4. كيف تلقي محاضرة؟
لا يقف الإلقاء الناجح عند حدود التحدث إلى المستمعين فحسب، بقدر ما يتعدى ذلك إلى مخاطبة عقولهم والنفاذ إلى قلوبهم من خلال حسن عرض الموضوع بتوظيف العقل والجسد والشعور.
1-4- المحاضر وحسن العرض للموضوع
– افتتاح الإلقاء بالبسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– الترحيب بالحضور والتعبير عن السعادة بلقائهم.
ترك التنقيص من الذات كالقول مثلا: أنا لست محاضرا ولكن…
– الاستهلال بمقدمة محكمة.
– عرض الموضوع والحرص على دقة معلوماته وقوة حجيتها وتسلسلها المنطقي، وفي حالة نسيان نقطة أو القفز عليها يحسن تحويل مجرى الحديث بطريقة لا يحس معها الحضور بحصول ارتباك.
– تجنب قراءة المحاضرة من الورقة أو حفظها حفظا حرفيا، فمن سمات المحاضر الناجح أن يعتدل بين القراءة والعرض من الذاكرة، ضمانا لشهادة الحضور له بالكفاءة والأهلية.
– حسن إدارة الوقت المخصص للعرض بتوزيعه على نقاطه حسب الأهمية.
– التوظيف الصحيح لوسيلة العرض إن استعملت الأجهزة السمعية البصرية، الشرائح، السبورة الثابتة والمتحركة، اللوحة الورقية…) 1 .
– مخاطبة الحضور على قدر عقولهم وبما يراعي مداركهم.
– فصل الخطاب ووضوح الكلام بما يحقق الإفهام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه” 2 ، وعن أنس رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه…” 3 .
2-4- المحاضر ولغة الجسد
الرأس: تحريكه بشكل ينسجم مع الكلمات المنطوقة.
العين: توزيع النظرات على جميع الحاضرين بشكل منتظم وعادل، يقول د. هشام الطالب: لا تلق بنظرك فوق رؤوس الجمهور وتجنب النظر في الفراغ والتركيز على نقطة واحدة أو مجموعة معينة فقط) 4 .
الفم: مراعاة سلامة اللغة، وتجنبُ الكلمات الساقطة والجارحة، وتخليلُ الحديث بوقفات لمدد قصيرة بعد شرح النقاط المهمة لإتاحة الفرصة للحضور من أجل استيعاب أفضل .
الصوت: أن يكون بقدر يتحقق به الإسماع، مع تغيير نبرته ارتفاعا وانخفاضا وتفاعلا مع طبيعة الكلام ونوعيته؛ ذلك أن المحاضر الذي يعتمد نغمة واحدة طيلة وقت العرض يُمِلُّ الحضور ويذهب بتركيزهم. واستخدام جهاز التسجيل يساعد على ضبط النغمة الصوتية والتحكم فيها.
الأذن: عدم المبالاة بالمشوشات كالالتحاق المتأخر لبعض الحضور…
اليد: تناسق الحركات والإشارات مع الكلام.
الرِّجل:عدم تحريكها كثيرا، فإصدارها صوتا يشوش على الحضور.
3-4- المحاضر والتفاعل مع الموضوع
تضفي شخصية المحاضر بصمة إيجابية وتترك أثرا حسنا في نفوس المستمعين إن تحلت بالإخلاص في العرض والحماس للفكرة، يقول د. هشام الطالب: وإنه لأمر جوهري أن ينقل جسم المتحدث وصوته وتعبيراته شعورا بالاهتمام واللهفة والحماسة تجاه الموضوع المطروح) 5 ، وما أروع التعبير الذي عبر به سيد قطب رحمه الله عن حرارة التبليغ للمبادئ والأفكار قال: إن المبادئ والأفكار في ذاتها – بلا عقيدة دافعة – مجرد كلمات خاوية أو على الأكثر معان ميتة!… لن يؤمن الآخرون بمبدأ أو فكرة تنبت في ذهن بارد لا في قلب مشع.)آمن أنت أولا بفكرتك، آمن بها إلى حد الاعتقاد الحار!عندئذ فقط يؤمن بها الآخرون!! وإلا فستبقى مجرد صياغة لفظية خالية من الروح والحياة!) 6
إن فراغ المحاضر من إلقاء محاضرته لا يعني انتهاء عرضه لأفكاره وقناعاته، بل تشكل فترة المناقشة فرصة قَمينٌ به اغتنامها لاستكمال تحقيق الأهداف التي رسمها سلفا، إنها التواصل الأخير الذي له الدور الحاسم في تحديد انطباع المستمعين واقتناعهم بما عرض.
[2] رواه ابو داود (4839) وسنده حسن.\
[3] رواه البخاري 1/169-170.\
[4] دليل التدريب القيادي، د،هشام طالب، دار الأمان، الرباط – المغرب، ط 1416 ه – 1996 م، ص 157.\
[5] المرجع نفسه، ص 160.\
[6] أفراح الروح، سيد قطب، ، دار ابن حزم، ط 1413 ه- 1993 م، ص 24.\