قراءة في بعض مضامين مدونة الشغل

Cover Image for قراءة في بعض مضامين مدونة الشغل
نشر بتاريخ

مقدمة   يقول الحق سبحانه وتعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف: 32).

   فمن حكمة الله في خلقه أن يكون الناس متفاوتين في الأرزاق لكن يستعين بعضهم ببعض ويتعاونوا في قضاء حوائجهم، ومن هنا نشأت علاقات الشغل.

   ولقد عملت مختلف التشريعات المقارنة على تنظيم علاقات الشغل بموجب قوانين خاصة سميت فيما بعد بالقوانين الاجتماعية.

   أما في المغرب فلقد كانت علاقات الشغل منظمة في البداية بموجب قواعد الفقه الإسلامي والأعراف والتقاليد والعادات السائدة في أوساط الحرفيين.

   أما بعد الحماية فقد عمل المشرع المغربي أسوة بغيره من التشريعات المقارنة على تنظيم علاقات الشغل بموجب نصوص خاصة موزعة بين قانون الالتزامات والعقود والنظام النموذجي لسنة 1948 وقانون 1946 المتعلق بالعطلة السنوية وظهير 1936 المتعلق بالحد الأدنى للأجور وقوانين أخرى كثيرة، الأمر الذي جعل قانون الشغل في المغرب يعاني من التجزئة بحيث وصلت النصوص المنظمة لعلاقات الشغل إلى حوالي 4500 فصل بشكل يصعب معه على المهتمين بالقانون الاجتماعي (قضاة، محامين، أساتذة جامعيون، مفتشو الشغل) الإلمام بها، فبالأحرى أطراف العلاقة الشغلية أي العامل ورب العمل.

   ولتجاوز الشتات والتجزئة التي يعاني منها القانون الاجتماعي في المغرب عملت الحكومات المتعاقبة على المغرب منذ فجر الاستقلال على صياغة مشاريع قوانين بدءا من مشروع 56، ثم مشروع 70، فمشروع 83، فمشروع 95، فمشروع 98 لكن لم يكتب لهذه المشاريع أن تنجح وتظهر إلى حيز الوجود نتيجة تغييب المعنيين بالقانون الاجتماعي أثناء صياغتها، أي نقابات العمال وأرباب العمل والقضاة والمحامين ومفتشي الشغل، إلى أن تم طرح مشروع 65.99 الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه وتم نشره في الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 دجنبر 2003 ودخل حيز التنفيذ ابتداء من 8 يونيو 2004.

   وفيما يلي نعرض لبعض مضامين مدونة الشغل فيما يتعلق بنطاق تطبيقها للخطإ الجسيم والسلطة التأديبية التي خولها المشرع لرب العمل والتعويضات التي تنص عليها والمسطرة المتبعة ضمن أربعة محاور.

المحور الأول: نطاق تطبيق مدونة الشغل   نصت المادة الأولى والثانية من مدونة الشغل على مقتضياتها التي يخضع لها كل من يزاول عملا تابعا، أي أن كل من يعمل تحت رقابة وتوجيه رب العمل يحظى بحماية مدونة الشغل كيفما كان شكل رب العمل سواء أكان شخصا ذاتيا يزاول مهنة حرة أو خدمة أو كان شخصا اعتباريا كالشركات والجمعيات والنقابات والمؤسسات التابعة للدولة أو الجماعات المحلية إذا كانت تكتسي طابعا فلاحيا أو تجاريا أو صناعيا.

   لكن المادة الثالثة من المدونة استثنت من الخضوع لبنود هذه المدونة، بعض الفئات من العمال لكونهم يخضعون لقوانين خاصة وهم ست فئات:

   1. أجراء المقاولات والمؤسسات العمومية التابعة للدولة وللجماعات المحلية.

   2. البحارة.

   3. الصحفيون المهنيون.

   4. عمال الصناعة السينمائية.

   5. أجراء المقاولات المنجمية.

   6. البوابون في العمارات.

   كما استثنت المادة الرابعة فئتين لا تخضعان لأي قانون بعلة أنه سيصدر قانون خاص ينظم طريقة اشتغالهما وهما عمال القطاع التقليدي وخدم البيوت.

   وفي هذا الصدد أصدرت محكمة الاستئناف بالقنيطرة قرارا قضى بإلغاء حكم صادر عن المحكمة الابتدائية قضى لفائدة بستاني بتكملة الأجر بعلة أنه يعتبر من خدم البيوت الذين لا تسري عليهم مقتضيات مدونة الشغل، وبالتالي يخضع للاتفاق المباشر حسب تعليل القرار.

   ونحن لا نتفق مع ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في قرارها على أنه ينبغي تفسير خدم البيوت في إطار ضيق يقتصر على من يشتغلون داخل البيت دون السائق مثلا والبستاني إعمالا لقاعدة التفسير الضيق طالما أنه من المستقر فقها وقضاءا أن الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه.

   كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة على أنه يستثنى من نطاق تطبيق المدونة بنص تنظيمي خاص بعض الفئات من المشغلين شريطة أن يكون المشغل شخصا طبيعيا أو أن لا يتعدى عدد الأشخاص الذي يستعين بهم خمسة وألا يتجاوز دخله السنوي خمس مرات الحصة المعفية من الضريبة على الدخل.

   وختاما نصت المادة الخامسة من المدونة على أنه تسري على المستفيدين من التدريب من أجل الإدماج المهني وكذا المستفيدين من التدرج المهني المقتضيات المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية والمقتضيات المضمنة في مدونة الشغل المتعلقة بمدة الشغل، والراحة الأسبوعية والعطلة السنوية وأيام الراحة والأعياد والتقادم.

المحور الثاني: مفهوم الخطأ الجسيم والسلطة التأديبية   مما لا شك فيه أن المشغل باعتباره صاحب المشروع يتمتع بسلطة تأديبية تخوله توقيع الجزاء على الأجير في حالة ارتكابه خطأ أو إخلالا بمقتضيات عقد الشغل معاقبة له وردعا لباقي العمال من اقتراف أخطاء مماثلة حفاظا على المشروع.

   فماذا نقصد بالخطأ المبرر لتوقيع العقوبة التأديبية؟ وما هي مظاهر السلطة التأديبية التي يتمتع بها رب العمل وحدودها؟

1. مفهوم الخطأ الجسيم:

   لم يعرف مشروع مدونة الشغل مفهوم الخطإ الجسيم الذي يبرر إنهاء عقد الشغل دون تعويض وإنما اكتفى بتعداد حالاته في المادة 39 كما فعل ذلك في النص السابق الذي كان ينص على حالات الخطإ الجسيم سواء في النظام النموذجي لـ23 أكتوبر 1948 أو في ظهير 24 أبريل 1973 الخاص بالقطاع الفلاحي.

   وهكذا نصت المادة 39 من مدونة الشغل على أنه:

   تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير:

   – إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة.

   – ارتكاب الأفعال الآتية داخل المؤسسة أو المقاولة.

   – السرقة.

   – خيانة الأمانة.

   – السكر العلني.

   – تعاطي مادة مخدرة.

   – الاعتداء بالضرب.

   – السب القادح.

   – رفض إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر.

   – التغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال الإثني عشر شهرا.

   – إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح.

   – ارتكاب خطإ نتجت عنه خسارة مادية جسيمة للشغل.

   – عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتب عنها خسارة جسيمة.

   – التحريض على الفساد.

   – استعمال أي نوع من أنواع العنف أو الاعتداء البدني الموجه ضد أجير أو المشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة.

   – يقوم مفتش الشغل في هذه الحالة الأخيرة بمعاينة عرقلة سير المؤسسة وتحرير محضر بشأنها.

   فيما تنص المادة 40 من مدونة الشغل على أنه:

   يعد من بين الأخطاء الجسيمة المرتكبة ضد الأجير من طرف المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة ما يلي:

   – السب الفادح.

   – استعمال أي نوع من أنواع العنف أو الاعتداء الموجه ضد الأجير.

   – التحرش الجنسي.

   – التحريض على الفساد.

وتعتبر مغادرة الأجير لشغله بسبب أحد الأخطاء الواردة في هذه المادة في حالة ثبوت ارتكاب المشغل لإحداها بمثابة فصل تعسفي.

   وما يلاحظ على المادتين معا أن المشرع استعمل في المادة 39 عبارة “تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة” كما استعمل في المادة 40 العبارة التالية “يعد من بين الأخطاء الجسيمة” للتأكيد على أن هذه الأخطاء واردة على سبيل المثال لا الحصر مكرسا بذلك اجتهادا للمجلس الأعلى تواتر عليه في عدة قرارات نذكر من بينها القرار عدد 46 الصادر بتاريخ 10/2/86، أي أنه يمكن للقاضي أن يجتهد ويقيس عليها أخطاء أخرى يتعذر معها استمرار العلاقة الشغلية بين الأجير والمشغل بالنظر لانعدام جو الثقة.

   ويجدر التذكير أن الحالة الأخيرة من حالات الخطإ الجسيم التي تنص عليها المادة 39 عرفت تعديلا من طرف البرلمان بحيث إن المادة في المشروع الذي أحالته الحكومة كانت تتضمن العبارة التالية: -للمس بحرية العمل- بما يمكن أنه يوحي أنه حتى الدعوة إلى شن إضراب داخل مؤسسة وهو الحق الدستوري المخول للعمال يمكن أن تكيف من طرف رب العمل بأنها خطأ جسيم ولذلك اشترط المشرع في النص النهائي للمادة 39 أن يتم عرقلة سير المؤسسة باستعمال العنف أو الاعتداء البدني ضد الأجير أو المشغل أو من ينوب عنه.

2. السلطة التأديبية لرب العمل:

   خول المشرع للمشغل سلطة تأديبية نابعة من سلطته الإدارية تخوله توقيع الجزاء على كل من ارتكب خطأ سواء كان يسيرا أو جسيما حفاظا على المقاولة باعتبارها مجموعة أموال وجهد موظفين.

   وهكذا نص المشرع في المادة 37 من مدونة الشغل على أنه:

   “يمكن للمشغل اتخاذ إحدى العقوبات التأديبية التالية في حق الأجير لارتكابه خطأ غير جسيم:

   1) الإنذار، 2) التوبيخ، 3) التوبيخ الثاني أو التوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام، 4) التوبيخ الثالث أو النقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند الاقتضاء، مع مراعاة مكان سكنى الأجير”.

   وقد نص المشرع في المادة 38 من مدونة الشغل على أنه يتعين على المشغل أن يتبع مبدأ التدرج في توقيع العقوبة بحسب خطورة الخطإ المنسوب للأجير مكرسا بذلك اجتهاد المجلس الأعلى.

   أما إذا كان الخطأ المنسوب للأجير جسيما فإنه يمكن لرب العمل أن يفصل الأجير من العمل بدون تبعات.

   وجدير بالذكر أن سلطة رب العمل التأديبية التي تخوله توقيع الجزاء على الأجير ليست مطلقة وإنما تخضع لرقابة القضاء، الذي يراقب مدى ثبوت الفعل المنسوب للأجير وهل فعلا صفة الخطأ سواء كان يسيرا أم جسيما، كما يراقب مدى تناسب العقوبة الموقعة مع الخطإ المرتكب.

   وهكذا نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 42 على أنه تخضع لمراقبة السلطة القضائية القرارات التي يتخذها المشغل في إطار ممارسته سلطته التأديبية.

الإجراءات الشكلية لإنهاء عقد الشغل في حالة ارتكاب الخطإ الجسيم:

   نصت المادة 62 من مدونة الشغل على أنه يتعين على المشغل قبل فصل الأجير المرتكب لخطإ جسيم استدعاء هذا الأجير لإبداء أوجه دفاعه بخصوص الخطإ المنسوب له بحضور مندوب الأجراء أو المشغل القانوني باختيار من الأجير، وتحرر إدارة المقاولة محضرا بذلك، يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه للأجير.

   وفي حالة رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة يتم اللجوء إلى مفتش الشغل، ويجب على المشغل تسليم الأجير مقرر الفصل يدا بيد مقابل وصل أو بالبريد المضمون داخل أجل 48 ساعة من اتخاذ المقرر المذكور طبقا للمادة 43، فيما توجه نسخة منه للعون المكلف بتفتيش الشغل دون أن يحدد المشرع أجلا لذلك في المادة 64.

   وبخصوص مضمون رسالة الفصل فقد نص المشرع في الفقرة الثانية في المادة 64 على أن رسالة الفصل يجب أن تتضمن الأسباب المبررة لاتخاذ القرار وتاريخ الاستماع إلى الأجير تُرفقه بالمحضر المنصوص عليه في المادة 62.

   كما يتعين على المشغل تضمين مقرر الفصل أجل إقامة الدعوى المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 65، وهو تسعين يوما تحت طائلة عدم مواجهة الأجير بسقوط الحق المترتب على إقامة الدعوى بعد مرور هذه المدة.

   لكن ما هو الأثر القانوني المترتب على عدم احترام الإجراءات الشكلية لإنهاء عقد الشغل؟؟؟

   يمكن القول إن اجتهاد المجلس الأعلى استقر على أن إجراءات إنهاء عقد الشغل تكتسي صيغة النظام العام وبالتالي لا يمكن للمحكمة أن تنظر في الأخطاء المنسوبة للأجير من حيث طبيعتها وثبوتها إلا إذا تم احترام الإجراءات الشكلية لفسخ عقد الشغل التي تكتسي طابعا حمائيا بالنسبة للأجير حتى لا يفتري المشغل على الأجير بادعاء أسباب واهية أو تلفيق أخطاء له بغية التخلص منه، وتكريسا لاجتهاد المجلس الأعلى نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 64 على أنه لا يمكن للمحكمة أن تنظر إلا في الأسباب الواردة في مقرر الفصل وظروفه..

   ويفهم من ذلك أن المشرع يحظر على القضاء الاجتماعي بسط ولايته على غير ما ضمن برسالة الفصل فمن باب أولى إذا لم يكن هناك مقرر للفصل أو لم يتم احترام مسطرة الاستماع للأجير وتحرير محضر، أو تجاوز الآجال المسطرة فالأكيد أن الجزاء هو تكييف الفصل بأنه فسخ تعسفي يرتب للأجير كامل التعويضات.

   فما هي التعويضات التي تنص عليها مدونة الشغل في حالة الإنهاء التعسفي لعقد الشغل؟؟؟

المحور الثالث: التعويضات   إن إنهاء عقد الشغل باعتباره تصرفا انفراديا يلجأ إليه المشغل إذا كان مشوبا بالتعسف سواء لسبب شكلي (عدم مراعاة الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في المواد 62 و63 و64 من مدونة الشغل) أو لسبب موضوعي سيرتب الحق للأجير في مجموعة من التعويضات كالتعويض عن الأخطار والضرر والفصل، كما أن المشرع نص على نوع آخر من التعويض في حالة إنهاء عقد الشغل لسبب اقتصادي أو تقني وهو التعويض عن فقدان الشغل.

1. عن الإخطار:

   نصت المادة 43 على أنه في حالة الإنهاء غير المبرر لعقد الشغل يمنح الأجير تعويضا عن الإخطار يحدد بمقتضى النصوص التشريعية أو التنظيمية أو عقد الشغل أو اتفاقية جماعية أو النظام الداخلي أو العرف، على أساس أن لا يقل أجل الإخطار عن ثمانية أيام.

   وبالفعل فقد أصدر السيد الوزير الأول المرسوم رقم 2.04.469 بتاريخ 29 دجنبر 2004 حدد فيه أجل الإخطار على أساس التمييز بين فئتين وهما الأطر والمستخدمون.

   فبالنسبة للأطر حدد المرسوم أجل الإخطار حسب أقدميتهم، فإذا اشتغل الإطار أقل من سنة استحق شهرا واحدا كأجل للإخطار أما إذا تجاوزت مدة الأقدمية سنة إلى خمس سنوات فإن مدة الإخطار هي شهران، وفي حالة الاشتغال لأكثر من خمس سنوات يرفع أجل الإخطار إلى ثلاثة أشهر.

   وفيما يخص العمال والمستخدمين فقد حدد المرسوم أجل الإخطار حسب الأقدمية:

   – أقل من سنة: ثمانية (8) أيام.

   – ما بين سنة وخمس سنوات: شهر.

   – أكثر من خمس سنوات: شهران.

2. عن الفصل:

   نص المشرع في المادة 52 من مدونة الشغل على أن الأجير الذي فسخ عقد شغله بكيفية تعسفية يستحق تعويضا عن الفصل بعد قضائه سنة أشهر من العمل المتصل.

   وجعلت المادة 53 هذا التعويض رباعي على الشكل التالي:

   – أجرة 96 ساعة عن العمل عن كل سنة من الخمس سنوات الأولى من الأقدمية، أي أجرة 480 ساعة.

   – أجرة 144 ساعة من العمل عن كل سنة من الخمس سنوات الثانية من الأقدمية، أي أجرة 720 ساعة.

   – أجرة 196 ساعة من العمل عن كل سنة من الخمس سنوات الثالثة من الأقدمية، أي أجرة 960 ساعة.

   – أجرة 240 ساعة عن كل سنة من الأقدمية فيما إذا فاقت مدة الأقدمية 15 سنة فما فوق.

   وقد نص المشرع في المادة 58 على التعويض عن الإعفاء يضاعف بنسبة 100% فيما إذا تعلق الأمر بمندوب للأجراء وممثل نقابي.

3. عن الضرر:

   يستحق الأجير تعويضا عن الضرر إذا تم تكييف إنهاء عقد الشغل بالتعسف في استعمال الحق يحدد على أساس أجرة شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة على أن لا يتعدى سقف التعويض أجرة 36 شهرا.

   وبذلك تولى المشرع بنفسه تحديد هذا التعويض ووضع حد للسلطة التقديرية التي كانت ممنوحة لقاضي الموضوع الذي كان يستقل بتحديد التعويض عن الطرد التعسفي آخذا بعين الاعتبار مجموعة من العناصر من قبيل سن الأجير وأقدميته والعرف وطبيعة الخدمات وكل الظروف التي تبرر وجود خسارة وذلك عملا بمقتضيات الفصل 754 من قانون الالتزامات والعقود.

4. عن فقدان الشغل:

   هذا النوع من التعويض الذي نص عليه المشرع يكتنفه الغموض والإبهام فيما نصت الفقرة الأخيرة من المادة 53 من مدونة الشغل على أنه:

   ويحق للأجير أن يستفيد أيضا، وفقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل من التعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية.

   في حين نصت المادة 59 على أنه:

   “يستفيد الأجير عند فصله تعسفيا من التعويض عن الضرر والتعويض عن أجل الإخطار المنصوص عليهما على التوالي في المادتين 41 و51 أعلاه كما يستفيد من التعويض عن فقدان الشغل”.

   فهذا الغموض الذي يكتنف المادتين جعل مجموعة من التساؤلات تطرح في هذا الشأن خاصة وأن المشرع لم يحدد مقدار هذا التعويض والجهة الذي ستتكلف بأدائه.

   فجانب من الفقه ذهب إلى أن هذا التعويض يمنح في حالة الفصل لأسباب اقتصادية وتقنية بعد أن يصدر نص تنظيمي يحدد رغم عدم وجود إحالة في مدونة الشغل.

   في حين دفع مجموعة من المحامين أمام المحاكم بأن المشرع حدد أربعة أنواع من التعويضات في حالة التعسف في إنهاء عقد الشغل متمسكين بمقتضيات المادة 59 السالفة الذكر.

   وبنظرنا فإن التعويض عن فقدان الشغل لا يحق للأجير إلا إذا كان سبب إنهاء عقد الشغل اقتصاديا أو تقنيا ويبقى على المشرع أن يتدخل بتعديل ليحدده، بدليل أن المشرع حدد مختلف التعويضات من تعويض عن الأخطار والفعل هو الضرر فيما لم يحدد عناصر تقدير تعويض فقدان الشغل وهذا ما يستشف من مفهوم المخالفة من المادة 61 من مدونة الشغل الذي جاء فيها:

   “يمكن فصل الأجير، دون مراعاة أجل الإخطار، ودون تعويض عن الفصل، ولا تعويض عن الضرر عند ارتكابه خطأ جسيما”.

   بمعنى أنه إذا لم يرتكب الأجير خطأ جسيما يبرر إنهاء الشغل فإنه يستحق تعويضا عن الإخطار والفصل والضرر دون التعويض عن فقدان الشغل الذي لم يذكره المشرع في هذه المادة.

   ويبقى ما ذكره المشرع في المادة 59 السالفة الذكر مجرد خطإ مادي فعوض أن يذكر المشرع التعويض الفصل المنصوص عليه في المادة 52، 53 من المدونة نص خطأ على التعويض عن فقدان الشغل.

   وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية في حكم حديث لها سنة 2005 حيث أكدت أن التعويض عن فقدان الشغل لا يمنح إلا حالة انتهاء عقد الشغل لأسباب اقتصادية أو تقنية.

المحور الرابع: المسطرة   إذا تم إنهاء عقد شغل الأجير بكيفية تعسفية يمكن له قبل رفع الدعوى سلوك مسطرة الصلح التمهيدي أمام السيد مفتش الشغل وذلك عملا بمقتضيات المادة 41، 532 من مدونة الشغل من أجل الرجوع للعمل أو الحصول على التعويض.

   وفي حالة حصول اتفاق على التعويض يوقع على توصيل استيلام التعويض من طرف الأجير والمشغل أو من ينوب عنه ويصادق على صحة إمضائه ويوقع بالعطف من طرف مفتش الشغل ويعتبر هذا الصلح نهائيا.

   وفي كل الأحوال يتعين على العامل إقامة دعوى التعويض خلال أجل 90 يوما من تسليم مقرر الفصل تحت طائلة سقوط الحق شريطة تضمين هذا الأجر في مقرر الفصل، وذلك خلافا للمقتضيات المنصوص عليها في النظام النموذجي لسنة 1948 الذي كان ينص على إقامة دعوى خلال أجل شهر من الطرد لطن دون أن يرتب المشرع على ذلك أجلا وهو جعل المجلس الأعلى يذهب آنذاك في عدة قرارات إلى أن إقامة الدعوى خارج أجل الشهر تأثير له على صحتها.