2- تعريف المحاضرة
قال الراغب: وحاضرته محاضرة وحضارا إذا حاججته، من الحضور كأنه يحضر كل واحد حجته)، والمحاضرة: المجادلة، وهو أن يغالبك على حقك فيغلبك عليه ويذهب به… ورجل حضر: ذو بيان)، وحاضر القوم: جالسهم وحادثهم بما يحضره، ومنه: فلان حسن المحاضرة. و_ألقى عليهم محاضرة). يتبين أن المحاضرة قديما كانت تأخذ معنى المحاججة والمجادلة، فيثبت المحاضر أحقية وصواب رأيه مغالبة لمخالفه باعتماد البيان القائم على الحجج والأدلة، لكن المعنى الذي ألبس لها حديثا وأصبح معروفا عند الخاصة والعامة هو الإلقاء من المحاضر في جمهور الناس، يقول د. علي الحمادي: هي اتصال باتجاه واحد يقوم به المحاضر قصد توصيل معلومات أو مفاهيم معينة إلى جمهور الحاضرين، وتعنى بالعقل والعاطفة مع تركيزها على الجانب العلمي المنهجي التحليلي.)
3- كيف تعد محاضرة؟
ما قبل الإلقاء
يشكل الإعداد الجيد للمحاضرة عاملا مهما في نجاحها وعاصما من الارتجالية، وهو لا يعني تجميع الأفكار والمعلومات حول موضوعها بل هو نظمها وإضفاء صبغة ذاتية عليها. يقول دايل كارنيجي: إن الإعداد يعني التفكير والاستنتاج والتذكر واختيار ما يعجبك وصقله وتلميعه وجمعه في وحدة فنية من صنعك الخاص). ويشمل الإعداد الجوانب النفسية والعقلية والبدنية.
3-1- الاستعداد النفسي
– إخلاص النية لله والاستعانة به والتبرؤ من الحول والقوة إليه. قال الشاعر:إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأول ما يجني عليه اجتهاده
– صلاة الحاجة وسؤال الله التوفيق، قال تعالى: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي سورة طه:25-28.– الثقة بالنفس من غير اغترار ولا شعور بالنقص والعجز، فالإيحاء الإيجابي للذات بقدرتها على الإلقاء يكسب الثقة بالنفس.
– التفاؤل بالنجاح فهو يحفز على العطاء ويطرد الخوف والارتباك.
– الحضور المبكر لقاعة العرض للتعرف على حجمها والتواصل مع بعض الحضور والتهيئ للإلقاء بعد التعرف على الوقت المخصص له.
3-2- الاستعداد العقلي
ويقصد به إعداد المادة العلمية موضوع المحاضرة، ويمر بمراحل:
– تحديد المحاضر الموضوع بدقة متناهية.
– استحضار ما يعرف عنه من أفكار ومراجع وتسجيلها.
– البحث عن المراجع والاطلاع على أكبر قدر منها مما له التصاق وثيق بالموضوع.
– انتقاء الأفكار والمعلومات وتسجيلها في بطاقات.
– حسن التصميم للموضوع: إن الموضوع المتقن هو الذي يتألف من عنوان مناسب ومقدمة بارعة وعرض متماسك متناسقة محاوره وخاتمة حاذقة.
* العنوان: صياغته بدقة على شكل سؤال أو بكلمات قليلة ومثيرة وهادفة تعكس الموضوع في أبعاده أو في بعده الأساسي.
* المقدمة: تكون بقصة أو تجربة واقعية أو حقيقة مسلم بها، وثيقة الصلة بالموضوع، داعية إلى التفكير فيه غير مثيرة للانتقاد، ويحسن عرضه في إطاره العام ثم تخصيصه، وإطلاع الحضور بنقاطه الأساسية فهذا الأمر يوحي للحضور أن محاضرتك مطبوعة بالدقة والتنظيم، وهذا يحذوهم على الاقبال عليك والإصغاء إليك).
• العرض: اعتماد فقرات قصيرة ومركزة، كل فقرة معنونة بعنوان واضح، وتضم معلومات وأفكار مدعمة بأدلة مقنعة وأرقام وإحصائيات ناطقة – إن دعت الضرورة إلى إيرادها -، مع ترتيبها وترقيمها. وإن كان الموضوع يعالج الواقع فحري بالمحاضر أن يقرب المثال من الواقع ويجعل الواقع يعانق المثال. ومن الضروري تحديد وسيلة العرض وتجريبها قبل بدئه.
• الخاتمة: تضمينها النتائج والثمرات المستخلصة أو تأكيدها حقائق معينة، وفتحها على موضوع جديد.
ويراعى في إعداد المادة العلمية الأمور التالية:
– تحديد طبيعة الحضور المستهدف في مستواه الاجتماعي والثقافي وميولاته وقناعاته.
– وضع أهداف تروم مخاطبته بشكل يضمن التواصل الفعال معه ولم لا إقناعه بقناعتك الفكرية والعلمية أو الحركية.
– استشارة أهل الاختصاص في الموضوع والاسترشاد بتوجيهاتهم.
– تحرير المادة العلمية تحريرا سليما مبنى ومعنى، فليس شيئا يحط من شأن المحاضر أكثر من اللحن في اللغة والركاكة في الأسلوب.
– التدرب على الإلقاء كتابة أو تسميعا من الذاكرة، فكلما تكرر منك التمرين كان انسياب المحاضرة من فمك واندماجك معها يوم التقديم الواقعي أقل كلفة وأكثر طبيعية)، ويمكن تسجيلها في شريط لتقويم الذات ومناولتها للآخرين للمساهمة في ذلك.
– وضع خطاطة ملخصة للموضوع أو تدوينه على شكل رؤوس أقلام تذكر بالتفاصيل وتعصم من الخروج عنها إلى الاستطرادات والحشو الزائد.
– إعداد معلومات وأفكار احتياطية يتوقع إثارتها أثناء المناقشة.
3-3- الاستعداد البدني
يعتبر الاستعداد العقلي للمحاضرة العامل الأهم في نجاح الإعداد، لكن الاستعداد البدني للإلقاء لا يقل أهمية، وقد يكون له الكلمة الحاسمة في نجاحها، ويتحقق:
– بأخذ قسط كاف من الراحة، فالإرهاق يفقد التركيز ويتلف الترتيب الذهني للموضوع في العقل.
– الاغتسال قبل الإلقاء لبعث الحيوية والنشاط في الجسم، ولا بأس أن يكون بعد القيام برياضة خفيفة أو مشي.
– عدم الإسراف في الأكل والشرب، وتجنب المشروبات الباردة، فالحنجرة رأسمال المحاضر.
– التجمل في اللباس والتطيب بالطيب.