاوية ويزيد، وأثاروا حفيظة كثير من الإسلاميين الذين صفقوا للثورة بحماس، ثم غشيتهم الحيرة لما أسفرت الثورة عن وجه طائفي” 17، ومن هنا كان لا يرى وجها لمحاولة فرض “ولاية الفقيه” على الأمة كلها، أو تقديم إيران لنفسها كنموذج يجب أن يقتدى ويحتدى: “في أحشاء الثورة الإيرانية جنين نرجو له التغلب على آلام الوضع. لكنَّ تَبَنِّي هذا الجنين قبل أن يتم تخلُّقُه، وفرضُه على الأمة بحجة أسبقية التصدي، واعتبارُه النموذجَ الأوحَد، مما يتنافى مع الشورى والإجماع” 18، ومن ثم حذر من “تنجذبُ به الحواس، ويسطو به الحماس، بقعقعة السلاح، وهتاف الحناجر، وزمجرة الغضب الذي أطاح بالشاه، فيحسِب أن الآفاق الإيرانية هي المنتهى والمبتغى والنموذج” 19.

3. أخطاء في المسلكية المذهبية: بما أظهرته الثورة من تصلب مذهبي 20 بالنص على أن المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي الإمامي الإثنا عشري، فكان يكفي النص على المرجعية الإسلامية التي تسع الجميع.

4. أخطاء في تدبير الاختلاف مع المخالفين: بحرمان “أهل السنة” من حقوقهم 21.

5. أخطاء في التعامل مع الجماهير: من خلال “الانسياق مع الحماس الشعبي الثوري الذي يخيل للشيعة أنهم هم الأمة لا غيرهم، وأن مذهبهم هو الحق لا غيره” 22.

ونبه الأستاذ على أن هذا الانسياق ينبئ عن آفة يعاني منها عالم التشيع والسلك الديني الشيعي وهي “آفة العوام”، حيث “يعيش الناس إسلامهم على نمط خاص: عاطفة فوارة وذاكرة تتأجج بمآسي الفتنة الكبرى ومقتل الحسين رضي الله عنه. الجماهير تنوح وتحزن وتسب وتلعن، والعلماء يخشون ثورة العامة فيصانعون ويداهنون ويسكتون” 23، وحيث “المسلمون الشيعة في قبضة حركية تولدت من الانكسار التاريخي، العامة ثائرة، والقادة لا يملكون الزمام” 24، وأقر بوجود “آفة العوام” الشهيد مرتضى مطهري، وهو أحد رواد التجديد والتصحيح في المدرسة الشيعية، وبين سر نشوئها وانتشارها بالقول: “علماء الشيعة لا يتقاضون ميزانيتهم من الحكومة، وأن تعيينهم وعزلهم ليس بيد الدولة، وعلى ذلك فاستقلالهم محفوظ دائما في قبال الحكومات (…) إذ هذا الاستقلال في الميزانية، والاستناد إلى عقيدة الناس هما السبب أحيانا في الوقوف بوجه انحرافات الحكومات، ومعارضتها وإسقاطها” 25، شكل هذا الاستقلال المالي عن الدولة نقطة قوة، ولما لم يكن استقلالا عن “العامة” صار نقطة ضعف لأن علماء الشيعة “مضطرون إلى مجاراة أذواق العامة وعقائدها، للإبقاء على حسن الظن بهم، وهذا منشأ أغلب المفاسد الموجودة في السلك الديني الشيعي” 26، ويخلص إلى القول: “إن المنظمة التي تتكئ على الناس تكون قادرة على محاربة ظلم الحكومات وتجاوزها، لكنها ضعيفة في محاربة خرافات الجهلة وعقائدهم الباطلة” 27.

لقد كان المقابل الموضوعي لهذه الآفة في صفوف الشيعة، آفة أخرى انتشرت في صفوف السنة هي “آفة السلطان”، وإليها أشار الأستاذ بقوله: “المسلمون السنة في قبضة حركية تاريخية السلطان فيها هو المحرك والعامة لا تملك من أمرها شيئا، من ضمن العامة العلماء” 28، وكلتا الآفتين عمقتا الأخطاء، وأعاقتا التصحيح المطلوب “إن مسايرة علماء أهل السنة والجماعة للسلطان، ومسايرة علماء الشيعة للعامة الذين منهم أرزاقُهم وعليهم اعتمادُهم، يُفسر سقوط الأمة في «دسيسة» تاريخية خافية وبادية. العالم الشيعي المرجع له أتباع، وعالم القصر له أطماع، ذاك تسلط عليه أتباعه، وهذا أرْدَتْهُ أطماعه، والحاكم الغاصب والرعاع السائب مناخ ملائم للاستخفاف والتحريف والانحراف” 29.

المسار الثاني: المعادلة

إن ما ميز معالجة الأستاذ عبد السلام ياسين للمسألة الطائفية اتصافها بإنصاف المخالف، وعندما غاب هذا الإنصاف تعمق الخلاف لأن الأمر لم يعد اختلافا في زوايا النظر وإنما سعيا إلى الانتصار للكرامة لاسيما بعد شيوع نعوت التكفير، وسوء التعبير الموجِب للتنفير، وهذه هي معادلته لحل المسألة الطائفية: التنبيه على الأخطاء + الاعتذار لها (لا تبريرها) + تجاوزها، وإذا كنا في بيان مسار المعضلة قد ذكرنا الأخطاء التي نبه عليها الأستاذ، فإننا هنا نذكر حظ إنصافه في ذكرها بما يقيم التوازن والعدل، وذلك من خلال تشييده لقواعد مصالحة منها:

1. القاعدة الأولى: الشيعة مسلمون من أهل القبلة، وليسوا هم أعداء السنة 30.

2. القاعدة الثانية: لا مطمع في رفع الخلاف نهائيا بين المسلمين وإنما الغرض الحد من تداعياته السلبية “والحكمة قبول الاختلاف ظاهرةً بشريةً، وقبول تنوع الاجتهاد، وتنظيم هذا التنوع” 31.

3. القاعدة الثالثة: مركزية الإمامة والخلافة في الفكرين السني والشيعي تستوجب تجديد الخطاب السياسي بشأنهما، تكون لبنة ذلك التجديد الأولى الاعتراف بأن مصادرة حق الناس في اختيار من يحكمهم قد تمت باسم السلطنة السنية الوراثية بعد الانقلاب على الخلافة الراشدة، وباسم الإمامة الشيعية المعصومة كامتداد لذلك الانقلاب.

4. القاعدة الرابعة: ضرورة إدراج الخلاف المذهبي في نظرة شاملة للمسلمين في صراعهم المصيري ضد قوى الكفر والجاهلية 32.

5. القاعدة الخامسة: وضع المسلمين لأعمالهم “في ميزان العدل والعفو والأخوة ناظرين إلى مستقبل الإسلام الطويل المدى لا إلى مواقع أقدامهم الملغمة” 33.

6. القاعدة السادسة: إن عدم تحكيم موازين الشرع والعقل في الحب والبغض، والولاء والبراء، مثل تجليا لجرح غائر في العواطف لدى السنة والشيعة، واعتبر الأستاذ أنه من “السقوط في البلاء مداومة تنزيف ذلك الجرح الأليم واشتقاق سلوك الأجيال من أكداره” 34.

7. القاعدة السابعة: الوعي بجنايات تيارات الجمود على الوحدة الإسلامية من الفريقين، وكلهم يفتل في حبل “تبديع المسلمين لتثبيت عرش السلاطين” 35، وذاك جمود يعتري العقل كما يعتري العاطفة، لذلك رأى الأستاذ بأنه “لا بد من تحرير العقلية الجامدة، وضبط العاطفة الجامحة” 36.

8. القاعدة الثامنة: الاعتذار لأخطاء المخالف لا تبريرها لاسيما ما كان منها متأتيا من ظروف الاستخفاء، وهكذا -يقول الأستاذ- “نخطئ نحن خطأ قاتلا إن لم نعط لظروف تاريخ الفتنة حقها ونتسامح للحفاظ على مستقبل الوحدة الإسلامية حين ينضوي الشيعة، وهم طائفة صغيرة، تحت اللواء الوحدوي. غدا، في مائة عام! حين تنقشع عن ذاكرتهم وعن قلوبهم وأنفسهم وعقولهم غمامات الاضطهاد القروني ومظلومية آل البيت عليهم السلام” 37، أما إيران الدولة وما نبه عليه من أخطاء أتى على ذكر بعضها آنفا، واعتذر لبعضها أيضا “لظروف التحول، وثقل الأعباء، والحرب مع البعث، والمؤامرة العالمية” 38، وبلغ مبلغا بعيدا في الإنصاف عندما أشاد بالإنجازات التي حققتها الثورة الإيرانية فهي:

–   حررت البلاد من داء الحكم الفاسد 39.

–   تصدت لقوى الاستكبار العالمي 40.

–   انتقلت الثورة بالمسلمين “إلى منطق الساحة العالمية، إلى مجال المدافعة والمناجزة والمقاتلة” 41.

–  “تجاوبت معها الشعوب المقهورة في الشرق والغرب، وتناغم معها الدعاة الإسلاميون ثقة أن نصرَها نصرُهم، وأن كل خطوة تخطوها الثورة إلى الأمام هي نقلة للمسلمين إلى دار العز من دار الهوان” 42، ومن ذلك التجاوب التحول الكبير الذي حدث في فكر الكثير النخب القومية واليسارية لما أعادت النظر في مواقفها العدمية من التراث فأصدرت مشاريع فكرية كبرى لإعادة قراءته، ولم تعد تعادي التوجهات والمطالب والمرجعية الإسلامية.

9. القاعدة التاسعة: الاعتراف بالأخطاء وعدم الاكتفاء بِعَدِّ أخطاء المخالفين لا سيما من الشيعة، قال الأستاذ في هذا الباب: “من عند أنفسنا لا ريب ما حدث من خلاف أدى إلى انشقاق الأمة سنة وشيعة. من عند أنفس طائفة منا أن أثرت رجة انتقال الأمر من الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض، وأثرت عدوانية الحرب الباغية على أمير المؤمنين علي عليه السلام، وأثر مقتل الحسين رضي الله عنه. ومن عند أنفس طائفة أخرى، وهم السنة، وهم الجماعة، أن أذعنوا للانقلاب الأموي وسموه خلافة، وقعدوا على أطراف ذلك البلاط وما تلاه من بلاطات يحافظون على جوهر الإسلام يحمونه بظهورهم بعد أن انتقضت عرى الإسلام واختصم السلطان مع القرآن. من عند أنفسنا كل ذلك، ثم هو ابتلاء من الله وفتنة لن يخرجنا منها إلا تغيير الأنفس والكف عن البغي” 43.

10. القاعدة العاشرة: الإسلام أعظم من كل كارثة، فلا يجب أن تحجب عنا الفتن الداخلية بين المسلمين النظر إلى مستقبل الإسلام، وإذا كان البعض قد لجأ إلى التشغيب على إسناد إيران و”حزب الله” للمقاومة الفلسطينية باستحضار سابقة إسنادهما للنظام السوري الاستبدادي، وكأنهم يريدون أن يستفرد العدو بتلك المقاومة ويخنقها بتشديد الحصار عليها وعلى حاضنتها الشعبية، فيخلطون بذلك بين السياقات، إذ لا يمنع استنكار تدخلهما لقمع الحراك السوري من الإشادة بتدخلهما لإسناد معركة “طوفان الأقصى”، فإن الأستاذ رحمه الله قد عالج حالة مشابهة، لما اتخذ البعض من تحالف إيران مع النظام السوري ذريعة لتشويه الثورة الإيرانية وإثارة الخلافات المذهبية والأحقاد الطائفية، وقالوا: كيف لثورة إسلامية أن تتحالف مع نظام أرتكب مجازر وحشية في مدينة حماة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، علما بأن إيران وجدت نفسها مضطرة إلى عقد ذلك التحالف لاعتبارات جيوسياسية لا تتعلق بالمذهب والطائفة، فمن المعروف أن الفرقة التي ينتمي إليها عقائديا حكام سوريا هي “الطائفة النصيرية” نسبة إلى محمد بن نصير النميري الذي ادعى أنه أحد السفراء الذين كانوا يلتقون بالإمام الثاني عشر الغائب، ولهذا كفرته الإمامية الاثنا عشرية وكفرت فرقته، كما أن سلوك النظام العربي الرسمي أضاع فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات مع الثورة الإيرانية لما أعلنت جل دوله مساندتهم الكاملة لعراق/صدام في الحرب التي شنها على إيران.

لحل هذه المعضلة أمسك الأستاذ بطرفي المعادلة، من جهة أدان وحشية النظام السوري وما لقيه الناس في حماة، ومن جهة أخرى لم ينخرط في المؤامرة الطائفية التي نُسجت خيوطها آنذاك لشيطنة الثورة الإيرانية، وأوصى بضبط النفس والنظر إلى الأمور من أعلى فقال: “إن سَمحْنا لأنفسنا بالانفعال لا نضبطه وسِرْنا مع مستفزات المواجهة الحالية على مستوى من حرارة الغضب عالية، ولم نضع أعمالنا في ميزان العدل والعفو والأخوة ناظرين إلى مستقبل الإسلام الطويل المدى لا إلى مواقع أقدامنا الملغمة، فلن نزيد الفتنة إلا اشتعالا، ولن نزيد البغي إلا انتشارا، ولا “داء الأمم” وهو وباء تعانيه الأمة كافة إلا توطُّناً في الصفوف الحية الصاحية… أفئِن استفزتنا فظاعة مجازر حماة، وهالتنا أنهار الدماء المسلمة في هذه الحرب الباغية بين المسلمين نفقد صوابنا؟ إن الإسلام دين الله أعظم من كل كارثة، ومستقبل الإسلام الموعود أزهر من أن تخدش النكبات والخطايا منا والأخطاء في عزه المنتظر المطلوب تهفو إلى سلامه وعدله وهدايته الإنسانية” 44.

ختاما، لقد وقفنا على الحيز الذي احتلته المسألة الطائفية في فكر الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، وبينا الطريقة التي اعتمدها لفك مستغلقات المسألة عبر سلوكه لمسارين، الأول هو مسار الكشف عن المعضلة ومصاديقها التي استوطنت الحكم بعد الانقلاب على الخلافة الراشدة، وأساليب تدبير الاختلاف مع المعارضة، وتدبير العلاقة بين الشيعة والسنة، وكيف استغل الاستعمار تلك المعضلة، والثاني هو مسار المعادلة التي اعتمدها لحل المعضلة، من خلال التحلي بالإنصاف والاعتراف بالأخطاء والاعتذار لأخطاء المخالفين من غير أن يعني ذلك تبريرها.


[1] عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 4، ص 31.
[2] المرجع السابق، ص 9.
[3] المرجع السابق، ص 26.
[4] المرجع السابق، ص 29.
[5] عبد السلام ياسين، الخلافة والملك، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 4، ص 57.
[6] عبد السلام ياسين، الشورى والديموقراطية، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 4، ص 250.
[7] تاريخ خليفة بن خياط، المحقق: د. أكرم ضياء العمري، دار القلم، مؤسسة الرسالة – دمشق، بيروت، الطبعة: الثانية، ١٣٩٧، ص 214.
[8] شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة 2، ١٩٩٣ م، 2/275.
[9] تاريخ خليفة بن خياط، ص 213-214.
[10] أبو بكر بن أبي شيبة، المصنف في الأحاديث والآثار، تقديم وضبط: كمال يوسف الحوت، بيروت دار التاج، ط1. 1989 م 3/816.
[11] منير الركراكي وعبد الكريم العلمي، حوارات مع عبد السلام ياسين، ص 72.
[12] عبد السلام ياسين، الإحسان، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، ط 2، 2018، 1/380.
[13] عبد السلام ياسين، رجال القومة والإصلاح، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 4، ص 58.
[14] مجلة الجماعة، “العقل والنقل والإرادة أو أزمة منهاج”، عبد السلام ياسين، العدد 4، 1400 هـ، ص 38.
[15] الإحسان 1/67.
[16] عبد السلام ياسين، سنة الله، مطبعة الخليج العربي، تطوان، ط 2، 2005، ص 252.
[17] عبد السلام ياسين، العدل: الإسلاميون والحكم، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 3، ص 419.
[18] عبد السلام ياسين، جماعة المسلمين ورابطتها، دار لبنان للطباعة والنشر، بيروت، 2018، ط 2، ص 63.
[19] سنة الله، ص 255.
[20] المرجع السابق.
[21] المرجع السابق.
[22] المرجع السابق.
[23] الإحسان، 1/58.
[24] المرجع السابق.
[25] مرتضى مطهري، الاجتهاد في الإسلام، دار التعارف، بيروت، سلسلة محاضرات في الدين والاجتماع، ص 58-59.
[26] المرجع السابق.
[27] المرجع السابق، ص 61.
[28] المرجع السابق.
[29] الإحسان 2/133.
[30] نظرات في الفقه والتاريخ، ص 29.
[31] الإحسان 1/150.
[32] مجلة الجماعة، “قراءات وتأملات: القومة الإسلامية”، عبد السلام ياسين، العدد 3، 1399هـ، ص27.
[33] سنة الله، ص 252.
[34] العدل، ص 425.
[35] المرجع السابق، ص 265.
[36] عبد السلام ياسين، الإسلام غدا، دار إقدام للطباعة والنشر والتوزيع، إستانبول، ط2، 2023، ص 791.
[37] سنة الله، ص 253.
[38] المرجع السابق، ص 255.
[39] الإحسان 1/67.
[40] المرجع السابق.
[41] العدل، ص 52.
[42] المرجع السابق.
[43] المرجع السابق.
[44] سنة الله، ص 252-253.