طرحت سؤالا أراه اليوم قد أصبح ملحا، سؤالا يقتضي الجواب، وحتى السكوت عنه يعتبر جوابا بليغا.
هذا السؤال استوحيته هذه الليلة، أقصد ليلة الجمعة 18 جمادى الأولى من سنة 1446هجرية الموافق لـ22 من نونبر 2024 بالتاريخ الميلادي، حيث زَفَّت المحكمة الجنائية الدولية حكمها بإلقاء القبض على مجرمي الحرب (الفرعون النتن ياهوه وهامانه ݣالنت).
وجهت المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس اتهامات له ولوزير دفاعه السابق يوآف غالانت بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأصدرت بحقهما مذكرتي اعتقال.
وقالت المحكمة الجنائية الدولية إن هناك “أسبابا منطقية” للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وأضافت: إن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية، والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.
هذه مقدمة أراها مناسبة للتمهيد لسؤالي الموجه لأصحاب القرار في بعض الدول العربية ومنهم بلدي، إذ غرر بهم من طرف الكيان الصهيوني الغاصب لتوقيع اتفاقية التطبيع والتي كان لها وقع أقل ما يقال عنه أنه كارثي على جميع الأصعدة والمستويات، حتى لم يبق مجالا للشك أن البلدان تورطت في مستنقع التطبيع مع سبق الإصرار والترصد، وقد نبه لخطورة التطبيع مع الكيان المجرم كثير من الساسة الشرفاء ومن السادة العلماء والفقهاء والإعلاميين الذين ما فتئوا ينددون ويشجبون ما أقدم عليه مسؤولو هذه الدول الذين غرهم الشيطان الصهيوني وزين لهم أعمالهم وأغراهم بالتقدم والازدهار وبشرهم بالتنمية، فحسبوا السراب ماء حتى إذا وقَّعوا لم يجدوه كذلك ووجدوا التيه والخزي والعار والصغار والتخلف والجفاف والبطالة والجهل والمرض… والقائمة طويلة.
قلت: بعد صدور هذا الحكم من طرف محكمة جنائية دولية، وبالإجماع على أن هذا الكيان مجرم وإن كنا قد ارتمينا عُميا وصمّا وبُكما في حضنه.
هذا مفهوم الحكم مادام منطوقه تجريم الحاكم النتن ياهو، وبالتالي يسري على الكيان اللقيط ما حكمت به المحكمة باعتبار أن الكيان عن بكرة أبيه (ولا أب له) ارتكب إبادة جماعية لشعب أعزل، ومازال يرتكب تلك الجرائم البشعة وبأساليب همجية بربرية بشعة جعلت العالم بأسره يقف مشدوها متحسرا على ما يرى وما يسمع من الرجس الصهيوني القذر.
وقد أضحى الكيان اللقيط منبوذا أينما حلَّ أو ارتحل تلاحقه لعنة الأطفال الخدَّج والنساء والشيوخ الذين تجاوز عدد الشهداء منهم خمسين ألف شهيد، أصبح الكيان اليوم كالمصاب بالجذام والناس تفر من المجذوم كما تفر من لهيب النار.
وعليه:
– كل المعاهدات والمواثيق التي أبرمت تعتبر باطلة بقوة القانون وتفسخ وتعتبر كأن لم تكن، كالمجرم السارق الذي يسقط في يد العدالة فيتم تجريده من المسروق، والحجز على كل أمواله وكل ممتلكاته باعتبار أنه تحصل عليها بشبهة.
– استنادا على حكم المحكمة الجنائية الدولية يجب ملاحقة كل المتورطين في جرائم الإبادة والذين يقصدون بلدي المغرب إذ يعتبرونه بلدهم الثاني ووجهتهم المفضلة، وتقديمهم للعدالة بتهمة المساهمة والمشاركة وحتى التحريض على جرائم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
– تجريد الذين ثبت تورطهم في العدوان من الجنسية المغربية، فهم مجرمو حرب لا يستحقون شرف هذه الجنسية وإن كان أباؤهم أو أجدادهم يحملون جنسية المغرب.
– المسارعة في الإعلان عن موقف مشرف كما صنعت بعض الدول الأوروبية (إيرلندا، إسبانيا…) والخروج من الصمت في إطار التفاعل الإيجابي مع مخرجات أحكام وقرارات المحكمة الجنائية الدولية.
– منع كل السفن والبواخر المتجهة نحو الكيان، سواء كانت محملة بالأسلحة أو بالمؤن، من الرسو بموانئ الوطن، لأن ذلك يعتبر من باب التستر على المجرمين القتلة الملطخة أيديهم بدماء الشهداء.
وختاما هل ستدفع مذكرة الاعتقال هذه الأنظمة المطبِّعة إلى التراجع عن تلك الاتفاقيات المشبوهة مع الكيان المجرم حسب منطوق ومفهوم حكم المحكمة الجنائية الدولية؟