إن الحديث عن الإسراء والمعراج، حديث عن معجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، التي كانت محطة في التاريخ الإسلامي، على المستوى التعبدي والتشريعي، الذي نستخلص منه دروسا وعبرا ودلالات تجعلنا نستشعر عظمة هذا الحدث في حياة المسلم وما يتبعه من تطبيق عملي على أرض الواقع.
سند الإسراء والمعراج
ثبت الإسراء والمعراج في جميع مصنفات الحديث، وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام، فهو المتواتر بهذا الوجه، ورواه عشرون صحابيا منهم أنس بن مالك رضي الله عنه.
عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: “أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى بصره، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء. قال: تم دخلت فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة”.
العبر والدلالات
1- الإسراء والمعراج معجزة ربانية وتمثل للارتباط بالله عز وجل في أعلى وأشرف مقام وهو مقام العبودية لله رب العالمين، انطلاقا من قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده، وأطلق عليه صفة “العبد” لأنها أشرف مقام حتى ولو بلغ إلى السموات العلى، قال الإمام القشيري رحمه الله: لما رفعه الله إلى حضرته السنية، وأرقاه فوق الكواكب العلوية، ألزمه اسم العبودية تواضعا للأمة).
وقال الإمام القاضي عياض رحمه الله شعرا:
ومما زادني شرفا وعزا ** وكدت بأخمصي أطأ الثريادخولي تحت قولك يا عبادي ** وأن صيرت لي أحمد نبيا
2- أن ملكية بيت المقدس ومفاتحة بيد المسلمين.
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى بجميع الأنبياء والمرسلين وأمهم ببيت المقدس، دلالة على أن مسؤولية البيت تقع على عاتق المسلمين.
3- الإسراء والمعراج تشريع لمعراج الأرواح في الصلاة.
فكما عرج برسول الله إلى السموات العلى، كذلك المؤمن يعرج به في صلاته التي فرضت في السموات العلى دون الأركان الأخرى، دلالة على علو المرتبة، وكانت خمسون صلاة فخفف الله عن عباده وجعلها خمسا في العدد وخمسين في الأجر.
4- الإسراء والمعراج تعظيم لمكانة الرسول صلى الله عليه وسلم.
بحيث وصل إلى مكان لم يصل إليه الأنبياء المرسلون ولا الملائكة المقربون؛ إلى مقام قال فيه جبريل عليه السلام “إن تمر تخترق وإن أمر أحترق” فكان هذا سبب في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى على الملائكة كما قال بعض أهل العلم.